في إطار الوفاء لتضحيات الشهداء وتخليدا لمواقفهم البطولية وإثراء للذاكرة النقابية ورد الاعتبار لرواد ومناضلي الحركة العماليّة وإلتزاما بمبادئ واهداف الاتحاد النبيلة، أحيا الشغالون والنقابيون بجهة قفصة الذكرى الاولى لاحداث شهداء 4 و5 مارس 1937 بمدينة المتلويوالمظيلة الذين سقطوا في ساحة النضال بمواقع عملهم وهم ينفذون اضرابا عن العمل انتفضوا من خلاله دفاعا عن الكرامة والعزة والحرية مطالبين ببعض الحقوق والمكاسب فحدثت مجزرة رهيبة دارت أصداؤها بين عمال عزل تمسكوا بتحقيق مطالبهم المشروعة وبين قوات مستبدة من »العسكر والجندرمة« مدججة بالسلاح والعتاد خلفت العديد من الشهداء والضحايا سالت دماؤهم الطاهرة الزكيّة فوق التربة الخضراء على أرض المناجم المعطاء، وامتزجت دماء الكادحين التونسيين بدماء زملائهم وأشقائهم من الجالية المغاربية الجزائرية المغربيّة والليبيّة مسجلين أروع ملحمة نضالية عمالية مغاربية كانت من أهم وأبرز الاحداث التي عرفتها الحركة العمالية والنقابية بتونس من حيث حجم الخسائر في الارواح البشرية والمصابين وكذلك من حيث المكاسب التي تحققت للعمال في تلك الحقبة في المجالين الاجتماعي والديمقراطي. ❊ تدشين وإحياء ملحمة 4 و5 مارس 1937 في ذكراها الاولى أشرف عليها الاخ: عبد السلام جراد الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل يومي 15 و16 مارس 2010 وتزامنت مع تدشين مقري الاتحادين المحليين الجديدين بكل من مدينتي المتلويوالمظيلة بجهة قفصة إحياء لذكرى احداث شهداء مارس 1937 ، وقد تنزلت في إطار البحث في أطوار الحركة العماليّة والتعمق في أغوارها ونفض الغبار عن صفحات مضيئة في تاريخ الحركات العمالية النقابية اهملتها الذاكرة النقابية والوطنية خلال الفترات الماضية. التظاهرة نظمها الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة بالتعاون والتنسيق مع قسم التكوين النقابي والتثقيف العمالي بالمركزية النقابية واحتضنت اشغالها قاعة الاجتماعات والندوات ب »نزل يوغرطة بلاص« بقفصة »يوم الاثنين 15 مارس 2010 . أشغال التظاهرة افتتحها الاخ عمارة العباسي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بقفصة مرحبا بالحضور الكريم وفي مقدمتهم الاخوة اعضاء المكتب التنفيذي الوطني: عبيد البريكي، منصف الزاهي، المولد الجندوبي، منصف اليعقوبي والاخ عبد المجيد الصحراوي (الامين العام المساعد للاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي) وضيوف الاتحاد الاشقاء من الجماهيرية الليبية كما رحب بالاخوة اعضاء الهيئة الادارية الوطنية وتوجه بالشكر والتقدير للجميع على تلبية الدعوة لمواكبة فعاليات هذه الذكرى المجيدة التي ستبقى خالدة في تاريخ الحركة العمالية كما خصّ قسم التكوين النقابي والتثقيف العمالي بتحية تقدير وثمن المجهودات الجبارة التي بذلها من أجل البحث والنبش في خفايا سجل النضال النقابي لاثراء الذاكرة النقابية وتحديدا لإحياء وتكريم شهداء مارس 1937 وذلك في إطار ردّ الاعتبار الى كل المناضلين وشهداء الحركة العمالية والنقابية ثم ذكّر الأخ عمارة العباسي ببعض المحطات الهامة والبارزة في نضالات وتضحيات رواد ورموز الحركة النقابية ومساهمة جهة قفصة في الحراك النضالي النقابي وخاصة في الحوض المنجمي. ❊ المغرب العربي شعب واحد... ثم أحيلت الكلمة الى الأخ: عبد الحميد الفيتوري فهيّدْ أمين الرابطة العامة للمتقاعدين بالجماهيرية الأمين العام المساعد المكلّف بالعلاقات الخارجيّة بإتحاد المتقاعدين العرب