محمد رمضان يرد على الشامتين بعد انفجار حفله الغنائي: "اللي معندوش كلمة طيبة يخرس!"    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    عاجل : القضاء الأميركي يوقف ترحيل آلاف المهاجرين: تفاصيل    الحوثي يستهدف مطار بن غوريون بصاروخ باليستي    موجة شهادات مزورة تثير تداعيات سياسية في إسبانيا    كولومبيا.. تعيين ممثل أفلام إباحية وزيرا للمساواة    البطولة العربية لكرة السلة - المنتخب الجزائري يتوج باللقب    (سنغفورة 2025 – أحمد الجوادي يتأهل إلى نهائي سباق 1500م سباحة حرة بتوقيت متميز    مباراة ودية: تغيير موعد مواجهة النجم الساحلي والنادي البنزرتي    النادي الإفريقي يعلن تعاقده رسميا مع "فوزي البنزرتي"    النجم الساحلي: محمد الضاوي "كريستو" يعود إلى النجم الساحلي وصبري بن حسن يعزز حراسة المرمى    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    المعهد الوطني للرصد الجوي.. البحر قليل الاضطراب والسباحة ممكنة في النهار    سهرة قائدي الأوركسترا لشادي القرفي على ركح قرطاج: لقاء عالمي في حضرة الموسيقى    غدا.. الدخول مجانيّ لجميع المواقع الأثريّة والمعالم التاريخيّة    الفنان غازي العيادي للمرة الأولى على ركح مهرجان الحمامات الدولي... حضور طال انتظاره بعد مسيرة فنية ناهزت 30 عاما    تقلبات جوية اليوم ...تفاصيل يكشفها معهد الرصد الجوي    عاجل : زلزال يهز أفغانستان    تحذير للتونسيين : برشا عمليات قرصنة ... ردّ بالك من التصاور والروابط المشبوهة    انهيار جزئي لأكبر منجم للنحاس إثر هزة أرضية بتشيلي    كريستيانو رونالدو يتحرك لعقد صفقة مدوية في الميركاتو    عرض كمان حول العالم للعازف وليد الغربي.. رحلة موسيقية تتجاوز الحدود    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    التوجيه الجامعي.. تلميذ متميز متحصل على معدل 18 /20 طلب شعبة الطب فوجه إلى علوم الاثار    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    أعلام من بلادي: الشيخ بشير صفية (توزر): فقيه وأديب وشاعر درس في الجزائر وتونس    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار بولاية مونتانا الأمريكية    حجز 735 كغ من الأسماك الفاسدة…    عاجل/ إضراب جديد في النقل..وجلسة تفاوض مرتقبة..    عاجل/ بعد نشر مقاطع فيديو لأطفال من حفلات المهرجانات الصيفية: وزارة الأسرة تتدخل وتعلم النيابة العمومية….    متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة..    زغوان تستفيد من 5 سيارات خدمة وتجهيزات طبية لتعزيز الرعاية الصحية    عاجل/ نقابة التعليم الأساسي تقرّر يوم غضب وطني وإضراب عن العمل..وهذا موعد..    على ركح مهرجان الحمامات الدولي .. لطفي بوشناق... يتسلطن    دكتورة في أمراض الشيخوخة تحذّر من اضطرابات المشي لدى كبار السن المؤدية إلى السقوط    انتعاشة هامة للسياحة/ هذا عدد عدد الوافدين على تونس الى 20 جويلية 2025..    رسميا/ الرابطة المحترفة الاولى لكرة القدم : برنامج مقابلات الجولة الافتتاحية..#خبر_عاجل    وزارة الصناعة تمنح شركة فسفاط قفصة رخصة البحث عن الفسفاط " نفطة توزر"    نتائج الدورة الرئيسية للتوجيه الجامعي 2025: تحسّن في نسبة الإستجابة لاختيارات المترشحين    عاجل/ المكتب الجامعي لكرة القدم يتخذ قرار هام..    جندوبة: انطلاق أشغال صيانة طريق "سبعة مشايخ" الرابطة بين طبرقة وبوسالم    لطفي بوشناق يتغنى بالوطن والمرأة على مسرح مهرجان الحمامات الدولي    جمعية الكشاف التونسي تنظم مخيما كشفيا دوليا بجربة بمشاركة 800 كشاف من عشر دول    تحب تزور متحف ولا موقع أثري؟ نهار الأحد ما تخلّصش    شنوة يلزم يكون في صندوق الإسعافات الأولية متاعك؟    