أحيى الشغالون بالساعد و الفكر يوم الأحد 2 ديسمبر 2012 بدار الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس الذكرى 60 لاغتيال الزعيم النقابي والوطني فرحات حشاد الذي امتدت له يد الغدر الاستعماري للإجهاز عليه وذلك يوم 5 ديسمبر 1952 في محاولة بائسة وجبانة و يائسة لإيقاف مد النضال الوطني والنقابي إلا أنها رامت تحقيقه عصابة الاستعمار الإجرامي من خلال هذا العمل الشنيع لم يتحقق لها بل حصل العكس فقد اشتعلت نار الحقد و ازداد لهيبها ضد المغتصب. في حشد جماهيري يتقدمه أبناء الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس ووجوه المجتمع المدني والأحزاب السياسية ألقى الأخ محمد شعبان الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس كلمة حيّى في بدايتها جمهور الحاضرين مثمنا تواجدهم بهذا العدد الكبير الذي يعبر بحق عن اعتزازهم بمنظمتهم العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل و التفافهم حولها ضاربين عرض الحائط مرة أخرى الشائعات المغرضة التي تحاول النيل من هذا الصرح الشامخ ثم انتقل الأخ محمد شعبان للحديث عن مسيرة زعيم الحركة الوطنية والنقابية فرحات حشاد جاء فيها بالخصوص: «إذا كانت الشعوب تعتز بعلمائها وبناة الحرية و الحضارة منها فإنها تعتز كذلك بأبطال النضال وشهداء الحرية فتذكرهم دائما وتمجد استشهادهم وتستقبل أيام ذكراهم بخشوع وإجلال و تقديس . ففي يوم الجمعة 5 ديسمبر 1952 اغتال المجرمون الاستعمارين زعيم العمال التونسيين فرحات حشاد و هو في سيره اليومي للنضال من أجل الكادحين من أبناء الشعب بل من أجل الحرية الكاملة و التقدم الكامل لأبناء تونس كلّهم. إن المتمعن مليا في حياة الزعيم الشهيد فرحات حشاد النضالية من خلال المفاصل الكبرى لتعاقب الأحداث المادية أو من خلال الكتابات والوثائق المتوفرة تلاحظ أن هذه الحياة العملية النضالية امتدت على مساحة 16 سنة كانت ثمانية منها في صلب الكنفدرالية العامة للشغل الفرنسية وثمانية سنوات في صلب الاتحاد العام التونسي للشغل وذلك من سنة 1945 إلى سنة 1952. والحاصل أن الزعيم الشهيد كرس حياته للدفاع عن العامل خصوصا لأنه هو بالذات عاش في شبابه المبكر وضع الكادحين في وقت كان العامل التونسي فيه يعاني أبشع استغلالين : الاستغلال الاستعماري البغيض و انطلاقا من هذا الوضع لم يكفّ عن النضال ضد كل حالة من حالات الاضطهاد والظلم التي تعرض عليه يوميا من قبل من كانوا يلوذون بالاتحاد حتى يتكفل بالدفاع عنهم فرادى وجماعات، وقد خصص فرحات حشاد لهذه القضايا جزءا معتبرا من وقته فأفاد العمال بمعرفته النافذة بالمسائل القانونية والإدارية والاجتماعية. وكان الزعيم الشهيد ينزل الدفاع عن العمال في نطاق أوسع وهو الكفاح من أجل بث الوعي في الطبقة العاملة وقد سلك في هذا الصدد مسلك أب الحركة النقابية التونسية محمد علي نفسه حيث كان المطلوب جعل العامل واعيا بدوره في المجتمع وبحقوقه وواجباته وبالقوة التي يمثلها عندما يكون منظما و بمسؤوليته في السعي إلى التحرير الوطني وبضرورة الكفاح في سبيل التقدم الاجتماعي. وفي هذا المجال بالذات فإن الحركة النقابية مدينة لفرحات حشاد باكتشاف عبقرية العامل التونسي وبكيفية وضعها موضع الفعل والانجاز حيث كان يرى أن الطبقة العاملة هي عماد