على غير العادة لم تصدر الى حد اليوم الحركة القضائية التي تعوّد القضاة على صدورها في منتصف شهر أوت. وهو ما يمكن القضاة الذين شملتهم الحركة من الانتقال الى مراكز عملهم الجديدة والاستعداد المادي والعائلي لهذه النقلة وما يترتب عنها من نقلة الزوجات والابناء... و يبدو أن عدم الاعلان عن الحركة القضائية مرده التجاذبات الموجودة بين الهياكل المتداخلة من جمعية ونقابات ووزارة حيث تؤكد جمعية القضاة التونسيين أن إجراء الحركة القضائية وإقرارها ليس من صلاحيات وزير العدل ووزارته او اي لجان خارج المجلس الاعلى للقضاء او الهيئة الوقتية التي ستحل محله طبق احكام الفصل 22 من القانون المنظم للسلط العمومية والقانون الاساسي للقضاة عدد 29 المؤرخ في 14 جويلية 1967. وبيّنت الجمعية في بلاغ لها ان القانون المنظم للسلط العمومية لم يخول للسلطة التنفيذية في غياب مجلس اعلى للقضاء او الهيئة التي ستحل محله صلاحيات اجراء الحركة القضائية. واعتبرت الجمعية أن تولي وزير العدل الاعلان عن الحركة القضائية في غياب مجلس اعلى للقضاء او هيئة وقتية مشرفة على القضاء العدلي فاقدا لكل شرعية وهو ما يعتبر مسا من شرعية السلطة القضائية ذاتها التي تستند اساسا الى تسمية القضاة ونقلتهم وترقيتهم في اطار المجلس الاعلى للقضاء. وفي نفس اطار التدخل في سلطات غيرها من الهياكل والاضطراب في التصرف والقرار، عبرت الجمعية عن شديد استغرابها من تعيين عدد من قضاة النيابة العمومية والتحقيق ضمن ما سمي ب "القطب القضائي" دون الاعلان الرسمي عن تركيز هذا الهيكل وضبط اطاره القانوني وفي غياب تام للشفافية الضامنة لمبادئ المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع القضاة والمفاضلة بينهم على اساس الكفاءة والجدارة. وتطالب الجمعية خاصة بالاستقلالية حتى يبقى القاضي خاضعا فقط لجهة مستقلة ومحايدة تمنحه الضمانات الضرورية ومن بينها الحماية من الإعفاء أو النقلة التعسفية أو الإيقاف أو التأديب أو تدخلات السلطة التنفيذية سواء كانت وزارة العدل أو غيرها من مؤسسات الدولة وممارسة القضاء لمهامه في كامل الاستقلالية والحيادية.