كارثة بيئيّة في بنزرت: مياه الصرف تغمر 4 هكتارات من الأراضي الفلاحية في هذه المنطقة    وزارة التجارة تعلن عن تحديد أسعار قصوى للبطاطا وهوامش ربح للأسماك بداية من 4 أوت    عاجل/ حجز أطنان من السكر والفرينة المدعّمة واعادة ضخها بهذه الأسواق..    وزير الشؤون الدينية يُعاين جامع قرطاج ويقرّ جملة من إجراءات الصيانة    هل يمكن لمن قام بالحج أن يؤدي عمرة في نفس السنة؟    خمسة جرحى في حادث مرور خطير..#خبر_عاجل    للتوانسة: الصولد الصيفي ينطلق نهار 7 أوت... هذا هو اللي يلزمكم تعرفوه!    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    وزارة الصحة تدعو إلى الإقبال على الرضاعة الطبيعية خلال الستة أشهر الأولى من عمر الطفل على الأقل    اكتشاف فصيلة دم غير معروفة عالميا لدى امرأة هندية    عاجل/ إيران تفجرها وتحسم: لا عودة للمفاوضات قبل دفع الثمن الأمريكي..    خطبة الجمعة: أمسِكْ عليك لسانك    استعادة 6 قطع أثرية تمت إعارتها إلى معهد العالم العربي بباريس منذ سنة 1995..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جبنيانة على فوهة بركان
نشر في الشعب يوم 29 - 12 - 2012

في غمرة احتفال شعبنا بالذكرى الثانية لانطلاق المسار الثوري يحق للكثير التساؤل عما تغير وما أنجز طيلة هذه المدة وقد طرح البعض مشروعية الاحتفال أصلا خاصة مع إجماع حاصل على الفشل الذريع والإخفاق الكبير في تجسيد أهداف الثورة ومطالبها، أضف إلى ذلك حالة الانفلات السياسي والأمني وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تتراكم يوما بعد يوم في مختلف جهات البلاد والتي أصبحت تهدد لا فقط انتظارات شعبنا بل كذلك المكاسب التي تحققت طيلة عقود وخاصة بعد انطلاق المسار الثوري.وانطلاقا من قناعتنا بأهمية دراسة وضع محلي لفهم الواقع العام ارتايت من خلال هذا المقال البحث في جهة جبنيانة كنموذج للفشل وتعبير عن حالة الإحباط التي يعيشها جزء كبير من جماهير شعبنا بعد عامين من اندلاع شرارة الثورة بحث يحاول أن يكون ملموسا لواقع ملموس.
التاريخ شاهد على بؤس الجغرافيا
قد يذهب في اعتقاد البعض أن موقع جبنيانة الساحلي بين مدينة صفاقس وولاية المهدية عامل مساعد وحظ طبيعي لأهالي المنطقة العريقة تاريخيا إذ تعود نواتها إلى العصر الروماني ثم توسعت في العهد الاغلبي حول مقام الولي الصالح ابي إسحاق الذي قام بدور تعليمي وديني هام أنضاف إلى الدور الاقتصادي المتمثل أساسا في الانشطة الفلاحية وخاصة المتصلة بقطاع الزياتين وفي حقبة الاستعمار المباشر تحولت المنطقة إلى قيادة من أشهر من ادارها محمد حسني عبد الوهاب ومع خروج الاستعمار المباشر تحولت إلى معتمدية مترامية الأطراف متعددة العمادات وبمرور الوقت شرعت الحكومات المتعاقبة في تقليص مساحاتها وتهميش المنطقة تهميشا ممنهجا كعقاب لأهاليها الذين لم يساندوا الحزب الحر الدستوري ولم يهللوا للمجاهد الأكبر لذلك حرمت على خلاف المناطق الساحلية من التنمية والمشاريع الاستثمارية فباستثناء معهد 18 جانفي 52 الذي انطلق سنة 1965لم تعرف الجهة أي انجاز للدولة وهو ما يفسر ارتهان حياة الناس للعوامل الطبيعية وكرم السماء وتقلبات المناخ والنشاط الفلاحي الموسمي غير المنتظم إنتاجا ومنتوجية وقد زاد الوضع تأزما من خلال السياسة الزراعية المتبعة والتي أنهكت المائدة المائية واديم التربة وانحسار تربية الماشية وتصحر السواحل وتلوثها نتيجة الاستغلال العشوائي والمفرط مما دفع بالعديد إلى التفويت في أراضيهم وبالتالي استفحال ظاهرة البطالة والتهميش والهجرة السرية وانتشار مظاهر الاجرام والانحراف في ظل غياب مؤسسات تشغيلية باستثناء بعض المصانع التي استفاد اصحابها من قانون 72 او الاصلاح الهيكلي من خلال التشغيل الهش واستغلال العمال وامتصاص عرقهم مقابل اجور زهيدة او عبر التحيل بالحصول على قروض واغلاق المصانع اضافة الى تردي الخدمات الصحية والتربوية والادارية.
