استطاع الإعلاميون من خلال إضرابهم العام الأخير الذي نفذ بتأطير من نقابتهم الوطنية أن يثبتوا أنّهم رغم كل المشاكل التي يرزح تحتها القطاع قادرون على التوحّد حول مطالبهم الملحة وتجاوز خلافاتهم وهو ما مكنهم من كسب جولة في معركة الاستقلاليّة والخروج من عباءة الاملاءات والتعيينات الفوقيّة وقد كانت استجابة الحكومة لمطلبهم بتفعيل المرسومين 115 و116 استفاقة متأخرة ولكنّها لاقت ترحيبا من أهل القطاع ومن عموم الساحة الوطنية التي يعنيها الشأن الإعلامي. لكنّ تبقى التخوفات مشروعة من طريقة التفعيل والسبل التي سيتمّ توخيها لاختيار تركيبة الهيئة وانتخاب رئيسها، وهو ما كان موضوع حديثنا مع بعض نواب المجلس الوطني التأسيسي الذين تعود لهم سلطة المصادقة على المرسومين . محمد الناجي غرسلي: نأمل أن يكون دور الإعلام رياديا وملتزما وهادفا نعتقد أن الهيئة العليا لإصلاح الإعلام يجب أن تتركّب بالضرورة من أهل الاختصاص فأهل مكّة أدرى بشعابها فهم العارفون بخصوصيات هذا القطاع مع ضرورة تشريك الأطراف ذات الصلة بالملف الإعلامي إن لزم الأمر على ألاّ تتجاوز الثلث لكي تبقى سلطة القرار دائما في حالة تشكيل الهيئة المشرفة أو التصويت بيد الإعلاميين. وأعتبر أن المقصود بالإصرار على تعيين أطراف خارجيّة تعويم الهيئة من أجل التحكّم فيها والسيطرة عليها. لقد كان الإعلام في فترة سابقة يرزح تحت الضغط والتسلّط إلاّ أنه وعلى اثر الثورة تحرر قطاع الإعلام كما تحررت معظم القطاعات الأخرى ونأمل أن يكون دوره رياديا وملتزما وهادفا في المستقبل لتبليغ المعلومة الحقيقية للمواطن في الوقت المناسب وعدم حجبها والمساهمة في بناء مجتمع سليم. ويبقى المقياس الوحيد المحدد لهذه الحريّة هو الالتزام الوطني. لبنى الجريبي: تركيبة الهيئة يجب أن تقتصر على الإعلاميين والمهنيين خضنا داخل التكتّل حوارا معمقا داخل التنسيقيّة حول تفعيل المرسومين 115 و116، وقد دافعنا عن ذلك في «شبه الاستشارة» الإعلامية التي وقعت. وقد جاء الإضراب العام الذي خاضه الإعلاميون ليدعم ويسرّع في اتخاذ الحكومة قرار تفعيلهما. نحن نعتبر أن تركيبة الهيئة العليا للإعلام يجب أن تتكوّن من الإعلاميين والمهنيين وهو بالنسبة لنا مبدأ نحرص على الدفاع عنه وأن تتمعن بالحياد والاستقلاليّة في قرارها وفي منح الرخص ودراسة ملفات كراس الشروط التي يتقدم بها الراغبون في بعث مؤسسات إعلامية بما يتطابق مع المعايير الدوليّة وبالاستناد إليها. وهدفنا أن يكون لهذه الهيئة دور تعديلي وكل الصلاحيات للإشراف على مراقبة الإعلام السمعي والبصري. لقد حاولنا صلب الائتلاف الحاكم أن نتشبّثّ بالمقترحات التي تقدمت في المرسوم 116 ونعمل على تطبيق التركيبة المقترحة كما هي. وكان قرارنا بعد الاستشارة تفعيل المرسومين ومن ثمّة النظر في جملة التعديلات المقترحة وهو ما يستدعي بالنسبة لنا التوافق الذي نحن في أمسّ الحاجة