القيروان: الأستاذ الذي تعرّض للاعتداء من طرف تلميذه لم يصب بأضرار والأخير في الايقاف    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    قيس سعيد يعين مديرتين جديدتين لمعهد باستور وديوان المياه المعدنية    النظر في الإجراءات العاجلة والفورية لتأمين جسر بنزرت محور جلسة بوزارة النقل    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    ارتفاع حصيلة شهداء قطاع غزة إلى أكثر من 34 ألفا    النادي البنزرتي وقوافل قفصة يتأهلان إلى الدور الثمن النهائي لكاس تونس    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    حامة الجريد: سرقة قطع أثرية من موقع يرجع إلى الفترة الرومانية    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    عاجل/ انتخاب عماد الدربالي رئيسا لمجلس الجهات والأقاليم    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    انتخاب عماد الدربالي رئيسا للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    الترجي الرياضي: يجب التصدي للمندسين والمخربين في مواجهة صن داونز    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    عاجل/ مفتّش عنه يختطف طفلة من أمام روضة بهذه الجهة    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    القصرين: تلميذ يطعن زميليْه في حافلة للنقل المدرسي    وزارة التربية تقرر إرجاع المبالغ المقتطعة من أجور أساتذة على خلفية هذا الاحتجاج ّ    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    وزارة الفلاحة: رغم تسجيل عجز مائي.. وضعية السدود أفضل من العام الفارط    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    عاجل: زلزال يضرب تركيا    كميّات الأمطار المسجلة بعدد من مناطق البلاد    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    عاجل/ وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما..    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    تفاصيل القبض على 3 إرهابيين خطيرين بجبال القصرين    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    قيس سعيد يُشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض الكتاب    الاحتلال يعتقل الأكاديمية نادرة شلهوب من القدس    المصور الفلسطيني معتز عزايزة يتصدر لائحة أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم لسنة 2024    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 19 افريل 2024    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    القيروان: هذا ما جاء في إعترافات التلميذ الذي حاول طعن أستاذه    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    طيران الإمارات تعلق إنجاز إجراءات السفر للرحلات عبر دبي..    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    جوهر لعذار يؤكدّ : النادي الصفاقسي يستأنف قرار الرابطة بخصوص الويكلو    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف يمكن أن تكسب رهان التنمية، وتساهم في التشغيل والتقليص من الفوارق الجهوية وتدعّم الاقتصاد الوطني؟
المنظومة البنكية والمالية في بلادنا:
نشر في الشعب يوم 29 - 12 - 2012

ترجع بدايات القطاع البنكي في تونس إلى نهاية القرن التاسع عشر حيث أسست عدة مصارف مثل البنك الفرنسي التونسي (1879) والبنك التونسي (1884) في خضم هيمنة الرأسمال الفرنسي في إطار الكومسيون المالي ثم في إطار الحماية.
وقد سخر القطاع آنذاك أساسا لصالح المعمّرين ولتطوير الأنشطة المرتبطة بالشركات الفرنسية، ولم يظهر أول بنك ذى رأسمال تونسي إلا عام 1922 عندما أسس عدد من التجار شركة قرض تعاونية.
بعد الاستقلال، أنشئ البنك المركزي التونسي للإشراف على القطاع وأصدر الدينار ليكون العملة الوطنية، كما أنشئت الحكومة الشركة التونسية للبنك (1957) والبنك القومي التونسي (1959) بهدف تونسة القطاع فيما بقيت بعض فروع البنوك الأجنبية نشطة في البلاد.
في الستينات عرف القطاع أزمة بعد فشل تجربة التعاضد، وفي السبعينات شهد القطاع تطورا ملحوظا بعد توخي الحكومة سياسات ليبرالية، وقد أسس في تلك الفترة بنك تونس العربي الدولي الذي أصبح لاحقا أكبر البنوك الخاصة.
في الثمانينات، ومع الطفرة النفطية الثانية، أسست عدة بنوك ذات رساميل عربية مثل البنك التونسي الكويتي والبنك العربي لتونس والشركة التونسية السعودية للاستثمار الإنمائي وبنك تونس والإمارات.