جبناينة... جهة ممانعة ورفض
كل العوامل التي ذكرناها جعلت جبنيانة جهة ممانعة ورفض بامتياز شاركت تقريبا في كل الحراك السياسي والاجتماعي طيلة العقود الماضية بل كانت مبادرة في الكثير من الاحيان ويبدو من الطبيعي ان يكون معهد18 جانفي52 النواة التي تنطلق منها التحركات وتاطرها من خلال ما تخرج منه من طاقات نضالية سياسية ونقابية وحقوقية وجمعياتية نظرا لاحتضانه آلاف من جهات مختلفة ولغياب مؤسسات باستثناء المقاهي التي كانت مسرحا لتنظيم التحركات الاجتماعية التي نجم عنها عدد من الشهداء والجرحي والمعتقلين والمجندين، وحتى في الفترة الحالكة في عهد الدكتاتورية النوفمبرية ظلت جبنيانة من المناطق اليتيمة التي تنتفض وترفض عبر المسيرات والاحتجاجات والعرائض وغيرها من الاشكال النضالية ولعل احداث 2000 وجانفي 2010حين اقتحم معهد 18/01/52 من قوات القمع فكان الاضراب العام ومع اندلاع شرارة الثورة كانت الجهة من اول المنخرطين في مسارها عبر المسيرات والتجمعات فكان حصار جبنيانة وحملات القمع المنهجي الذي اسقط جريحين ومع هرب الدكتاتور وفي ظل الفراغ الامني تجند المواطنون لحماية ممتلكاتهم وانفسهم والنضال لاستكمال مهام الثورة عبر رفض حكومتي الغنوشي والسعي الى الخروج بالجهة من التهميش والحقرة. فهل استطاعت الجهة الخروج من وضعها المأسوي بعد عامين من انطلاق المسار الثوري؟
... وتستمر المعاناة
اذا استثنينا تشغيل ما يقارب 500معطل ومعطلة من الذين اضطروا الى الانقطاع عن الدراسة في اطار عملة الحضائر الذين يعملون في ظروف قاسية وغموض قاتم لمصيرهم فان وضع الجهة لم يعرف أي تغيير يذكر بل يمكن القول ان الوضع يزداد ترديا على جميع الاصعدة:
- فلاحيا: اختلال جل القطاعات المنتجة فلاحيا، الزياتين الاشجار المثمرة الزراعات السقوية تربية الماشية في ظل ارتهان الفلاحة للظروف المناخية ومازق الوضع العقاري باعتبار الاراضي السيالة والاحباس اضافة الى غلاء اسعار البذور والادوية وتردي المسالك الفلاحية كما يشكو صغار البحارة وضعا مترديا نظرا لعدم تكافئ المنافسة وارتفاع التكاليف ونفوذ الوسطاء.
صناعيا: تردي وضع ما يسمى المنطقة الصناعية التى تحولت الى ما يشبه الخراب نتيجة غياب الاستثمار الصناعي وانحصاره في بعض المؤسسات ذات القدرة التشغيلية الضعيفة والهشة والمهددة في أي وقت بالتوقف، اما قطاع الخدمات فمازال بدائيا يفتقر الى بنية تحتية ترتقي به.