الذي توجه بتحيّة أخوّه وشكر وتقدير الى الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد الجهوي للشغل بقفصة باسم الوفد النقابي وباسم متقاعدي الجماهيرية على حسن الاستقبال وكرم الضيافة وأكد على متانة الروابط الاخوية وصلة الرحم والتضامن التي تجمع بين الشعبين الليبي والتونسي وخاصة العمّال منهم في القطرين منذ القديم وإستدل على هذا المعطى بسقوط شهداء من أصول مغاربية بجانب أشقائهم عمال المناجم التونسيين في أحداث مارس 1937 وأشار إلى أن شعوب المغرب العربي شعب واحد لا تفصله إلا الحدود الوهمية التي رسمها المستعمر ولكن تجاوزناها بفضل حسن الجوار وتلاحم وتلاقح الاجيال في شتّى المجالات والمواقع. ❊ تاريخ الحركة العماليّة خُطّ بدماء الشهداء الأخ: عبيد البريكي الامين العام المساعد مسؤول قسم التكوين النقابي والتثقيف العمالي أثنى على مجهودات الاخ الاستاذ الدكتور حفيظ الطبابي الذي وفّر كمّا هائلا من الوثائق التاريخية الهامة التي تؤثث جزء كبيرا من تاريخ تونس تضمنها مؤلفه حول: »الحركة النقابية بمناجم قفصة 1936 1956« والتي ساعدت قسم التكوين النقابي على إعداد النشرية الخاصة حول أحداث مارس 1937 بالتعاون مع لجنة اعداد فعاليات الذكرى المنبثقة عن المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بقفصة بمساهمة متميزة واجتهاد خاص من الاخ الهادي الاخزوري المنسق العام لقسم التكوين النقابي والتثقيف العمالي. الأخ البريكي أكد ان ملامسة الثقافة العمّالية والسعي الى نشرها وتطويرها مثّل شأنا ثابتا في برامج قسم التكوين النقابي للإتحاد العام التونسي للشغل إذ يناط بعهدتهم إحياء تراث الطبقة العاملة وطنيا وإقليميا وأمميا. وأحياء المناسبات والمحطات النضاليّة الحاملة للثقافة العماليّة وتوظيفها لما توفره من فرص لنشرالقيم والمضامين التي تأسست عليها الحركة النقابية ونمت وفي هذا الاطار يتنزل إحياء ذكرى أحداث مارس 1937 بالمتلويوالمظيلة تلك الاحداث التي تجلت خلالها وحدة عمال مناجم جهة قفصة وتضامنهم في أروع صورها وأضاف الأخ البريكي أن تاريخ الحركة العماليّة خُطَّ منذ بدايته بدماء الشهداء وظلّ السجل العمالي حافلا بمآثرهم وكذا الشأن بالنسبة لعمال مناجم قفصة. كما تطرق الأخ البريكي الى موضوع الخطاب النقابي والارتقاء بمضامينه والسعي الى توظيف محتواه في إطار تكريس مبادئ التسامح والتكافل والتضامن ونبذ الخلافات وتوحيد الجهود من اجل اعلاء راية الاتحاد ومزيد دعم إشعاعه في كل المجالات والمواقع وأشار إلى أن مبادئ الاتحاد بنيت على قاعدة الاختلاف في الرأي الذي يوحد ولا يفرق واضاف ان الاختلاف لا يجب ان يؤدي الى التهجم على رواد ورموز المنظمة الشغيلة، وأن الاتحاد العام التونسي للشغل يدين كل تهجم على المناضل الوطني النقابي الزعيم الحبيب عاشور وخاصة حينما يتزامن هذا التهجم مع مناسبة احياء ذكرى وفاته. الأخ البريكي أكد ان الاتحاد سيعمل على الاعتناء بكافة المحطات النقابية التاريخية وسينظم تظاهرات في إطار إحياء ذكرى وفاة المناضلين النقابيين البارزين: بلقاسم القناوي ومختار العياري وفي حديثه عن مسألة اغتيال الزعيم خالد الذكر الشهيد فرحات حشاد والتي شغلت خلال المدة الفارطة الرأي العام النقابي اعلن الاخ البريكي ان المكتب التنفيذي الوطني قرر متابعة اطوار هذه القضية الكبرى وخاصة بعد تصريح رسمي من طرف احد الجناة يتباهى بارتكابه لجريمة الاغتيال عبر حوار بإحدى الفضائيات العربية، وأشار الأخ الامين العام المساعد ان اللجنة التي