إليه بالنسبة لجميع الأطراف المعنيّة المتدخلة في القطاع وداخل المجلس التأسيسي الذي ستكون له سلطة القرار. سمير بالطيّب: نقترح إحداث هيئتين واحدة تعنى بالسمعي البصري والثانية بالمكتوب حريّة الإعلام وتنظيمه قضيّة تهمّ كل التونسيين، وأتصور عكس ما ترغب فيه الحكومة التي تقترح إحداث لجنة تضم كافة القطاعات الإعلامية أن الأنسب هو إحداث هيئة تعنى بالإعلام السمعي البصري كما هو معمول به في عديد البلدان وهيئة ثانية تهتم بالإعلام المكتوب وأعتقد أنّ هذا هو موقف أغلب الديمقراطيين في تونس. أمّا في علاقة بتركيبة الهيئة فأرى أنّه يجب عدم تمثيل الأحزاب السياسيّة وأن استقلاليتها لا يمكن أن تكرّس إلاّ من خلال شخصيات مستقلّة مهنية من داخل القطاع وأن يمثّل فيها أصحاب المؤسسات الإعلاميّة إلى جانب النقابات والصحافيين أو شخصيات إعلامية تحظى بثقة الجميع. كما اقترح في علاقة برئاسة هذه الهيئة أن يتمّ الترشيح لمدّة واحدة تكون طويلة نسبيا وغير قابلة للتجديد حتى لا يبقى المرشح أسير الجهة التي عينته حريصا على إرضائها لإعادة تعيينه مرّة ثانية. الحكومة تأخرت في تفعيل المرسومين ولم تكن راغبة في ذلك لولا التحركات والإضرابات التي خاضها الإعلاميون في عديد المؤسسات الإعلامية كالتلفزة الوطنيّة ودار الصباح وعدّة مؤسسات أخرى والتي كللت بالإضراب العام الناجح الذي دعت إليه النقابة الوطنيّة للصحافيين التونسيين وضغوط نواب المعارضة بالتأكيد على ضرورة الحوار، رغم أن تحرك الحكومة الأخير لا تزال تشوبه شبهة في ظل عدم التسريع في الانتقال من التفعيل إلى التطبيق دون إضاعة مزيد من الوقت في المشاورات الهامشيّة والمماطلة. ونتمنى في الأخير أن يمثل بعث الهيئة نهاية للنفق المظلم الذي عاش في الإعلام التونسي حتى يتحرر ويخرج من المشاكل التي تمّ حشره فيها، ليتفرّغ للاهتمام بالشأن العام عوض الاهتمام بمشاكله الخاصة. مراد العمدوني: نريد هيئة للإعلام لا تعيد إنتاج وزارة إعلام جديدة بمسميات مخادعة كنّا نتمنّى لو أن الحكومة الحاليّة قامت من تلقاء نفسها بتفعيل المرسومين 115 و116 وجنبت قطاع الإعلام والساحة الوطنيّة جملة التجاذبات والأزمات التي ساهمت في توتير المناخ السياسي والاجتماعي. لكن لسوء الحظ يبدو أن الحكومة فكرت بنفس العقلية التي تعاملت مع قطاع الإعلام لأكثر من نصف قرن فسعت إلى تركيع الإعلام ودفعه إلى الخضوع لإرادتها السياسيّة متناسية أن الثورة قد حررت الإعلاميين من منطق الاملاءات والتبرير والتعليمات. كانت جملة التحركات التي خاضها الصحافيون والإعلاميون منذ الحكومة الانتقالية الأولى سواء بشكل فردي أو داخل المؤسسات بتأطير من النقابة الوطنية للصحافيين أو من نقابة الثقافة والإعلام وبالأخص تحركات التلفزة الوطنية والاعتصام الأخير بدار الصباح الذي تواصل لأكثر من ستين يوما وتخلله إضراب عن الطعام والتي توّجت بدعوة نقابة الصحفيين