- اجتماعيا: استفحال البطالة وارتفاع عدد المهمشين الذين وقعوا في براثن الاجرام والانحراف مما وسع كما هو الحال في ارجاء القطر من في قاعدة المفقرين والمجوعين نتيجة التدهور الخطير للمقدرة الشرائية والتهاب الاسعار، زيادة على تذكية البعض للنعرات الجهوية والعشائرية.
- امنيا: غياب سياسة امنية واضحة يصل احيانا الى غياب «مستراب» احيانا للامن مما ادى الى تحول المدينة الى مسرح للجرائم والاعتداءات من سرقات وعنف...
- سياسيا:لم تحض الجهة كغيرها من الجهات المحرومة والمهمشة باي تدخل لاصلاح اوضاعها المتردية فنصيب الجهة من التنمية لم يتجاوز المبلغ الذي خصه بن علي للجهة قبل ايام من هروبه والمقدر ب5 مليارات لم تصرف بعد ولم نر الى يوم الناس هذا أي اثر لها، زد على ذلك معاناة الجهة من سعي الحزب الحاكم للهيمنة على مؤسسات الدولة ومرافقها (معتمد، مجلس محلي للتنمية، جمعية تنموية) وانسياق السلطات والادارات لاملاءات مكتب حركة النهضة وغير ذلك ولعل اغرب ما شهدته الجهة عدم تزكية نيابة خصوصية للبلدية على خلاف جميع الجهات مما ابقي المجلس البلدي المنبثق عن انتخابات مزورة قبل الثورة قائما.
- صحيا: تردي الخدمات الصحية العمومية وخاصة وضع المستشفى الجهوي مما اثقل كاهل المرضى المفقرين وفاقم من تدهور الأوضاع الصحية خاصة مع المشاكل البيئية المتراكمة.
إن استفحال تردي الأوضاع أنتج احتقانا اجتماعيا ورفضا جماهيريا للأوضاع السائدة مما دفعها إلى خوض حراك نضالي احتجاجي بأشكال متنوعة وتصاعدية (بيانات، عرائض وقفات احتجاجية، اعتصامات وإضراب عام) قوبلت بالامبالاة من والي الجهة الذي عمد إلى أساليب غير مسؤولة، خلق استياء لدي جل الأهالي.
لذلك فان أهالي جبنيانة باستثناء من اعتقد وتوهم أن المسار الثوري قد اكتمل يوم 23/10/2011 يحق لهم المطالبة بحقهم في التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية والخروج من دائرة التهميش والاقصاء والعقاب الجماعي على خلفية مواقفهم ورؤاهم المعارضة ولا يكون ذلك إلا بمنوال تنموي عادل يشمل الخدمات والبنى التحتية والتشغيل وإصلاح الوضع العقاري ولا يتم ذلك الا بتحمل الدولة مسؤوليتها كاملة في بعض المشاريع المشغلة ومراجعة الوضع الإداري للجهة كالتفكير في تحويل جبنيانة إلى مركز ولاية يحتضن ادارات جهوية ومؤسسات جامعية بامكانها توفير مواطن شغل قارة من شانها تحريك الدورة الاقتصادية والحراك الاستهلاكي.
ولن يتحقق ذلك إلا من خلال ديمقراطية اجتماعية تشاركية تقطع مع المركزية والبيروقراطية والارتجالية عبر انتخاب مجالس محلية منتخبة و محاسبة رموز الفساد الذين مازالوا إلى اليوم ينعمون بالنفوذ .
لذلك كان حريا بنا ونحن نحيي الذكرى الثانية لاندلاع ثورة الحرية والكرامة الناي عن الاحتفاليات الفولكلورية التى تذكرنا بأعياد السابع من نوفمبر والاتجاه للتفكير في حلول للمشاكل المتراكمة في ظل وعي حقيقي بالمخاطر التي تحدق بثورتنا ومكاسبها وانتظاراتها ولعلا ما شهدته البلاد منذ أحداث سليانة مرورا بما وقع في ساحة محمد علي وصولا إلي غزوة جربة خير مؤشر على ما يهدد شعبنا من موجات ارتدادية نحو الاستبداد والفساد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.