أوكل لها المكتب التنفيذي الوطني مهمة المتابعة وتقصّي الحقائق تواصل التعمّق في دراسة الملف بالتعاون مع خبراء ومختصين في الشأن القانوني وسيرفع الاتحاد في المستقبل القريب بعد استكمال كل المعطيات والشروط قضية عدلية أمام القضاء التونسي كمرحلة أولى لإدانة ومحاكة المجرمين والقتلة والاقتصاص منهم باعتبارهم مجرمي حرب. ❊ مراحل النضال العمّالي والنقابي الاخ الاستاذ الدكتور المحاضر: حفيظ الطبابي وفي مداخلة قيّمة وبلغة مبسطة أتى على جوانب عديدة من مراحل النضال العمالي والنقابي والتي جزأها الى ثماني مراحل تطرق في المرحلة الاولى الى الحديث عن موضوع مصادرة أراضي العروش وتأسيس الشركات المنجميّة ونشأة البروليتاريا المنجمية المتركبة من ثلاثة أصول العمّال الأوروبيون، العمال المغاربة والعمال التونسيون ثم تدرج الى توضيح اوضاع عمال مناجم قفصة قبل انبعاث الحركة العمالية المنظمة، أثر التصنيع في وسط ريفي، حراك اليد العاملة من بدوّ رحل الى العمل المنجمي، الأجور، الاصناف المهنية، السكن وظروف الحياة ، ثم بيّن العلاقات بين مختلف المجموعات العمالية نحو تشكل وعي عمالي، محاولة التنظيم النقابي في العشرينات، مخالفات اضراب ربيع 1919 وإضراب 1920 وإجهاض أول محاولة للتنظيم النقابي، بذور الحركة النقابية الاولى محمد علي الحامي ومحاولة اقتحام مناجم جهة قفصة، تحول الحامي صحبة رفيقة محمد الخياري الى صفاقس ثم الى جهة قفصة وتحديدا المناجم يوم 15 ديسمبر 1924 والتحامه بعمال المناجم والسكك الحديدية، تجربة بلقاسم القناوي منعطف الثلاثينات ودخول النقابات مناجم قفصة، العمل النقابي والظرفية السياسية. ثم أسهب الاخ المحاضر في سرد احداث مارس 1937 وشرح المستجدات التي حصلت قبل وبعد احداث 4 و5 مارس 1937 بالمتلويوالمظيلة وسقوط العديد من الشهداء والضحايا، دور جامعة عموم العملة التونسية والنشاط النقابي بمناجم جهة قفصة، النقابات المحلية والعلاقة بين الجامعة والحزب الدستوري الجديد، الحركة النقابية بالمناجم أثناء الحرب العالمية 1939 1949، النضالات النقابية من النقابات المستقلة إلى تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل، الاضراب الشهير 1949 الذي دام طيلة شهرين والحركة النقابية بالمناجم بين 1946 و1956. ❊ الأبعاد المغاربيّة في النضال النقابي أمّا الأخ: عبد المجيد الصحراوي الامين العام المساعد للاتحاد النقابي المغاربي فقد قدّم مداخلة حول الابعاد المغاربية في النضال النقابي لعمال المغرب العربي الماضي والمصير توجه في البداية بالتحية الى الاتحاد الجهوي للشغل على الدعوة الكريمة التي مكنته من الحضور بين أخوانه وأخواته نقابيي ونقابيات جهة قفصة والجمع الكريم من المشاركين والمشاركات في الفعاليات الخاصة بإحياء ذكرى أحداث مارس 1937 بالحوض المنجمي وهي فرصة ثمينة سنحت له للمساهمة من موقع مسؤوليته المغاربية في إثراء الذاكرة النقابية، ثم عبّرالاخ الصحراوي عن استيائه من التهجم والتجني على الاتحاد ورموزه وعقب الاخ الصحراوي على أحداث 1937 معتبرا أن هذه الذكرى الخالدة محطة هامة لتسليط الاضواء على الحركات العمالية والنقابية، واستعرض الاخ الصحراوي مراحل تأسيس الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي والظروف التي حفت بعملية التأسيس كما أبرز دور الاتحاد العام التونسي للشغل في مراحل بناء لبنة المؤسسة النقابية المغاربية وسعيه المتواصل إلى إبراز دور الحركة النقابيّة في البناء المغاربي المتكامل، وركز الاخ الصحراوي على الابعاد