مازال القضاة إلى حد كتابة هذه الأسطر ينتظرون الحركة القضائية التي تأخرت عن موعدها... ويبدو أن الوزارة اختارت في الأخير أن تلجأ إلى المجلس الأعلى للقضاء الموروث عن زمن بن علي لتعطيها الغطاء القانوني بعد أن فشل المجلس التأسيسي في المصادقة على الهيئة الوقتية المشرفة على القضاء العدلي. وقد جرى الحديث في وقت سابق عن لجنة صلب وزارة العدل تتولى إعداد الحركة مما حدا بجمعية القضاة إلى إصدار بلاغ يوم 3 سبتمبر جاء فيه أنّ القانون المنظم للسلط العمومية لم يخول للسلطة التنفيذية في غياب مجلس أعلى للقضاء أو الهيئة التي ستحل محله صلاحية إجراء الحركة القضائية. كما نبه البيان إلى أنّ تولي وزير العدل الإعلان عن الحركة القضائية في غياب مجلس أعلى للقضاء أو هيئة وقتية مشرفة على القضاء العدلي، فاقد لكل شرعيّة مما يمسّ بشرعية السلطة القضائية ذاتها التي تستند أساسا إلى تسمية القضاة ونقلتهم وترقيتهم في إطار المجلس الأعلى للقضاء و يفتح الباب للطعون وفي إشارة إلى الاتفاق الحاصل بين الوزارة ونقابة القضاة حول مقاييس الحركة بين البلاغ أنّه لا صفة للهياكل الممثلة للقضاة في إضفاء الشرعية على حركة قضائية خارج المؤسسات الدستورية. وقد يكون لجوء الوزارة إلى تحريك المجلس القديم من باب التحسب لأية إمكانية للطعن أمام القضاء الإداري في حركة تجرى خارج الهياكل المنصوص عليها بالقانون وهي الإمكانية التي لوح بها بيان الجمعية. ولذلك فقد لجأت إلى إعادة انتخاب أعضاء المجلس الذين انتهت مدة نيابتهم وهم ممثلو الوكلاء العامين والرؤساء الأول لمحاكم الاستئناف. وتستند هذه العودة إلى المجلس الأعلى للقضاء وهو من بقايا المخلوع على قراءة للفصل 22 من القانون المنظم للسلط العمومية مفادها أن المجلس لا يزال قائما طالما لم تعوضه الهيئة الوقتية المشرفة على القضاء العدلي بالرغم من أن المجلس الأعلى هو مؤسسة دستورية قد يعتبره البعض منحلا بانحلال سنده القانوني الأصلي وهو دستور 59. ويبدو أن وزارة العدل لا تعير كبير اهتمام إلى الجانب القانوني وهو ما صرح به السيد فاضل السائحي المكلف بمهمة لدى الوزارة للصحافة حين قال» إن الشكل القانوني يعتبر ثانويا أمام الاستحقاق الذي ينتظره القضاة مبرزا أن وزارة العدل كغيرها من الهياكل ( في إشارة إلى الجمعية ) كانت تتمنى لو تمت الحركة في إطار الهيئة الوقتية. وعلى ذلك الأساس لم تجد الوزارة مخرجا سوى تنظيم الحركة طبقا لقانون 67 الذي يبقى ساري المفعول» وهو القانون الأساسي للقضاة وللمجلس الأعلى للقضاء . ومن الواضح أن حركة هذه السنة التي ينتظرها القضاة والرأي العام أيضا في جو من الجدل الحاد حول استقلال السلطة القضائية ستكون كسابقاتها تعدها الوزارة في كل فصولها وأصولها وحسب مقاييسها ثم تقدمها جاهزة للمصادقة إلى مجلس صوري أغلب أعضائه كانوا من المنصبين بل البعض منهم وقع اعفاؤه من القضاء بتهمة الفساد. و سيصادق عليها المجلس وان كان لم ير منها غير نتائجها مثله مثل من سيطلع عليها من القضاة ومن عامة الناس حين صدورها .... ما أشبه اليوم بالبارحة.