وفي بداية التسعينات أدرجت عدة بنوك في البورصة التونسية، وفي 1999 شهد القطاع أول اندماجًا مهمًّا هام باستحواذ الشركة التونسية للبنك على بنك التنمية بالبلاد التونسية والبنك الوطني للتنمية السياحية، وفي عام 2009 شهد القطاع إنشاء مصرف الزيتونة كأول بنك إسلامي تونسي.
وفي هذا العمل، حاولنا أن نرصد الواقع الحالي للقطاع البنكي والمالي التونسي واهم مشاكله وأزماته خاصة خلال السنتين المنقضيتين وفي مرحلة الانتقال الديمقراطي، وكيف يمكن ان تساهم البنوك في المجهود الوطني للتنمية والتشغيل والتقليص بين الفوارق الجهوية الى جانب جملة الحلول الممكنة التي من المفروض إيجادها من أجل تطوير القطاع والخروج به من أزمته.
وفي هذا الإطار اتصلنا بالخبيرين البنكيين السيدين أحمد الكرم وعز الدين سعيدان، كما أخذنا آراء وأفكار الجامعة العامة للبنوك والمؤسسات المالية عبر الأخ نعمان الغربي، لكن للأسف ورغم اتصالنا بالجمعية المهنية للبنوك تعذّر علينا أخذ آرائها ومواقفها في الموضوع، ومن الممكن ان يكون لنا لقاء مع احد ممثليها في احد الأعداد القادمة...
السيد أحمد الكرم (خبير بنكي):
حتى تنجح بنوكنا
في الاستثمار وطنيا ودوليا
القطاع البنكي ظهر منذ الاستقلال كي يعاضد المؤسسات الاقتصادية مهما كان نشاطها، وقد اهتم القطاع البنكي ايضا بالحرفاء والافراد ومنهم تسهيلات كبيرة فيما يخص تمويل الاستهلاك والسكن وغير ذلك.
ويتميز القطاع البنكي التونسي بانصهاره في الاقتصاد التونسي وترتيب من المؤسسة وبالتالي برزت علاقة متينة بين الطرفين.
وفي أواخر التسعينات تم الاتفاق ببرنامج اصلاح كبير للقطاع نظرا لكون شروط العمل الوطنية والعالمية تغيرت مما استوجب اعطاء الاولوية لتدعيم رقابة المؤسسات البنكية وتم ذلك عن طريق ارساء آلية جديدة سميت بالمراقبة الحذرة، اي ان البنك المركزي دعا البنوك الى تغطية مخاطرها، وتدعم رأسمالها حتى يغطي الارتفاع في قروضها وفي مخاطرها.
واليوم، نقول ان جلّ البنوك في القطاع الخاص تطبّق معايير الصلابة البنكية وتبقى بنوك القطاع العمومي محجل اهتمام من قِبل الدولة لتدعمها وترفّع في رأس مالها وتجد لها الحلول العملية لتطويرها، فمن ناحية الصلابة أظن اننا في مستوى مقبول وفي مستوى قريب من المعايير العالمية.
وفي نفس الوقت، تم التقليص بكيفية كبيرة من نسبة القروض المصنفة التي يتم استخلاصها بالرجوع الى قائمة القروض فقد تقلص من ما يقارب 25٪ في اواخر التسعينات الى ما يقارب 16٪ حاليا، وهذا يعني ان محفظة البنوك قد تحسنت، وان مخاطرها قد تم التحكم فيها.
وحاليا بلغت البنوك الخاصة في نسبة التغطية للقروض المصنفة ما يفوق 50٪ والبعض منها وصل حتى الى 70٪ واعتقد في هذا المستوى ان هناك مجهود كبير واهتمام كبير بمسألة تغطيتها وذلك كي ترفّع من الاحداثيات المجعولة لهذا الغرض.
