بقاعة أحمد التليلي بدار الاتحاد انتظمت يوم السبت المنقضي مائدة مستديرة حول وضع المرأة العاملة داخل الاتحاد العام التونسي للشغل منذ 1947 الى مؤتمر المنستير، نظمها قسم المرأة والشباب العامل والجمعيات وحضرتها العديد من الوجوه النقابية النسائية من مختلف القطاعات وكذلك الكثير من الاخوة النقابيين. الاخت منجية الزبيدي منسقة المكتب الوطني للمرأة العاملة استهلّت هذا اللقاء مشيرة إلى ان النقابيات والنقابيين اليوم يلتقون لاستذكار نضالات النساء منذ 1857 في مختلف أرجاء العالم كما يلتقون للاحتفاء بالمرأة العاملة داخل الاتحاد العام التونسي للشغل، وقد أضافت ان المكتب الوطني للمرأة العاملة اختار أن يكون احياء ذكرى 08 مارس تحت شعار «شراكة في النضّال شراكة في مواقع القرار» من أجل التركيز على ضرورة تباحث السبل الكفيلة بإيصال المرأة الى مواقع القرار داخل المنظمة، هذه المواقع التي بقيت ابوابها مغلقة دون المرأة منذ المؤتمرات الاولى للاتحاد. الأخ المنصف اليعقوبي الامين العام المساعد المسؤول عن قسم المرأة والشباب العامل والجمعيات، رحّب في كلمته بضيوف الندوة في دارهم واشار إلى أن العادة جرت بإقامة تجمّع عمّالي في ذكرى اليوم العالمي للمرأة ولكن ما لاحظناه من أنّ إقبال المرأة على المشاركة فيه ليس تلقائيا بل أحيانا تتم مغالطة العاملات عبر ترغيبهن في الحضور بترويج أسباب غير صحيحة للاجتماع، وهو أمر غير مقبول ونحن في هذا القسم رأينا ان نسلك سياسة مغايرة منذ هذه السنة من أجل كسب مشاركة تلقائية للنساء في العمل النقابي عبر الاهتمام بمشاكل المرأة ومراعاتها. وفي هذا الاطار ومن أجل حسن سير العمل داخل القطاعات وداخل الجهات وبعد تجديد جل المكاتب الجهوية للمرأة العاملة رأينا في إطار توجه جديد ان ندعّم مختلف الهياكل بالفعل النضالي النسوي عبر تطعيمها بدماء جديدة من خلال اقرار انشاء مكاتب قطاعية جهوية للمرأة العاملة وذلك بغاية بلوغ هدفين على الأقل نرمي إليها داخل القسم: أولهما توفير الكثافة النسائية للعمل النقابي وثانيهما أن يتمّ انتخاب مكاتب المرأة بشكل مباشر من قبل النساء، ولا يمكن ان نقول أن هذا الامر سيتمّ دون صعوبات فقد وجدنا بعضها بل الكثير منها حتى تمكنا من شبه ضبط لعدد المنخرطات في كل قطاع... وقد ختم الاخ اليعقوبي كلمته بالاشارة الى ان الاتحاد العام التونسي للشغل هو دار للنساء والرجال معا ومع بعض الاصرار سنصل الى ما يعزّز مكانة المرأة داخله، ثم فسح المجال للاخ عبيد البريكي المسؤول عن قسم التكوين النقابي ليلقى مداخلة حول وضع النساء داخل الاتحاد منذ 1947 الى 2007 . الأخ البريكي استهل مداخلته بتوجيه تحية لكل المناضلات والمناضلين في العالم: في العراق وفلسطين ولبنان وأمريكا اللاتينية... ثم انطلق في استعراض وضعية المرأة داخل الاتحاد العام التونسي للشغل من خلال التقارير الاقتصادية والاجتماعية التي انجزها الاتحاد خلال سنوات 1954 1977 1984 2001 طارحا سؤالا مركزيا هو هل ثمّة انسجام بين العناية بواقع المرأة العاملة ومشاركتها في التسيير وماهي العوامل المؤثرة في هذا الانسجام او التناسب من عدمه؟ ثم ومن اجل تجذير بحوثه قام الاخ عبيد البريكي بالعودة الى فكر المصلح الطاهر الحداد خلال ثلاثينات القرن العشرين مستعرضا العلل التي رصدها الحداد لمجتمعه وتصوّره عن تجاوزها ثم انطلق في تناول قضايا المرأة كما وردت في التقارير مستخلصا ان قضايا المرأة كانت حاضرة منذ 1946 داخل الاحاد العام التونسي للشغل اين اهتم النقابيون بضرورة تحسين ظروف المرأة عبر المطالبة بالترفيع في المنحة العائلية. وهي مطالبة بتأجير وظيفة المرأة الاجتماعية، ثم رصد مطالب تدعو للاهتمام بالتكوين المهني من اجل حماية المرأة من الانحراف ومن الاستغلال كما اشار الى وجود مطلب المساواة الكلية بين الجنسين في الشغل. ثم وفي المؤتمر الرابع للاتحاد سنة 1951 رصد الاخ البريكي كيف تكرّس الحضور الفعلي للمرأة داخل المنظمة من خلال انتخاب الاخت شريفة المسعدي بواقع 292 صوت من 400 صوت وكان ذلك بحضور 25 نائبة. وفي المؤتمر 14 سنة 1977 تكثفت المطالبة بتقنين انخراط المرأة في العمل في انسجام مع السياقات الاقتصادية للبلاد، وفي 1984 تنامت الدعوات لمصادقة تونس على كل الاتفاقيات الدولية لحماية المرأة العاملة كما طرح سؤال المرأة والثقافة. أمّا تقرير 2001 فقد ركّز على الواقع الاقتصادي الليبرالي في هشاشته ومرونته كما استعرض العقليات السائدة التي تصرّ على رفض المرأة عبر اقصاءها وتهميشها. وفي المحصلة يمكن اعتبار ان قضايا المرأة كانت حاضرة في مختلف المحطات النقابية وكانت قاسما مشتركا في كل التقارير الاقتصادية والاجتماعية. وقد انتهى الاخ البريكي الى ان واقع المرأة وثيق الصلة بمكوّنات المجتمع وخصائصه وهو مرتبط بصيرورة سوق الشغل وبالسياق الاقتصادي العام.. ولكن لماذا تبقى المرأة خارج سلطات القرار اين العلل هل هي علل ذاتية لدى النقابيات انفسهن هل هي العقلية السائدة هل هو الخلل في التنظيم النقابي ام في آليات وعمل اللجان ام ان الخلل نتاج كل هذا مجتمعا؟؟. قدّم الاخ عبيد البريكي بعد هذه التساؤلات تصوّره للخروج بالمرأة من عنق الزجاجة وهو قبول النقابيين بمبدأ «الكوتا». واقراره من قبل القيادات النقابية. بعد هذه المداخلة ادارت الاخت منجية الزبيدي نقاشا بين النقابيين والنقابيات قدّمت خلاله كل الاطراف مواقفها وتصوّراتها ويستمرّ الجدل...