إلى الإضراب العام الذي كان ناجحا رغم حملات التشكيك والهرسلة، خير دليل على وعي الإعلاميين بالدور والمسؤولية الوطنيّة الملقاة على عاتقهم في انجاح الانتقال الديمقراطي والقطع مع الصفحة السوداء التي سبقت الثورة. ولم يكن ينقصهم سوى تنظيم القطاع من خلال تفعيل المرسومين 115 و116 وبعث الهيئة المستقلة للإعلام التي نتمنى أن تكون مستقلّة بشكل تام عن كل التجاذبات السياسية وعن الحكومة ويتم اختيار أعضائها من المهنيين وأهل القطاع حتى لا يتم إعادة إنتاج وزارة إعلام جديدة خاضعة وتابعة تحت مسميات مخادعة أمّا في علاقة برئيس الهيئة فأتصوّر أن يكون من ضمن الشخصيات الوطنيّة المشهود لها بالكفاءة الإعلامية وبالحياديّة والاستقلالية . نادية شعبان: علينا أن نقطع مع الممارسات الأبويّة للسلطة مع الإعلام نعتبر أن تفعيل المرسومين 115 و116 قد استغرق وقتا طويلا وقد كان من الممكن اتخاذ هذا القرار منذ أشهر. المطلوب اليوم السماح للأطراف المهنية في القطاع هي التي تعيّن أعضاء الهيئة وتقرر من يمثلها فهي الأدرى بالمهنة وليس من المعقول تدخل أطراف لا علاقة لها بالقطاع وعلينا ان نترك الفرصة لهم لإصلاح ما يجب إصلاحه وتعديل المرسومين. وعلينا أن نقطع مع الممارسات الأبويّة والعقلية السابقة التي تعاملت بها السلطة مع الإعلام لأكثر من خمسين سنة لكي نرسي ثقافة جديدة. ما نلاحظه اليوم أن ممارسات الحكومة اتسمت بالضبابيّة ولم توضح منهجيتها في التعامل مع الإعلام وهو ما دفع الى التوتر بينها وبين أهل القطاع وفقدان الثقة في قراراتها. المرسوم كان حاضرا منذ الحكومة السابقة ولو حرصت الحكومة الحالية على تفعيله لما وصلنا إلى جملة الاخلالات والمآسي التي يشهدها القطاع ولما تم دفع الإعلاميين إلى الإضراب العام والى الاعتصامات والإضراب عن الطعام كالذي خاضه الصحافيون في دار الصباح. محمود البارودي: انتخاب رئيس الهيئة يجب أن يكون على أساس الكتل لا التمثيليّة النسبيّة الأمر الأساسي اليوم التسريع في تفعيل المرسومين 115 و116 والتسريع في إحداث الهيئة المستقلة المشرفة على الإعلام لأن القطاع أصبح يعاني عديد المشاكل التي يجب أن تحلّ في أقرب وقت ممكن خاصة وأنّ قطاع الإعلام مرتبط ارتباطا وثيقا بالانتخابات والمرحلة الانتقالية القادمة وهو ما يستدعي تنظيمه في اقرب وقت وفي أفضل الظروف. اليوم نستمع إلى عديد التسريبات حول أسماء مقترحة لرئاسة الهيئة في حين انه لم يتمّ اقتراح أي اسم بصفة رسميّة ونحن في الكتلة الديمقراطيّة لم نقترح أسماء. ونعتبر أن المرشح يجب اختياره على أساس الكتل الموجودة داخل المجلس التأسيسي لا على أساس التمثيليّة النسبيّة فيكون لكلّ كتلة صوت كالكتل الأخرى. ويبقى هدفنا الأساسي أن تكون الهيئة ممثلة من الإعلاميين فقط من داخل القطاع وألاّ تكون الحكومة والأحزاب ممثلة حتى نضمن شرط الاستقلالية بأتمّ معنى الكلمة نظرا لحساسيّة القطاع.