احتفلت تونس يوم الأربعاء 17 أكتوبر باليوم العالمي ل الذي تنظمه الاممالمتحدة تحت شعار «القضاء على الفقر المدقع، تعزيز التمكين وبناء السلام». وبعيدا عن الوضع الاقتصادي التونسي الذي يصف نفسه بنفسه يبدو ان يوم ليس سوى حملة إنسانية بلا جدوى. حيث تقوم الأممالمتحدة بجهود واضحة في إطار مقاومة الفقر وتحقيق القيم الإنسانية السامية كالعدل والسلم والعلم وتنفق لذلك أموالا طائلة وجعلت يوم 17 أكتوبر من كل سنة يوما لمكافحة الفقر. غير أن نظرة الأممالمتحدة تبقى منحسرة في إطار ذلك الطرح القائم على التآخي بين الأمم والأفراد والمجتمعات. هذا الطرح الذي انطلق منذ 1944 في إطار تصور لنظام عالمي مثالي لم يأتي أكله، ذلك أن الأممالمتحدة تلعب دور مصاص الصدمات الذي يخفف من حدة المشاكل ولكن لا يلغي أثارها ولا يمحو أسبابها. لقد شهد العالم منذ مطلع القرن تبشيرا واضحا بنظام عالمي جديد فيه العالم القرية المترابط المصالح غير انه للأسف لم يكن سوى نظام لمزيد الاستغلال وتزايد الفقر وارتفاع النزاعات المسلحة. حيث تشير الأرقام الرسمية العالمية سنة 2010 حول الفقر أن 1.3 مليار إنسان يعيش في فقر مدقع وان 2.47 مليار يعيشون تحت خط الفقر وان أسيا الشرقية لوحدها تضم قرابة 420 مليون شخص يعيشون في أقصى درجات الفقر ( أمية، وجبة واحدة في اليوم، لباس غير مناسب، سكن غير صحي وغياب الرعاية الصحية) كما تشير الأرقام أن شخص من ضمن 7 أشخاص في العالم يبيت خاوي البطن وان 1 من أصل 96 يبيت في العراء او في منزل غير لائق. ولان موضوع الفقر متعدد الجوانب ويشمل الحديث عن الصحة والدراسة والتغذية والتعليم والمسكن والشغل فإننا سنقتصر الحديث عن التغذية والتعليم. ففي مجال التغذية يشكوا 896 مليون إنسان من سوء التغذية ويواجه هؤلاء مخاطر تهدد حياتهم حيث لا يتمكن سوى 12.5 بالمائة منهم من النجاة ومواصلة الحياة بصفة طبيعية ودون أمراض. وتفسر الأممالمتحدة هذه النسبة العالية من الجياع بالظروف الطبيعة علما وان الإنتاج العالمي من القمح يمكنه كل سنة أن يغذي ضعف سكان العالم غير أن المنتجين يفضلون تقديم الحبوب كعلف للمواشي على إعطائها للجياع بحجة الحفاظ على الأسعار. وفي مجال التعليم يوجد في العالم 782 مليون امي منهم 38 مليون طفل في سن المدرسة اغلبهم موزعين في قارتي أفريقيا واسيا. وتشير التقديرات إلى ان الأمية تسبب تعطلا كبيرا في الإنتاج العالمي حيث ترشح الدراسات ان التكوين المعرفي الذي يؤهل الفرد للزيادة في دخله بنسبة 10 بالمائة عن كل سنة تعليم وان 171 مليون شخص يمكنهم الخروج من حالة الفقر في حال تلقوا تعليم جيد. وإذا كانت التقارير الرسمية تحمل مسؤولية الفقر المدقع إلى ضعف التنمية في البلدان الفقيرة فان بعض الأرقام تشير إلى ان الواقع مخالف لذلك تماما فعلى سبيل الذكر فان 1 بالمائة من الناتج المحلي العالمي كفيل بخراج 300 مليون إنسان من الفقر وان هذا المبلغ لا يمثل سوى 1.6 لمائة من ثروة العشرة بالمائة الأغنى في العالم فالمشكل إذا مشكل سوء توزيع واستكراش مجموعة من البشر على حساب مجموعة أخرى والى التوزيع العالمي للثروات غير العادل والى تواصل الاستعمار وان اتخذ إشكال ألطف لذلك فان سعي الأممالمتحدة مشكور رغم انه بلا فائدة.