إثر الاضراب الذي نفّذه أعوان بشركة النقل بتونس يوم 10 أكتوبر الجاري، تضامنا مع زميل لهم تعرّض للإيقاف يوم 9 أكتوبر من قبل الأمن بسبب تهجّم سيدة وزميل لها عليه، إثر هذا الاضراب، استغلت مجموعات ملتحية ومحسوبة على الحزب الحاكم احتقان المواطنين من تعطل مصالحهم، وركبت على الحدث لتتهجم على المقر المركزي للاتحاد العام التونسي للشغل بالعاصمة. هذه المجموعات، أو الدخلاء على احتجاج المواطنين العاديين، معروفون جدّا خلال الاعتداءات السابقة على مقرات الاتحاد، فعمدوا هذه المرة إلى استغلال غضب المواطن العادي من توقف المترو الخفيف والحافلات العمومية، ليقوموا بالتحريض على أن الاتحاد العام التونسي للشغل هو «سبب البليّة» و«المجرم» الذي عطّل مصالحهم وأوقف نشاط النقل العمومي بالعاصمة. هجمة منظمة البداية كانت في محطة الحافلات «بالبساج» عندما تجمع المواطنون العادين احتجاجا على تعطّل النقل العمومي، ومباشرة تحرّكت عناصر معروفة بمعاداتها للاتحاد بشكل منظم وغريب مستعينة بثلة من اصحاب السوابق العدلية ليتم التحريض بكون المنظمة الشغيلة هي من قررت اضراب النقل، ثم يتوجهون إلى المقر المركزي في محاولة يائسة منهم لاقتحامه والعبث بمعتمدياته والاعتداء على المسؤولين النقابيين والموظفين. والواضح، وانطلاقا من الشعارات التي رفعها المحتجون، تبين أن المراد ليس اعلان الغضب من اضراب النقل، بل هو استباحة ساحة محمد علي وارباك المسؤولين النقابيين وتخويفهم وترهيبهم. مقاومة صلبة وأمام باب المقر المركزي، حيث تجمعت هذه المجموعات رافعة بشعارات مندّدة بالاتحاد ومتهمة إياه بالعمالة، تحرك النقابيون واعوان الاتحاد وقاموا بطرد هؤلاء من الساحة الامامية للمقرّ دفاعا عن منظمتهم من عشرات ركبوا على عاطفة المواطن العادي واستغلوا طيبته وعدم علمه بأسباب اضراب النقل وحيثياته ورفع النقابيون الموجودون حينها «بالبطحاء» من أعضاء المكتب التنفيذي الوطني واعضاء الهيئة الادارية الوطنية ومنخرطون قاعديون رافعة شعارات الاستقلالية والنضالية والديمقراطية للمنظمة الشغيلة ومشهّرة بعودة الاعتداءات على الاتحاد ومحاولات إبعاده وثنيه عن مبادئه وأهدافه النبيلة. الأمن الحاضر الغائب اللافت للانتباه، ان عناصر الامن التي حضرت الحادثة، اكتفت بتكوين جدار بشري أمام المقر، وتعاملت مع العناصر المعتدية بلين مريب ومشبوه، فكان الرمي بالحجارة على السيارات الرابطة أمام المقر والكلام البذيء تحت أعين الامن الذي لم يحرّك ساكنا، فاستكان وكأن هذا الامر عكس تعليمات واضحة من وزارة الداخلية حول كيفية التعامل مع عملية الاعتداء على الاتحاد العام التونسي للشغل... مبادرة الاتحاد الاعتداء على مقر المنظمة الشغيلة صباح يوم 10 أكتوبر، حدث 6 أيام قبل التآم المؤتمر الوطني للحوار الذي دعا إليه الاتحاد من أجل انقاذ البلاد وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين لإيجاد برنامج يطمئن المواطن العادي الذي يُعاني من ويلات الارتفاع في الأسعار وضرب حريته الفردية والحريات العامة ويُنتهك حقه في اعلام حر ونزيه... هذه الاعتداءات المنظمة والممنهجة طرحت عشرات الأسئلة، حول ارتباط المورطين فيها بالاضراب الحاكمة واساسا حركة النهضة، كما طرحت مدى جدّية هذه الاحزاب في المشاركة في المؤتمر الذي دعا إليه الاتحاد من أجل إنقاذ البلاد وايجاد خارطة طريق للبناء الديمقراطي الفعلي... وللأسف، فلقد تركت هذه الاعتداءات استياءً واسعًا لدى الأوساط النقابية ولدى مكونات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية التي تنتظر بفارغ الصبر تفاعلا ايجابيا لاحزاب السلطة والنهضة خاصة، مع منعرج خطير تعيشه البلاد مما يجعلها على خط التماس مع اضاعة فرصة تاريخية، بلادنا في أمسّ الحاجة إليها...