حيث المداخن تزرع السكينة، فوح فطائر الفجر، بكاء الرُضّع اللاّمتناهي، آهات نساء الرابعة صباحا، هدوء العجائز المتيقظات... من ينام في الليل؟ والليل في «الحاسي» قطعة من الحياة؟ في البرّيّة: العرعر، الأكاسيا، السعتر الجبلي، «الحرمل»، شجيرات الدفلى... إنها تنتفض في الضباب. الكلاب الوحيدة في الليل. الأحمرة المستلقية في البطحاء. الخيول الرابضة في الاسطبلات بين الروث والخشب. الفئران وحدها تحمل الليل إلى المغاور. رائحة النوم، أكداس التفاح، أرض الحوش الحجرية... «عرجونة بنت العيد» تستعد للزواج عند الساقية، غزل البهائم، حصص التعارف تنشب بين الكلاب النابحة. لِمَ تعودين وحدك أيتها الخراف؟ «البوكشّاش» يتسلق الجدران عراك القطط تحت التين والطبول المدوية. لا أحد ينام ليلا. راعية تتلمس أصابع فلاحها في ضوء القمر تحت الحجارة طفلة تبكي. لم يحملوها إلى حمام يوم الخميس. طفل يرابط أمام البغل منتظرا موكب سوق الجمعة. والرعاة...؟ اشربي... اشربي فأنت لا تعرفين معنى حياتي القديمة. «الحاسي»: أرض في ريف سبيبة. «البوكشاش»: حيوان زاحف في الدراجة التونسية.