والامر الثاني، في الاصلاح هو المتعلق بعصرنة القطاع البنكي، فالقطاع حاليا يعطي للحرفاء حاليا جميع الخدمات المتوفرة في العالم بمختلف اصنافها من صرف، الدفع، البطاقات الذكية، تمويل التجارة الخارجية وتسهيلها.
فحاليا البنوك ساعية الى تحسين من خدماتها عبر تكوين اليد العاملة والمشغلين وعن طريق تعصير كل العناصر المعلوماتية والتكنولوجية.
وفي هذا الصدد، فقد اعلن البنك المركزي عن آجال حتى تقوم البنوك بعملياتها في أوقات معينة تكون على اساس السرعة والكفاءة.
وما يمكن ايضا ملاحظته هو مواجهة البنوك لأمر حياتي يتمثل في عدم التوصل الى الآن من كسب الحجم الذي يمكنها من الانتصاب في الخارج، اي حجم البنوك التونسية مازال صغيرا مقارنة بعديد البنوك الاخرى العربية والمغاربية التي تمكنت من الانتصاب في الخارج.
وفي هذا الاطار، هناك تفكير ونقاش جدّيين من اجل تسهيل ادماج البنوك فيما بينها وليكبر حجمها وكي تتمكن كذلك من مواكبة المؤسسة التونسية في احتياجاتها داخل تونس اوخارجها، واعتقد ان هذا هو التحدي الكبير حاليا الذي يجب ان ننجح فيها، وان يكون القطاع طرفا لا على المستوى الوطني فقط بل ايضا على المستوى الدولي.
من ناحية اخرى، على البنوك ان تغير من بعض آلياتها القديمة، فالثورة التونسية طرحت عديد الاستحقاقات، أولا تشغيل اليد العاملة خاصة منهم اصحاب الشهادات العليا وايضا المساعدة على التقريب بين الجهات وتقليص الفوارق الجهوية، وهذا الامر يجب ان تتحمل فيه جميع الاطراف المسؤولية، فالبنوك لوحدها لات يمكنها النجاح فيه، ولذلك يجب ان على المنظومة التمويلية كاملة ان تتحمل المسؤولية، وأولها الدولة التي عليها ان تعدّ المناخ العام في المناطق المحرومة الى جانب شركات الاستثمار التي يجب ان تتحمل مخاطر انشاء المشاريع، علاوة على صناديق التمويل التي عليها ايضا ان تحيط بالباعثين الشبان ومعاضدتهم.
كما يجب ان نعدّ ايضا الآليات التي تدعم الاستثمار من بينة تحتية وتكوينية قوية، فليس من المعقول ان يكون مستثمر في قفصة او سيدي بوزيد ان لا يجد المناخ الملائم والخبرات الملائمة.
لذلك، علينا التفكير جميعا حول جملة هذه الرهانات واستحقاقات الثورة، ان الدولة تقدم تسهيلات جبائية للبنوك لتمويل المشاريع في الجهات وهذا أمر ايجابي، وأعتقد شخصيا اني لا أرى نقاطا سلبية في ميزانية الدولة يمكن ان يضرّ بالبنوك، باعتبار ان الميزانية الحالية تبرز في مرحلة انتقالية واتمنى بعد نهاية المرحلة الانتقالية الحالية وتنظيم الانتخابات واختيار حكومة دائمة وان تقوم بالاصلاحات الجوهرية المطلوبة والتي تدفع بالنشاط الاقتصادي الى الامام وتطور ايضا القطاع البنكي.
الأخ نعمان الغربي (جامعة البنوك):
توجيه مجهود البنوك نحو التنمية والتشغيل
الجميع يتحدّث عن ضرورة إصلاح القطاع البنكي والمصرفي في تونس وهذا نتيجة لعدّة عوامل، فالمنظومة المالية لا تستجيب لآليات التصرّف والحوكمة المعتمدة عالميا فقبل الثورة وبعدها لم يكن هناك اشارات لإصلاح القطاع وإعادة هيكلته.
