انتخاب التونسي رياض قويدر نائبا أوّل لرئيس الاتحاد العالمي لطبّ الأعصاب    بعد اللقاء مع ترامب زيلينسكي يجري مكالمة هاتفية مع القادة الأوروبيين    عاجل: أمطار عامّة تهمّ كلّ الولايات بداية من فجر السبت    وزير الفلاحة: موسم صابة زيت الزيتون هذه السنة استثنائي    عاجل/ من بينها الترجي..التفاصيل الكاملة للعقوبات المالية ضد عدد من أندية كرة القدم..    الرابطة الثانية    عاجل/ الكيان الصهيوني يواصل خرق اتفاق وقف اطلاق النار..وهذا ما فعله..    مهرجان السينما المتوسطية بشنني في دورته العشرين: الفن السابع يواجه تحديات البيئة    الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025 عن «ديان بيان فو»    الجنائية الدولية ترفض طلبا للاحتلال بالغاء مذكرتي ايقاف نتنياهو وغالانت وتجميد التحقيق    نجاح جديد لتونس..انتخاب أستاذ طب الأعصاب التونسي رياض قويدر نائبا أول لرئيس الاتحاد العالمي لطب الاعصاب..    نابل...استعدادات مكثفة لموسم الزراعات الكبرى وسط تفاؤل الفلاحين    أول استبدال للصمّام الأبهري بتقنية «أوزاكي» بصفاقس .. سابقة طبية في تونس والمغرب العربي    المهدية .. المؤتمر الوطني للبيولوجيا الطبيّة في دورته ال 34 ..مواكبة للتكنولوجيات الحديثة من أجل تطوير الخدمات الصحيّة    مع الشروق : من جلاء الأرض إلى جلاء العقول...هل تحرّرنا من الجهل؟    محافظ البنك المركزي من واشنطن: تونس تتعافى إقتصاديا.. #خبر_عاجل    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    مجدي الراشدي مدربا جديدا لمستقبل القصرين    وفد من وزارة التجارة يبحث ترويج زيت الزيتون التونسي في السوق الصينية    عاجل: وزارة المالية...جهاز جديد يسجّل كل عملية بيع للمأكولات والمشروبات في تونس!    قابس: المجلس الجهوي لعمادة الأطباء يعبّر عن استعداده الكامل للتعاون من أجل تحسين الوضع البيئي وضمان سلامة المواطنين    القضاء اللبناني يفرج عن هانبيال القذافي بكفالة قدرها 11 مليون دولار    عاجل: مشروع قانون المالية يُمكّن أطفال القمر من 130 دينارا شهريّا    أحزاب ومنظمات تطالب السلطات بالتسريع في الحلول للمشكل البيئي بقابس    وزارة الفلاحة: برمجة مشاريع في مجال الموارد المائية في 2026    ترتيب الفيفا: المنتخب التونسي يقفز ثلاثة مراكز ويصعد إلى المرتبة 43 عالميًا    ماتش نار اليوم: الاتحاد المنستيري في مواجهة شبيبة القبائل الجزائري..التشكيلة والقناة الناقلة    عاجل/ متابعة: حادثة الميترو عدد 5..القبض على المعتدي..وهذه التفاصيل..    حاولت العبور الى ليبيا ضمن قافلة الصمود بجواز سفر لا يخصها: هذا ما قرره القضاء في حق محامية معروفة..#خبر_عاجل    هام/ بداية من اليوم: طرح ورقة نقدية جديدة من هذه الفئة..    عاجل/ ليلة رعب في المترو عدد 5..ماذا حصل في محطة الجبل الاحمر؟..    انطلاق مهرجان الهريسة بنابل تحت شعار جودة وتراث    حمودة بن حسين أفضل ممثل في مهرجان بغداد الدولي للمسرح    وزارة الأسرة تفتح مناظرة خارجية للمتصرفين في الوثائق والأرشيف    العثور على شاب مشنوق في إحدى واحات قبلي    روسيا تخطط لإطلاق السفر بدون تأشيرة مع 3 دول بينها بلد عربي في القريب العاجل    عاجل : الفيفا تصدر توضيحا حول تصريحات ترامب بخصوص كأس العالم 2026    عاجل: هاذم ماتشوات الويكاند..