خمسون حزبا اجتمعت وأكثر من عشرين منظمة ومكونا من المجتمع المدني اضافة الى عديد الشخصيات الوطنية، مواكبة فعاليات المؤتمر الوطني لمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل الذي انعقد بعنوان «الحوار الوطني دعامة للوحدة الوطنية» وتشكل لجنة خبراء مكونة من ثمانية مختصا في القانون الدستوري، كل هؤلاء شاركوا لانجاح المؤتمر الوطني المنعقد تحت رعاية الاتحاد العام التونسي للشغل واقترحوا أن يتم بعث مجلس وطني للحوار «يجتمع وفق رزنامة مضبوطة، للتداول بشأن المسائل الخلافية، وتبادل وجهات النظر بخصوص مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والانمائية، بغاية التوصل إلى توافقات بشأنها، مؤكدين على «الأهمية القصوى لمتابعة ما سيترتّب عن أعمال المؤتمر الوطني للحوار من توصيات وتوافقات عبر وضع آلية تنسيق ومتابعة تنكبّ على بلورة مواقفها وتصوراتها في أجل لا يتجاوز بداية شهر ديسمبر وعرضها على أنظار المجلس الوطني التأسيسي.» وفي كلمته في افتتاح المؤتمر أكد الأخ الأمين العام حسين العباسي أن الاتحاد «ليست له أطماع عندما يهتم بالشأن السياسي، إنما هو لا يقبل أن يظلّ ينظر إلى ما يجري من تجاذبات وإرهاصات حتى يداهمه خطر انعكاساتها ويتلظى بويلات تداعياتها» مذكرا أن الاتحاد كان قد قدم مبادرة بعد ثورة 14 جانفي 2011، التف حولها مختلف الفاعلين السياسيين ومنظمات المجتمع المدني للمحافظة على الثورة التونسية. من جانبهم أكد الرؤساء الثلاث الحاضرين في هذا المؤتمر على دعمهم لمبادرة الاتحاد، وحرصهم على انجاح فترة الانتقال الديمقراطي، وعلى ضرورة احترام الشرعية . أجندة واضحة هذا المؤتمر، خرج فيه المشاركون بجملة من النقاط التوافقية على قضايا خلافية بين مكونات المشهد السياسي ومن أبرزها العمل على التوافق حول القانون المحدث للهيئة العليا المستقلة للانتخابات على أن تنطلق الهيئة في أشغالها قبل الأول من ديسمبر 2012، والتوصية بتضمين مرجعية المنظومة الكونية لحقوق الانسان بالدستور الذي تتم صياغته اليوم بالمجلس الوطني التأسيسي على أن تنتهي كتابته قبل موفى السنة الحالية. وأكد المشاركون على أهمية التوافق على قانون انتخابي بما «يسمح بتمثيلية حقيقية لمختلف الحساسيات السياسية، مع ضرورة اعتماد نظام يمكّن التونسيين والتونسيات من انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة عبر الاقتراع العام، وأوصوا ب»بتكثيف الحوار وتعميق التشاور للتوصّل إلى التوافق حول توزيع الاختصاص بين مكوّني السلطة التنفيذية بما يؤمن تحقيق التوازن بين السلطات.» من جانب اخر سجل المشاركون أن موعد 23 جوان المقترح لإجراء الانتخابات غير ملائم لنمط حياة المجتمع التونسي بسبب ضغوطات عديدة من أبرزها إنجاز الامتحانات الوطنية، وعلى ضرورة الفصل بين تاريخ تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية تتعارض ذلك مع المعايير الدولية المتعارف عليها على أن يتمّ تنظيم الانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات التشريعية. ووقف المشاركون على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار لحاجة التونسيين والتونسيات إلى اختصار المدّة الانتقالية والمرور للانتخابات في أقرب الآجال قصد طمأنة الشعب التونسي على مستقبله في الأمن والاستقرار الدائمين مع تأكيدنا على أنّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هي التي تضبط الرزنامة الرسمية. ظروف موضوعية ويعتبر الاتحاد أن هذه المبادرة، أتت في ظرفيّة تتّسم بتحديات داخلية وخارجية، متعدّدة، ومتنوعة، ومتأكدة، ارتفع فيها منسوب الاحتقان إلى درجة لا تطاق، وتراجعت فيها المؤشرات الاقتصادية والمالية إلى حدّ بات ينذر بأسوء العواقب.. وفي كلمته أكد الأخ حسين العباسي الأمين العام للاتحاد أن الظرفية الحالية « طغى فيها التنافر إلى حدّ العداء وهو واقع أصبح يهدّد جدّيا مسار الانتقال الديمقراطي والوئام الوطني الذي قادنا منذ بداية الثورة، وبات يرتهن الاستحقاقات المشروعة التي نادى بها شعبنا المنتفض على الفقر والتهميش والاستبداد ولا يزال ينادي بها وينتفض من أجلها إلى اليوم». وتؤكد قيادة الاتحاد أن هذا المؤتمر وطني للحوار لا يمكن أن تعوّض في شيء، وبأي شكل من الاشكال، وتحت أي عنوان كان، السّلط الدستورية القائمة والتي تبقى وحدها صاحبة القرار، ومصدر الشرعية الوحيد في هذه المرحلة الانتقالية. وأودّ بالمناسبة التذكير بأن الاتحاد ليست له أطماع عندما يهتم بالشأن السياسي، إنما هو لا يقبل أن يظلّ ينظر إلى ما يجري من تجاذبات وإرهاصات حتى يداهمه خطر انعكاساتها ويتلظى بويلات تداعياتها. غياب غير مبرر وأكّد الاتّحاد العام التونسي للشغل على لسان الأخ الأمين العام المساعد بلقاسم العياري خلال ندوة صحفية أجراها يوم عقد المؤتمر أنّ غياب النهضة والمؤتمر لن يؤثّر على الحوار وعلى مبادرة المنظّمة الشغيلة، واعتبر العياري هذا الغياب غير مبرر. واستغرب العياري كيف «يتحاور النهضاويون مع ممثلي حزب نداء تونس في مداولات المجلس الوطني التأسيسي ويرفضون حضور هذا المؤتمر الجامع لمختلف القوى السياسية بتعلة مقاطعة حزب نداء تونس»، وأضاف، «ان هناك قوى ترى أنه لا يجب على الاتحاد أن تكون له مبادرات بهذا الحجم، ونحن نقول لهم ان الاتحاد العام التونسي للشغل يتحرك عندما تحتاج تونس لذلك» وأضاف « الاتحاد مؤتمن على تحقيق أهداف الثورة وانجاح مرحلة الانتقال الديمقراطي، ومنطق الاستعلاء والاستفراد بالسلطة أصبح مجرد ماض». وأوضح العياري أن الاتحاد اتخذ هذه الخطوة، بعد أن لوحظ انحراف نحو تغول السلطة ومحاولة السيطرة على الادارة وبروز اشكالات كبيرة تهدد الانتقال الديمقراطي، وبالخصوص تنامي المقاربات التي من شأنها أن تمس النسيج الاجتماعي» توصيات وأكد المشاركون في اجتماعهم المغلق الذي تلى الجلسة العامة الافتتاحية، على ضرورة احترام علوية القانون وتحييد الادارة لتأمين نجاح الانتخابات القادمة ضمانا لنجاح مشروع الانتقال الديمقراطي، والتسريع بإرساء منظومة العدالة الانتقالية والعمل على دفع مسار التنمية بالمناطق الداخلية و معالجة تردّي الوضع الاجتماعي بها، وأيضا إطلاق سراح كافة المعتقلين بسبب آرائهم أو احتجاجاتهم الاجتماعية وإيقاف التتبعات ضدّهم. كما حرص المشاركون على أهميّة الانكباب على إيجاد توافقات بشأن المشاكل التي تجابهها البلاد اليوم وفي مقدّمتها ملف شهداء وجرحى الثورة والتشغيل والتنمية الجهوية وضبط أولويات بشأنها والبحث المشترك في كيفية تقاسم الأدوار لإيجاد حلول لها من أجل اعادة الثقة والحفاظ على التماسك بين مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية في إطار عقد اجتماعي جديد.