فالقطاع جزء لا يتجزّأ من المنظومة الاقتصادية وهو مرتبط بالانعكاسات المالية على مستوى العالم، وفي تونس لنا خصوصيات، ذلك أنّ القطاع المصرفي والمالي كان عرضة للفساد لخدمة العائلة المالكة سابقا والمقربين منها، فكتلة الأموال المهرّبة خضعت بالتأكيد إلى عديد المؤسسات المالية التونسية.
وللأسف، لم يتمّ تقييم جذري وموضوعي لحجم الفساد الذي حدث وأيضا لم توضع استراتيجية واضحة لموقع القطاع المالي والمصرفي في خضمّ الثورة أو بمعنى آخر أي قطاع بنكي نريد يستجيب لمتطلّبات المرحلة ولرهانات الثورة وفي خدمة الشعب.
لكنّنا، اليوم نلاحظ أنّ الشعب هو في حدّ ذاته في خدمة الشعب، فالمناطق المهمّشة تعيش إقصاءً ماليا وتحصل على نسبة ضئيلة من القروض واستفادة مالية قليلة وهذا من شأنه أن يكون حجر عثرة أمام التشغيل والتنمية وخلق مؤسسات متوسطة وصغيرة بإمكانها انعاش الاقتصاد في هذه المناطق المحرومة وتحظى بأموال تكون في خدمتها كما أنّ التواجد الجغرافي للبنوك لا يحترم المعايير الدولية، ففي الڤصرين مثلا نجد فرعا بنكيا على كلّ 27 ألف ساكن، وحتى البنوك التي تأسست بهدف التّحويل الاجتماعي كالبنك التونسي للتضامن وهذا الأخير مثلا كان ضحيّة غياب المسؤولين لأكثر من ستة أشهر، وهذا ما يحيلنا إلى البون الشاسع في التسيير بين البنوك العمومية والبنوك الخاصة، فالمؤسسات العمومية مازالت مكبّلة بنمط تسيير قديم وانعدام الامتيازات والعنصر البشري مقارنة بالبنوك الخاصة حتى بتنا نلاحظ ظاهرة هجرة الإطارات من العمومي في اتجاه الخواص.
وهنا لابدّ من التأكيد على تطوير آليات العمل والدّفع أيضا نحو استقلاليّة هيئات المراقبة والفصل بين هذه الهيئات عن الهيئات التنفيذية حتى تكون لها كلّ الصلوحيات في التقييم وفي إبداء الملاحظات وإصلاح الانحرافات، زيادة على غياب الحوكمة الرشيدة في التصرّف في الموارد البشريّة وهذا ما يفسّر تنامي التوترات الاجتماعية في المؤسسات البنكية والمالية.
ونحن بوصفنا طرفًا اجتماعيّا نثمّن المسؤولية الكبيرة التي تحلّت بها نقاباتنا في تأطير الاحتجاجات وتوجيهها الوجهة السليمة نحو تحسين المناخ الاجتماعي وازدهار المؤسسات، ورغم عراقة الحوار بيننا وبين الأعراف فإنّ مناقشة الأمور الاستراتيجية للقطاع لم ترق بعدُ للمستوى المطلوب، وهنا نحن نؤكد على أن تتوفّر للطرف الاجتماعي المقابل قناعة وإرادة لتغيير طريقة التسيير وتشريك الطرف النقابي في رسم الخطوط العامة لنمط التسيير والانتداب والتعيين والتكوين والرسكلة وفتح حوار من أجل النظر في توجيه مجهود البنوك نحو المساهمة في تحقيق أهداف الثّورة من تنمية وتشغيل وإعانة المؤسسات الموجّهة للاستثمار، وبإمكان مناقشة كلّ هذه المسائل في إطار ندوة وطنية من جهة ثانية، فثمرة مجهود الأعوان والموظفين والإطارات يجب أن يتمتّع بها الشعب التونسي وخاصّة فئاته وطبقاته المهمّشة والمحرومة وخلق ثروة وطنية تتوزّع بشكل عادل.
كما أشير إلى ضرورة القطع مع القرارات المسقطة من قِبَلِ البنك المركزي في علاقة بالتعيينات على قاعدة مقولة الشخص المناسب في المكان المناسب وعلى أساس مقاييس شفّافة وموضوعية، علاوة علىذلك وجب النظر في آفاق ومستقبل بنوك الاستثمار والبنوك متعدّدة الجنسيات وأن يكون لها دور حقيقي في التنمية.