الحاضر والبوابة إلى المستقبل وهي العنصر الفعال والفاعل في كل تغيير. هذه هي بعض سمات الفكر الحشادي في المراحل الأولى من بداية حياته النضالية وقد ظل يرتقي متفاعلا مع الأحداث و الوقائع فتنعتق من الضيق إلى الأرحب و تتجاوز حدود الطبقة العاملة إلى الشعب بأسره في انصهار وطني تام شكل في النهاية جبهة وطنية واجهت الوجود الاستعماري وألحقت به ضربات موجعة بكل عزيمة وإصرار حيث كان فرحات حشاد يقودها وينظمها ويسهر على إذكاء حدوثها فكان بحق أب الانتفاضة لسنة 1952 ومخطط المعركة المسلحة و دماغها المفكر فأصبح لهذا البعد وهذا الدور يشكل خطرا جسيما على الاستعمار فاغْتِيل يوم 5 ديسمبر 1952 و هو لم يتجاوز التاسعة والثلاثين من العمر.» وقد ختم الأخ محمد شعبان كلمته حول حشاد بذكر بعض أقواله الخالدة : « - الاتحاد من أعظم أدوات الرقي في هذه البلاد في جميع الميادين وهو مدرسة اجتماعية إنسانية هو موطن الكفاح الحقيقي الصادق الصالح الذي لا يرمي إلا إلى إقرار العدل والحريات الأساسية. - لا نريد المناورة و الدسائس الخبيثة ونريد الشمس في وضوح النهار إذ نحن نزهاء ونحب النزاهة و نقاوم الظلم كيفما كان الاضطهاد الذي يحميه. - هل يستحق الحياة من لا يدافع عن كرامته ومن لا يشارك في بناء صرح مستقبل بلاده ومن يرضى بالذل والظلم ويتقهقر أمام الباطل.» وإثر الكلمة خرجت مسيرة حاشدة من مقر الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس في حدود الساعة 11 و 20 دق في مقدمتها الأخ محمد شعبان وأعضاء المكتب التنفيذي لتجوب شوارع مدينة صفاقس شرقا وغربا وجنوبا وشمالا رافعة شعارات الولاء للمنظمة العتيدة و الوفاء الدائم لأرواح الشهداء الأبرار الذين ضحوا بحياتهم في سبيل حرية وكرامة الطبقة الشغيلة ومن أجل التحرر و الانعتاق الاجتماعي للشغب التونسي. كما أكد المتظاهرون تجديد العهد لمناضلي معركة 5 أوت 1947 وشهدائها الأبرار و في مقدمتهم بطلها وقائدها المناضل النقابي و الوطني المرحون الحبيب عاشور. كما عبرت الشعارات عن ضرورة مزيد التضامن والوحدة والالتفاف حول الهياكل النقابية استعدادا لمتابعة الملفات المتعلقة بمصير و حياة الشغالين وحماية أهداف ثورة الحرية والكرامة. كما رفعت الشعارات منادية بالدفاع عن الاتحاد العام التونسي للشغل بكافة الوسائل المشرعة إزاء ما يتعرض له من ممارسات تذكرنا بسلوكات ميزت العهد البائد ولم تزد المنظمة ومناضليها إلا ثباتا على المبدأ وصلابة في الموقف و ملازمة اليقظة الدائمة وقد توقفت المسيرة دقائق عديدة أمام مقر الولاية لتندد بسلوكيات والي الجهة والمتمثلة خاصة في عدم التزامه بالحياد الإداري وانتهاجه المحاصصة الحسبية الضيقة والولاء لتعليمات السلط العليا ولو على حساب التنمية بالجهة ومصالح مواطنيها. ورفعت شعارات تضامنية مع نضالات الشغالين و النقابيين و كل أبناء جهة سليانة من اجل تحقيق مطالبهم المشروعة والعادلة وإطلاق سراح الموقوفين على خلفية أحداث 26 أفريل 2011 مطالبين بتعيين والٍ جديد يخدم الجهة وله القدرة على التواصل مع الأطراف الاجتماعية والحوار معها كما ندد المتظاهرون بكل أشكال التدخل الأجنبي في الوطن العربي داعين إلى التصدي له وتجريم كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني العنصري وإدراجه بالدستور.