كانت الكلمة التي ألقاها راشد الغنوشي حاسمة أثناء انعقاد مؤتمر حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، الذي تواصل على امتداد ثلاثة أيام نهاية الأسبوع المنقضي. فراشد الغنوشي تحدث في رد ضمني على رسالة المنصف المرزوقي الحادة الانتقاد لاداء النهضة، بأن حركة النهضة تطالب أيضا كما يطالب ذلك المؤتمر باصدار قانون يمنع عودة التجمعيين الى الحكم ، ليضيف الغنوشي ان حزبه ملتزم باعلان هيئة 18 أكتوبر التي جمعت بين الخصوم السياسيين ووفرت الحد الأدنى الذي يجمعهم. وتلقت قيادات حركة النهضة الحاضرين في افتتاح مؤتمر شريكهم رسالة المرزوقي، بغضب شديد جعلهم يغادرون قاعة انعقاد المؤتمر ماعدا راشد الغنوشي الذي بقي بالقاعة ورد ضمنيا على الرسالة وخفف من وطئة «أزمة» سياسية كانت ستحصل بين الحزبين. وللتذكير، فان المنصف المرزوقي مؤسس حزب المؤتمر، بعث برسالة الى المؤتمر الثاني لحزبه، أفتتحت بها أشغاله، وتضمنت الرسالة انتقادا حادا لأداء حركة النهضة الشريك الأول للمؤتمر في حكومة الترويكا خاصة في ما اعتبره «تعيينات للتجمعيين من قبل الحزب الحاكم»، ولكن ورغم ذلك فقد خرج المؤتمر من أجل الجمهورية من مؤتمره الثاني أكثر تمسكا بالترويكا، حيث يؤكد البيان الختامي أن «موقف الحزب هو التمسك في هذه المرحلة التأسيسية للديمقراطية بالترويكا بوصفها خيار المرحلة وان البديل عنها في السياق الحالي هو الفوضى». الدلالات وفسر المتابعون كلمة المرزوقي بأنها تأتي بعد أن احتد نقد الشارع التونسي لأداء منصف المرزوقي واعتباره «تابعا» لحركة النهضة كما يذهبون الى ذلك، وفي ذلك رسالة سياسية من المرزوقي للتأكيد على استقلالية حزبه وعلى قدرته على الضغط على النهضة ورسالة الى الرأي العام يذكر خلالها بأنه رجل حقوقي وقادر على انتقاد الحكومة التي يشارك فيها. من ناحية أخرى فان عددا اخر من المتابعين ذهبوا الى أن المرزوقي وحزبه متخوفون من امكانية تغير المشهد السياسي في المرحلة القادمة خاصة مع الضغوط العالية التي تواجهها الترويكا، وامكانية أن تغير النهضة شركاءها في الترويكا. اختلاف في المقابل كانت ردة فعل قياديي حزب المؤتمر مختلفة، حيث أكد سمير بن عمر ضمنيا أن رسالة المرزوقي لا تلزم المؤتمر في حين أصرت سهام بادي على وصفها ملزمة بل تحمل الحقيقة. هذا وحافظت لوائح الحزب على خط سياسي «ينطلق من المبادئ الرئيسية الحقوقية للحزب ليكرس توجهات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تدعم قيم المواطنة والجمهورية وتؤكد بشكل رئيسي على أن الخط السياسي العام للحزب مؤسس على وظيفة إدماج مجتمع المهمشين اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا في المجال الرسمي». كما عرف الحزب مهمته الأساسية «في بناء الجمهورية وتكريس الشعور بالوحدة الوطنية التي لا تكتمل بدون إنجاز مهمة جسر الهوة في مجتمعنا بين جمهور المفقرين وبقية المجتمع». وأنتخب محمد عبو أمينا عاما للحزب بجمعه أغلبية مريحة للأصوات أمام منافسه على الأمانة العامة عماد الدايمي الذي يشغل خطة مستشار لدى رئيس الجمهوية.