برنامج كامل بالتوقيت التونسي    عاجل: الوضع الصحي لفضل شاكر بعد شائعات تعرضه لوعكة    مصر ترفع أسعار الوقود    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    العرض الكوريغرافي "Laaroussa Quartet" لسلمى وسفيان ويسي في "دريم سيتي": عندما تتحول إبداعات حرفيات سجنان إلى رمز للصمود والمقاومة    الغرفة التونسية الفرنسية للصناعة والتجارة تنظم يوم 21 اكتوبر الجاري النسخة الثانية من لقاءات التمويل    تحويل جزئي لحركة المرور على مستوى جسر لاكانيا إبتداءا من غد السبت ولمدة ثلاثين يوما    عاجل: نحو 100 إصابة بينهم شرطيون وصحفيون في احتجاجات ''بيرو'' الأخيرة..شفما؟    عاجل: تفشي مرض ''الدفتيريا'' في الجزائر...هل تونس محمية من الخطر؟    عاجل: وزارة الصحة تنظّم الأيام الوطنية لصحة البصر وصحة الفم بالمدارس..هذا هو الموعد    القصرين: تقدّم أشغال مشروع الطريق الحزامية بتالة بنسبة 54 بالمائة    وزارة التربية: فتح باب التسجيل لاجتياز مناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية دورة 2026 بداية من يوم 29 أكتوبر 2025    عاجل/ تونس دون بنوك ليومين..    ديوكوفيتش لا يخطط للاعتزال ‬ويستمد الإلهام من رونالدو وليبرون وبرادي    "هاكرز" يخترقون انظمة مطارات في امريكا وكندا ويبثون رسائل ضد إسرائيل    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    5 عادات تجعل العزل الذاتي مفيدًا لصحتك    الممثّل علي الفارسي في ذمّة الله    محمد بوحوش يكتب:صورة الأرامل في الأدب والمجتمع    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا إكراه في الاحتفال...
أفكار متقاطعة
نشر في الشعب يوم 27 - 10 - 2012

وجوه أكل الفقر والبؤس كل محياها... خطوات متعثرة... أياد مرتعشة... وهتافات مكتومة لبضع عشرات من التلاميذ الذين انتشروا هنا وهناك للاحتفال بيوم 23 أكتوبر وسط شارع الحبيب بورقيبة...
عشرات التلاميذ تركوا مقاعد الدرس والعلم والمعرفة ليلتحقوا بدعوات الاحتفال بمرور سنة على انتخاب الحكومة المؤقتة التي وعدتهم بأن تكتب دستور البلاد في ظرف سنة وتضمن جميع ممهدات الانتقال الديمقراطي السلمي من هيئات ومؤسسات ستسهر على تحقيق أهداف «الثّورة»...
عشرات من الكادحين الذين تشققت أياديهم من العمل لفظتهم الحافلات العمومية ليخرجوا من منافذ شارع الحبيب... جيوبهم مثقوبة وأحلام البعض منهم مكسورة لعجزهم عن اقتناء خروف العيد... وبهم «اختلطت» بعض «الشابات» يرفعن لافتات الولاء وما تيسر من لافتات شتم وثلب من خالفهنّ الرأي...
عشرات اخر من نفس الشريحة، شريحة المفقرين والمهمشين الذين سحقتهم سياسة بن علي، استقلوا الحافلات العمومية واتجهوا نحو قبة المجلس الوطني التأسيسي للتعبير عن ولائهم المطلق لحكومة مؤقتة دخلت بفضل أصواتهم إلى قبة المجلس التأسيسي بباردو وقصر قرطاج وقصر الحكومة بالقصبة وتوزع أبناء وبنات الحكومة على رؤوس الإدارات والمؤسسات الوطنية... من مدراء ومستشارين وولاة ومعتمدين...