المغاربية في النضال النقابي لعمال المغرب العربي وتكريس مبادئ العمل والنضال المغاربي المشترك ونحت مستقبله، وأضاف ان شعوب الاقطار المغاربية متمسكة بالوحدة المغاربية رغم تعطل المسيرة المغاربية على المستوى الرسمي وأنّها تأمن إيمانا راسخا بالمصير الواحد المشترك وعرّج على النضالات العماليّة والنقابية المغاربية المشتركة كأحداث 1952 بالمغرب الأقصى إثر إغتيال الزعيم فرحات حشاد ولقاءات »طنجة« التاريخية 1957 وتلاقح دماء الشهداء التونسيين والجزائريين خلال احداث ساقية سيدي يوسف 1958. وأشار الى أن شعوب الاقطار المغاربية تنصهر في شعب واحد وتتطلع الى فرصة تاريخية لتحقيق الاندماج الحقيقي والوحدة الكاملة وبالتالي تحقيق نهضة المغرب العربي الكبير الشاملة وتأمين الرفاه والازدهار لشعوبه التوّاقة الى الافضل. الاخ الصحراوي أنهى مداخلته بالترحم على شهداء الحركات العماليّة النقابيّة المغاربيّة. ❊ تدخلات وشهادات حيّة الحصّة المسائية شهدت العديد من التدخلات أمنها فريق المشاركين في فعاليات التظاهرة في إطار إثراء الحوار وتقديم الاضافات وتوضيح بعض المسائل وخاصة من بعض المتدخلين الذين كان لهم اطلاع تام بمراحل الحركات العماليّة النقابية بجهة قفصة وخاصة المستجدات المتعلقة بأحداث مارس 1937 ، كما شهدت الحصة المسائية تقديم شهادات حيّة حول أحداث مارس وعرض شريط وثائقي قصير أعطى صورة واضحة من طرف بعض العمّال الذين عايشوا أطوار أحداث مارس 37 بمدينتي المتلويوالمظيلة. فعاليات إحياء الذكرى الاولى لاحداث شهداء مارس 1937 أختتمها الاخ عبد السلام جراد الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، وستجدون محتواها في زاوية أخرى من هذا العدد. هوامش ❊ فعاليات التظاهرة احتضنتها قاعة الاجتماعات والندوات ب »نزل يوغرطة بلاص« بقفصة في شكل خيمة كبيرة وفي »ديكور« جميل وأنيق. ❊ الاخوة: محمد سعد، محمد شندول ورضا بوزريبة أعضاء المكتب التنفيذي الوطني التحقوا صباح يوم الثلاثاء 16 مارس لمواكبة تدشين مقري الاتحادين المحليين للشغل بالمتلويوالمظيلة. ❊ المحفظة التي تم توزيعها على المشاركين والمشاركات احتوت على نشرية خاصة حول أحداث مارس 1937 الوقائع والابعاد بالاضافة الى نشرية الاتحاد النقابي لعمّال المغرب العربي عدد 12 فيفري 2010 »أحداث ومواقف« وكذلك مطوية تضمنت لمحة تاريخية عن احداث مارس 1937 وصور لاعضاء من هيئات نقابية خلال تلك الحقبة وانتفاضة عمّال المتلوي إضراب 2 مارس 1937. ❊ النشرية الخاصة باحداث مارس من اعداد لجنة برئاسة الاخ: حبيب بوناب الكاتب العام المساعد للاتحاد الجهوي للشغل بقفصة وعضوية الاخوين محمد الفاتح الحميدي الكاتب العام للاتحاد المحلي للشغل بالمتلوي والهادي العرفاوي مختص في الارشيف وبدعم من الأخ الأستاذ الهادي الاخزوري. ❊ الحضور تجاوز 114 مشاركا ومشاركة. ❊ واكب فعاليات الندوة علاوة على عدد من اعضاء الهيئة الادارية الوطنية الكتاب العامون المساعدون للجامعة العامة للتأطير والارشاد التربوي، النقابة العامة لعملة التربية، النقابة العامة للعدلية، منسق المكتب الوطني للشباب العامل، منسقة المكتب الوطني للمرأة العاملة والاستاذ الدكتور عبد الجليل البدوي. ❊ واكب فعاليات التظاهرة عدد من ممثلي وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية. ❊ حصيلة شهداء 4 و5 مارس 1937: 22 شهيدا منهم 18 من المتلوي و04 من المظيلة. 36 جريحا منهم 34 من المتلوي و02 من المظيلة. 48 معتقلا منهم 20 من المتلوي و28 من المظيلة.