وهذا من شأنه أن يغيّر دور القطاع ليكون فاعلا في خلق ديناميكيّة لمنوال التنمية في اتجاه أكثر شعبيّة وديمقراطيّة وفي اتجاه منظومة مالية وبنكيّة تأخذ بعين الاعتبار الحاجيات الأساسيّة للشعب التونسي ولعب الدور الحقيقي ليكون القطاع دعامة مهمّة من دعائم الاقتصاد الوطني.
والاتحاد العام التونسي للشغل، وعبر هياكله المركزية والوسطى والقاعديّة بالقطاع لديه ما يقول حول ملفات الفساد في القطاع والتداين والبطئ الإداري والتسيير، وعناصر الحَوْكَمة الرشيدة وتدعيم قدرات المواطنين، ونحن مستعدّون للمشاركة في ندوة وطنية حول جملة هذه الملفات الملحّة بعيدًا عن أي تجاذبات حزبيّة أو سياسية، ليتحمّل القطاع مسؤولياته أوّلا في التنمية الوطنية وثانيا لتتطوّر إمكانياته من أجل الاستثمار في الخارج تمامًا على غرار البنوك المغربية أو غيرها في بعض مناطق الجوار، ونحن في هذا الاتجاه مستعدّون للإدلاء بما عندنا عبر المسؤولية والرصانة التي نتحلّى بها من أجل تحسين المناخ الاجتماعي باعتباره عماد ازدهار المؤسسات.
عزالدين سعيدان (خبير بنكي ومالي)
لا خير في منظومة بنكية لا تنتشل الفقير!
القطاع البنكي من أهمّ محرّكات الاقتصاد ومن أهم محرّكات عمليّة التنمية، فعندما يكون الجهاز البنكي في وضع جيّد فطبيعي أن يكون تمويل الاقتصاد في وضع جيّد وممتاز، ولكن في المقابل عندما يمرّ الجهاز البنكي بصعوبات فذلك بالضرورة له انعكاس سلبي على الاقتصاد وعلى خلق الثروة ومواطن الشغل.
وعندما يكون تشخيصنا لوضع القطاع صحيحًا وموضوعيًّا فطبيعي أن نهتدي إلى الحلول الملائمة لتوفير العلاج الكافي لأزمات القطاع لكن إذا كان تشخيصنا خاطئا أو مزيّفًا فطبيعي أن نحرم بذلك أنفسنا من التوصل إلى الحلول الصحيحة.
وما يمكن أن نرصده في الوقت الحالي، هو أنّ القطاع يعاني من مشكل كبير يسمّى بالديون المشكوك في إرجاعها وهي تمثّل تقريبًا حسب تصريح محافظ البنك المركزي 10 آلاف دينار وهي تمثّل 19٪ من محفظة كلّ القروض، وهذا ما من شأنه إضعاف قدرة الجهاز البنكي على العمل بصفة طبيعيّة وعلى التمويل، الشيء الثاني، هو أنّ مستوى استثمار القطاع البنكي في التكوين وفي إعداد رأس المال البشري وهو الأساس في القطاع، فمستوى الاستثمار في هذا الصدد ضعيف جدّا وثالثا مستوىا لاستثمار في التكنولوجيا الحديثة يعتبر أيضا ضعيفًا ومحدودًا حدّا وبالتالي فجودة الخدمات تكون ضعيفة وآليا تكون مساهمة البنوك في الاقتصاد ضعيفة، رابعا، نلاحظ تشتّت هذا القطاع، فعدد البنوك قليل مقارنة بحجم الاقتصاد، ولا يخضع للمعايير الدولية، وبالتالي لا نرى بنوكًا بإمكانها مثلا تمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى.
خامسا، تمويل المؤسسات المتوسطة والصغرى محدود جدّا، وهذا يعني أنّ هناك عددًا كبيرًا من المشاريع المحرومة من التّمويل بسبب الإجراءات الادارية المتخلّفة وهذا إشكال كبير لابدّ من حلّه.
