عندما تقول الأرقام كلمتها يصعب التعليق. الأرقام قالت تونس «لا باس» الأرقام قالت أيضا أن 100 ألف عاطل تونسي خرجوا من دائرة الحرمان وحصلوا على وظائف. والأرقام قالت كذلك أن زيادة الحليب ضرورة وان غلاء الأسعار لم يؤثر على المعيشة. ولان الأرقام علم غير قابل للتكذيب ولا يفهمه الكثير فان البسطاء من أمثالي وأمثال المواطن البسيط مجبر على تصديقها وتكذيب واقعه لان الأرقام «كي تتكلم... تتكلم». فإذا قالت الأرقام أن نسبة التضخم بلغت 5 بالمائة علينا أن نجهد أنفسنا في إقناع أنفسنا بان الورقة «بوعشرة تقضي ومازالت بكلمتها» وان ضعف ما يمكن أن تشتريه بها يعود إلى ضعف قدراتك في مادة الحساب أو في أقصى الحالات إلى ظروف خارجية لا علاقة بتدهور قيمة العملة. وإذا قالت الأرقام أن الحكومة شغلت 100 ألف عاطل فعليك أن تبحث بين أقاربك عن سعيد الحظ الذي «نقزها» وتجاوز مرحلة البطالة. قد لا تجد أحدا من جيرانك أو معارفك أو أصدقاء الدراسة أو أبناء العمومة قد خرج من حالة البطالة. فعليك إذا أن تتسلح بالأرقام و تبحث فيهم عن من يخفي صفته الجديدة. وإذا قالت الأرقام أن نسبة النمو قد بلغت 3.4 بالمائة رغم انك لا تشاهد أي نمو أو أي بناء أو أي مشاريع فاعلم أن ضعف بصرك أعماك من رؤية التنمية في كل مكان. أيا سيدي، باختصار كذب روحك وصدق الأرقام فهذه الأرقام لا تكذب. الغريب هذه المرة في لغة الأرقام أن الجماعة التي تصدرها وتنتجها تضاربت في أقوالها وقدمت أرقاما مختلفة وبالتشديد على الجهات الرسمية كما يقول جماعة «حكمت المحكمة» تبين أن الأرقام صحيحة وان كل ما في الأمر أن بعضها قديم وبعضها الأخر جديد وان الإدارة التونسية التي أصبحت تتعامل في ما بينها شفاهيا وتصدر تقاريرها حول التنمية بالاعتماد على موظف ما «سمعش مليح» . وبعد أن شرح مسؤول في المعهد الوطني للإحصاء سبب التضارب في الأرقام فهمت تحديدا لماذا أقالت الحكومة المؤقتة المدير القديم وجاءت بالمدير الجديد فمهمته تصحيح الأرقام والله اعلم.