سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحوار الاجتماعي هو حجر الأساس لإنجاح الانتقال الديمقراطي كلمة الأخ حسين العباسي
الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل
في الندوة الثلاثية لإطلاق مشروع الحوار الاجتماعي
السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة المؤقتة. السيدة مونكا دي كونانك وزيرة العمل البلجيكية. السيد خليل الزاوية وزير الشؤون الاجتماعية. السيد موسى عومارو رئيس قسم العلاقات المهنية والعلاقات الشغلية صلب منظمة العمل الدولية. السيدة وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية. السيدات و السادة حضرات المشاركات والمشاركين، يسعدني بداية أن أتوجه إليكم بالتحية والاحترام معربا عن سعادتي بالمشاركة معكم في هذه الندوة الثلاثية لإطلاق مشروع الحوار الاجتماعي، واني اعتقد جازما بان هذا المشروع على غاية من الأهمية إذ سيسمح لنا بفتح فضاءات لتبادل الرؤى والأفكار من أجل قيام علاقة جديدة في إطار عقد اجتماعي بين أطراف الانتاج الثلاثة في مرحلة أولى ثمّ في مرحلة لاحقة ومن خلال ميثاق مجتمعي بين الدولة وبقية مكوّنات المجتمع من أحزاب سياسية ومنظمات مهنية وجمعيات مدنية وجماعات محلية وذلك وفق فلسفة سياسية واجتماعية واقتصادية تقطع مع ممارسات الماضي وتؤسّس لذهنية جديدة قوامها تكامل المصالح وتقاسم الأدوار والتضحيات والتمشّي التشاركي في صياغة القرار. السيدات و السادة لقد لعب الاتحاد العام التونسي للشغل دورا رياديّا وحاسما في انتصار إرادة الشعب وسقوط الدكتاتورية من خلال تأطيره لمختلف التحركات والنضالات، وواصل جهوده إبان الثورة في اتجاه تحقيق أهدافها في الحرية والكرامة، ومازال الاتحاد متمسكا بتلك الأهداف، متطلعا إلى تحقيقها بالعمل المشترك النزيه والمسؤول مع مختلف الأطراف وفي إطار عال من الوعي بدقة المرحلة ودون أن يتغافل عن مصالح منظوريه من الأجراء وعن مصالح الشغالين عموما. السيدات و السادة لا يخفى عليكم حجم وثقل التحديات التي تواجه بلادنا أمام تفاقم نسب البطالة خصوصا في صفوف الشباب إضافة إلى تنامي نسب الفقر وتفاقم الفوارق بين الجهات في مجال الاستحقاقات ذات العلاقة بالتنمية والعمل اللائق والعيش الكريم. كما لا يخفى عليكم أن مجمل هذه التحديات تفرض علينا اعتماد منوال تنموي جديد قادر على امتصاص النسب المرتفعة من العاطلين عن العمل وعلى تحقيق الانتعاشة الضرورية عبر تطوير اقتصاد مبني على المعرفة والابتكار وذو قدرة تنافسية وقيمة مضافة عالية. السيدات و السادة إنّ مسار الانتقال الديمقراطي لا يكتمل في اعتقادنا إلا بربط الإصلاحات الاقتصادية بإصلاحات اجتماعية مكرّسة لمفهوم العمل اللائق وقائمة على احترام المبادئ الأساسية المنصّص عليها في معايير العمل الدولية وهذا ما يدفعنا تحديدا إلى الحرص على تنزيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية بالدستور الجديد كالحقّ في العمل اللائق والحقّ في الدخل اللائق والحقّ في الحماية ضدّ المرض والعجز والشيخوخة والحقّ في تحسين المسار المهني عبر التكوين والتعلّم مدى الحياة والحقّ في التأمين ضدّ التسريح الجماعي والحقّ في التنظّم وحريّة التفاوض والتعبير إلخ... ولا يسعني في مثل هذه المناسبة إلاّ أن أذكّر بدعوات الاتحاد العام التونسي للشغل المتكرّرة على امتداد العقدين الأخيرين بضرورة مرافقة الاصلاحات الهيكلية المكرّسة للمرونة والهشاشة بمنظومة حمائية تؤمّن ضدّ البطالة وتساعد على إعادة الإدماج المهني من ذلك دعوتنا إلى إحداث صندوق للتأمين على فقدان مواطن الشغل لأسباب اقتصادية وفنّية نعتقد أنّه آن الأوان لتجسيده على أرض الواقع. ومن ذلك أيضا دعوتنا لمراجعة السياسة الجبائية في اتجاه إقرار مزيد من العدل والإنصاف. السيدات و السادة إن للاتحاد العام التونسي للشغل قناعة راسخة بان في إطار من التوافق والتشاور ومراعاة مصالح مختلف الأطراف. ونحن متفائلون بما توفّقنا إليه مع شريكنا الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والحكومة من اتفاق حول أهميّة الحوار الاجتماعي وضرورة مأسسته واستمراريته. وتجسيدا لهذا التمشّي بادرنا في سابقة هي الأولى من نوعها إلى تكوين لجنة عمل قارة للحوار الاجتماعي أوكلت لها مهمّة دراسة كلّ الموضوعات ذات الاهتمام المشترك والتي لها علاقة بالشأن الاجتماعي والاقتصادي في خطوة إلى صياغة العقد الاجتماعي المنشود. السيدات و السادة إن الاتحاد العام التونسي للشغل ومن منطلق مسؤولياته التاريخية ووعيه بدقة المرحلة يجدّد تمسكه بالحوار الاجتماعي ويرى أنّ تقدّمنا في إرساء عقد اجتماعي جديد بين أطراف الانتاج الثلاث مسؤولية تاريخية مشتركة تقتضي توفر الإرادة الصادقة وروح التعاون البنّاء وحسن النيّة بين جميع الأطراف. كما يعتقد أنّ التقدّم في إرساء هذا العقد يمثّل خطوة مهمّة ولبنة أساسية في اتجاه التوصّل إلى صياغة ميثاق مجتمعي جديد بين مختلف مكوّنات المجتمع يستجيب لاستحقاقات المرحلة وتحدياتها ويضمن الانتقال الديمقراطي والاستقرار والتوازن الاجتماعي. أجدد شكري لمختلف الشركاء ولكل من يساهم في بلورة هذا المسار الهام وخصوصا الحكومة البلجيكية ومنظمة العمل الدولية ومكتبها بتونس.