افتتح أمس الوزير الأول في الحكومة المؤقتة الباجي قايد السبسي، أشغال الندوة الدولية حول: «العدالة الاجتماعية ومقاومة الاقصاء في زمن الانتقال الديمقراطي» وقد استهلّ كلمته بلمحة، زادتها معاني فكهة، ما حصل له وهو يتوجه الى المنصة حيث جعلته عثرة بسيطة يتذكّر ويذكّر ما حصل له مؤخرا، اذ قال: يحصل ان يزلق الانسان ليس باللسان فقط بل بالجسم... معبّرا أنه ينتمي الى «الفخّار القديم» الذي «يسقط» ولا «ينكسر»... وشدد قائد السبسي خلال كلمته الى ان الحكومة الانتقالية أسهمت في تشغيل 50 ألف عاطل عن العمل، وظروف النمو معدلها صفر، في حين عجز نظام بن علي ولمدة 23 سنة عن تحقيق ذلك، بل أكثر من ذلك فقد كذبت أرقامه حول التنمية والنمو والبطالة حيث كشفت الثورة ان اكثر من 24 بالمائة من التونسيين هم في عداد الفقر. وأن 700 ألف عاطل عن العمل، 170 ألف منهم من أصحاب الشهائد العليا. وقال إننا نحن اليوم نلج مرحلة التحقيق النسبي للسلم الاجتماعية، وان عزيمة التونسي وتضحياته من أجل رفعة بلده، هي المحرك الأساس لكل منوال تنمية... وعرّج على خصوصية الثورة التونسية التي تحمّل فيها الشباب غير المؤطر والذي تحرّك بدون قيادات حزبية، الجزء الاكبر.. شباب يقول قائد السبسي بلا مرجعية لا دينية ولا خارجية ولا حزبية... وقد انبرى الشباب بصدور عالية يقاوم التهميش والدكتاتورية، لأنه ينادي فقط بمقاومة الفساد والظلم والاستبداد والتهميش، وشدّد الوزير الاول على أن فشل منوال التنمية في تونس، يعود الى أن 20٪ فقط خصّصت للمناطق الداخلية في حين حفلت ب 80٪ كل المناطق الساحلية أين البحر والشمس، من مجموع وحجم الاستثمار والتنمية قائلا: اذن من الطبيعي أن تنطلق الثورة من تلك المناطق... واقترح الباجي قائد السبسي على الندوة الدولية الملتئمة بالضاحية الشمالية، أن تبحث في مسألة اقامة رؤية أوضح لنمط النموّ في تونس، فهذه الثورة، يضيف قائد السبسي، كشفت مدى عمق الهوّة بين ما كان يصوّر لنا في تونس وما كان موجودا في الواقع... في تونس، حصل شرخ اجتماعي عانت منه البلاد قبل الثورة «ونحن نريد أن نباشر الأمور بجديّة لا بالشعارات»... وأضاف بأن العدالة الاجتماعية لا يمكن أن تقتصر على جهات معيّنة، وان التونسي اليوم أصبح معنيا بالحقائق وسئم الشعارات والكذب والتزييف والوعود الزائفة، وكان قائد السبسي قد عرّج في معرض كلمته على ما قاله بن علي حين وعد في آخر أيام «حكمه» بإحداث 300 ألف موطن شغل، في حين نطق حزب آخر بعد الثورة بضعف الرقم، أي تحقيق 600 ألف موطن شغل، وكان واضحا أن الوزير الاول في الحكومة الانتقالية اطلع على حوار صحفي (بجريدة «الشروق» تحديدا دون ان يذكره) تحدّث فيه صاحب الحوار عن هذا الرقم في مجال التشغيل. وكان السيد محمد الناصر وزير الشؤون الاجتماعية قد افتتح الندوة، بالترحيب بالضيوف، وبالوقوف على هنات اجتماعية، طوال عهد النظام السابق، مشيرا الى أن موضوع التهميش والاقصاء لا يهم تونس فقط بل كل العالم، وأن المنظمات غير الحكومية ذات الاختصاص، تعتبر الموضوع شغلها الشاغل. وعبّر السيد محمد الناصر عن استغرابه، من الرقم الذي فاجأ الجميع: معدّل الفقر في تونس هو 24.7٪. وبين الناصر كيف ان الفقر شعور ذاتي، وأن الثورة في تونس جاءت لتميط اللثام عن الحقائق المزوّرة والمخفية. أما شارل دان فقد تحدّث باسم المكتب الدولي للعمل، داعيا الجميع الى النضال ضد الفقر ومقاومته، وهو يقصد الفقر المادي والفقر المعنوي أيضا. وأضاف أن ثورة الياسمين في تونس، هي بداية الثورة الأشمل من أجل افريقيا جديدة، نامية ويغيب فيها الاقصاء والتهميش.