وبالمثل انتشر العشرات في هذه المدينة أو تلك الولاية تعبيرا منهم لولائهم المطلق للحزب قبل الوطن... متجاهلين «الحالة الثورية» التي اكتسحت العقل والقلب التونسي منذ أن سقط جدار الخوف، ضاربين عرض الحائط آلام عائلات شهداء نظام بن علي وشهداء الترويكا المؤقتة... متجاهلين تفاقم البطالة وغلاء المعيشة
عشرات وعشرات وعشرات... ركنوا الوطن في زاوية مظلمة، وحولوا انتماءاتهم الحزبية «مقدسا» جديدا ينضاف إلى مقدّسات كنا نجتمع حولها منذ آلاف السنين فاختلفنا إلى حد التناحر والقتل حول ذات «المقدسات»...
احتفل العشرات والمئات... والآلاف... بحزب طغى... وبأحزاب زكت الطغيان الجديد... احتفلوا في مأتم جنائزي بداخل كل فرد يستنكف من الاصداح بمرارة ما حلُم به ليلة هروب الطاغية بن علي... غير أن الخنوع المستتر والكامن في الأحشاء الضعيفة لم يعرف طريقه لرفض الطغيان... ولو كان مأتاه... الأب... السلطة... مهما كان مأتاه...
احتفلوا وفي أذهانهم أنهم صاروا حكاما جددا سيستولون من جديد على ثروتنا وفكرنا وعقلنا وأحلامنا... وتناسوا أنهم يلوكون ذات الحكاية... حكاية “الشيطنة"... ورواية أنهم “ضحايا"... ولكنهم تناسوا أيضا أن زمن “تضحياتهم" (من اجل مشروعهم الضيق، لا مشروع تونس) كانوا يستجيرون بالاتحاد العام التونسي للشغل وبالمنظمات الوطنية المناضلة كالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وبالأحزاب التي صاروا ينعتونها “بالعلمانية"...
الاتحاد والرابطة وعشرات الصحافيات والصحافيين النزهاء و"أحزاب الصفر فاصل" هي التي كنست الدكتاتور يوم 14 جانفي ومهدت لهروبه منذ انتفاضة الحوض المنجمي... وهي التي أمنت لكم الطائرات لتعودوا على متنها من هناك... وهي أيضا التي أصرت على المرور السلمي إلى الديمقراطية عبر انتخاب المجلس الوطني التأسيسي... ولم تتجرأ على الاستهزاء بهذا الشعب و"افتكاك" السلطة يوم كانت بيدها...
لم يكن “الاحتفال" يوم 23 أكتوبر وطنيا، ولم يكن فرصة للتقييم وطرح ممكنات التجاوز بقدر ما كان محاولة يائسة للاستعراض الفلكلوري غير أن الاستعراض كان باهتا شاحبا في شارع الحبيب بورقيبة... وكان استعراضا صامتا في القصبة... أما تحت قبة المجلس، وأمام الكراسي الخضراء الفارغة فكان الاستعراض الخطابي منسجما مع المثل القائل “الطير يغني وجناحو يرد عليه"... غير أن جناح الحرات والأحرار كان مدويا أمام المجلس... وفي الشوارع الخلفية للمدن التونسية المثخنة بخيبة الأمل من ترسانة الوعود المبددة في المنابر الحزبية والتلفزية...
إننا نعيش الاحتفال تلو الاحتفال منذ أن آمنا بالحرية... وآمنا بأن القدر لا يستجيب إلا لإرادة الشعب... الشعب التونسي...
إننا في احتفال دائم بحريتنا وبإنسانيتنا وبحلمنا... ولا حاجة لنا بحافلات عمومية ولافاتات زرقاء... وقوارير ماء... ومليشيات تلتحف الذل...
إننا في احتفال دائم رغم أنهم يُكرهُوننا على الاحتفال... على احتفال الجاهلية الأولى...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.