وهذا الوضع البنكي والمالي ساهم في تخفيض التصنيف الإئتماني بالنسبة للبلاد التونسيّة، علاوة على ذلك، وعندما ندرس تقرير صندوق النقد الدولي حول الجهاز البنكي في تونس والبنك المركزي سنجد أنّ هناك نقائص كبيرة جدّا لابد من الإهتمام بها ولابد من دراستها وإيجاد الحلول في شأنها.
وعليه، أرى، وعلى المستوى العاجل، إدخال إصلاحات عميقة في مستوى الاقتصاد ككل قبل النظر في القطاع البنكي والمالي، أو ما يُسمّى بإيجاد منوال تنموي جديد ، فالمنظومة القديمة أصبحت غير قادرة على تحقيق النتائج المرجوة وطموحات المواطن والمؤسسة الاقتصادية.
فالحلول يجب أن لا تكون معزولة عن الوضع الاقتصادي العام والاختيارات الاقتصادية المتبعة، وهنا أؤكد أنّه لا خير في اقتصاد لا ينتشل المواطن من الفقر لا خير في اقتصاد لا يوفّر حدّا أدنى من المساواة في توزيع الثروة، فعدم المساواة له انعكاس كبير على نسق التنمية وتضعف قدرة الاقتصاد على تحقيق التنمية، خلافا لما كان يُقال سابقا، فقد أثبتت مقولة: لما يتفاقم عدم المساواة فذلك له تكلفة عالية جدّا على نسبة النمو.
ونحن في بلادنا الآن نعيش وضعا خاصّا ليبرز التلازم الكبير بين الانتقال الديمقراطي والسياسي وعملية انفاذ الاقتصاد وايجاد منوال تنمية جديد ، فلا يمكن الان انقاذ الاقتصاد اذا لم نتوصل الى حلول للخروج من الوضع السياسي الانتقالي الصعب الذي تعيشه بلادنا، فلا يمكن البتة ان تكون هناك انتعاشة اقتصادية دون خريطة طريق واضحة ومقبولة وتحظى بتوافق كبير بين الفرقاء السياسيين,، ولكن في المقابل هذا الكلام يؤكد بالضرورة تدخل الدولة لتكون فاعلا لاحترام قواعد اللعبة والمنافسة و احترام القوانين امام كل الفاعلين الاقتصاديين في الداخل والخارج وحماية الاقتصاد التونسي، لذاك فلابد من معالجة مشكل الديون فضلا عن دفع بنوكنا للارتقاء نحو البنوك العالمية، وهنا بالضرورة يتنزل مشكل التكوين والرسكلة وهو الموضوع الذي يجب ان يأخذ حظه من الاهتمام.
اما في خصوص الحلول الاجلة فملف اعادة هيكلة القطاع يطرح نفسه بإلحاح وهذا يتطلب خروج الدولة من القطاع، فهذا الاخير بإمكانه ان يتحرر بعيدا عن الدولة رغم ان التشريعات تفرض رقابة على القطاع من طرف البنك المركزي، والهدف من هذا تحسين قدرة المؤسسة وخاصة منها المتوسطة والصغيرة في اتجاه التمويل .
من جهة اخرى، اعتقد ان ميزانية 2013 تفتقد الى استراتيجية الخروج بالاقتصاد من هذا الوضع الصعب الذي يمر به الان باعتبارها تضمنت في اغلبها نفقات ذات الطابع الاجتماعي والتي تعتبر بلا مردودية وبلا انتاج او ان مردوديتها ستظهر على المستوى البعيد.
لذلك يجب صياغة استراتيجية لتجاوز مشاكل الحاضر، حتى نعيد عجلة الانتاج الى عافيتها ، وهنا تبرز اهمية القطاع البنكي والمالي بصفته محركا من محركات التنمية والاقتصاد، وبالتالي فالميزانية لم تهتم كما يجب بالقطاع البنكي والمالي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.