نعاود نشر هذا المقال نظرا للأخطاء التي طالته في عددنا السابق ولسقوط اسم كاتبه الأخ محمد الهادي الأخزوري. ذاك هو عنوان اصدار جديد للاستاذ المنذر المرزوقي، وبه يتأكد الاهتمام الخاص الذي يوليه المؤلّف للنضالات العمّالية ببلادنا وللتنظيمات او القيادات التي أطّرتها وذلك بعد اصداره سنة2004 لكتاب العامل المنجمي واسهاماته، ثمّ اصداره سنة 2008 بالاشتراك مع الاستاذ محمد الكحلاوي لكتاب: «من ضحايا الاستثمار الاستعماري بتونس: منجم وادي معدن نموذجًا». ويعتبر هذا الاصدار الذي يلقي بعض الاضواء على جوانب من شخصية حسن السعداوي ونضاله وحياته مساهمة جادة في التصدّي للاهمال الذي كرّسته السلطات منذ 20 مارس 1956 لكلّ المناضلين والزعماء ذوي الخيارات والتوجهات الفكرية المفارقة لتوجهاتها وفي هذا الاطار يتمنّى المؤلّف ان تفتح ثورة شعبنا المجيدة ارشيف الدّولة التونسية لمختلف اداراتها ومؤسساتها وخاصة من ذلك ارشيف القضاء والبوليس السياسي انصافا للمغيّبين المنسيّين في تاريخها المعاصر». وفي هذا الاطار ايضا لا يُحسن اهمال شخصية في حجم حسن السعداوي المناضل النقابي في (س. ج. ت) ثم في جامعة عموم العملة التونسية سنة 1924 الى جانب محمد علي الحامي وفي الحزب الشيوعي التونسي وفي الاسعاف الأحمر الدّولي وهو الذي قاد الاتحاد النقابي لعملة القطر التونسي (USTT) فكان صاحب المسيرة النضالية في صفوف الحركة النقابية الوطنية والحزب الشيوعي والحركة التحريرية التونسية. إنّ القارئ ليتصفح الكتاب ليجد نفسه من خلال شهادات معاصري حسن السعداوي أمثال أحمد ميلاد وحسن الخياري ومحمد النافع، وخاصة زوجته شريفة أمام مناضل صلب في المناجم والمصانع والمؤتمرات وزعيم نقابي ومفاوض عنيد لم تفِلَّ المحتشدات والمنافي من عزيمته النّضالية، ومع ذلك لم يردْ له التاريخ الرّسمي الاهمال فقط بعد وفاته، بل سُلّطت عليه اواخر حياته التضييقات الأمنية المتواصلة وتمّ تحذيره من ممارسة اي نشاط سياسي الى ان استدعي ذات يوم من شهر فيفري 1963إلى أحد المقرّات الامنية بعد هجوم بورقيبة في خطاب له على كلّ «المناوئين» مستغلاّ محاولة انقلاب 1962 للقضاء على كلّ نفس معارض، فهل توفّي حسن العسداوي في مقرات الامن تحت التعذيب وعلى الجثمان آثار عنف واضحة؟هل تعرّض الى نوبة قلبية في المستشفى الذي نُقل اليه بحسب التقرير الطبي الرّسمي فكانت سببًا في وفاته؟ إنّ الامر الصادر عن وكيل الجمهورية بمنع تشريح الجثة وتسليم الجثمان الى أهله في نفس يوم وفاته 12 فيفري 1963يجعل الحقيقة رهينة التعتيم والتستّر في أرشيف وزارة الدّاخلية و«سجينه قبر السعداوي» طبقا لتعبير الكتاب. إنّ هذا الكتاب بصفحاته ال 125 يُعتبر مرجعًا مهمّا لا للتأريخ لمسيرة حسن السعداوي فحسب وإنّما لحقبة مهمّة من تاريخ تونس شهدت إسهامًا نضاليّا مهمًا للحركة الوطنية صلب الحزب الشيوعي التونسي، وإنّ المجموعة الوطنية والاتحاد العام التونسي للشغل وريث الحركة العمالية التونسية مدعوان إلى الاهتمام بكلّ انجازات هذه الحركة ابرازا لثرائها وانصافا لعطاء كلّ مناضليها.