من حق حركة النهضة وحليفها حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الإلتقاء حول موقف موحد من مبادرة السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة المؤقتة المتعلقة بنوعية الحكومة المرتقبة للمرحلة القادمة ومن حق رئيس حركة النهضة أن يناور على المبادرة مرة برفض المبادرة إطلاقا مع التمسك بالسيد حمادي الجبالي كرئيس للحكومة وأمين عام حركة النهضة ومرة أخرى بدعم المبادرة مع التسمك بالطابع السياسي الذي سيطبع أعضاء هذه الحكومة وقد ذهبت حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية إلى حد البحث عن تحالفات سياسية جديدة بعد ما خرج عن بيت الطاعة حزب التكتل... من حق هذه الحركة البحث عن توسيع دائرة تحالفها من أجل ضمان أفضلية مريحة في صياغة صيرورة المرحلة القادمة من الانتقال الديمقراطي وما سيتخللها من محطات سياسية حاسمة ستحدد دون شك القوة السياسية التي ستلعب الادوار الأولى في هذه المحطات واعني بذلك اساسا الانتخابات الرئاسية والتشريعية. لكن هل فكرت حركة النهضة ومن انضم إلى تحالفها أن السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة وأمين حركة النهضة عندما أقدم على الاعلان عن مبادرته المتمثلة في تشكيل حكومة كفاءات وطنية وأصر على موقفه إنما أعلن صراحة عن الفشل الذريع الذي رافق حكومة الترويكا في إدارة شؤون البلاد طيلة مرحلة كان يفترض فيها أن تنتهي الى نتائج ايجابية وتدفع باتجاه مرحلة دائمة تتسم فعلا بالامن والاستقرار والعمل من أجل تونس الثورة وتونس التي نأمل أن نراها منذ قيام ثورة 14 جانفي. إننا نرى من حيث المبدإ أن حركة النهضة بإصرارها على موقفها وببحثها عن تحالفات هشة إنما تفعل ذلك من باب واضح ومعلن للاستمرار بحكم البلاد والتمكن من مفاصل الدولة والادارة حتى ولو كان ذلك واقعا تحت طائلة الفشل والخيبة وحتى لو كان على حساب إرادة أغلب الطيف السياسي والمجتمعي بالبلاد وحتى لو كان ذلك على حساب مصداقية وقدرة وحكمة السيد حمادي الجبالي أمين عام الحركة. إنها مواقف أقل ما يقال فيها أنها متناقضة مع الخطاب ومع الوضوح في الرؤية والهدف لا نرى لها من جدوى وفاعلية في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها البلاد خاصة بعد يوم 6 فيفري الذي شهد أكبر مؤامرة سياسية في تاريخ البلاد منذ أكثر من 60 سنة استشهد خلالها المناضل اليساري التقدمي الشهيد شكري بلعيد. على حركة النهضة ومن يتحالف معها أن يدركوا اليوم وقبل أي وقت مضى أن الحكمة والرصانة والتمكن من الابجديات السياسية تقتضي التغريد وسط السرب ولو كان ذلك على حساب التموقع باسم الشرعية والاغلبية، فإن الشرعية اذا رافقها الفشل لن تعود ذات جدوى ولا يمكن ان تصل وسائلها حتى ولو كانت متعددة الالوان... فهل تسند حركة النهضة أمينها العام في مبادرته وتستفيد منها هي قبل تونس من خلال إعادة النظر في أداء الحكومة التي حازت فيها على الأغلبية وبالتالي إعادة حضورها في الفعل السياسي بالبلاد ومراوحة مبادئها ومواقفها بين ما يفترض ان يكون على أرض الواقع وبين ماهو فكري إيديولوجي؟ لا أحسب أن صقور الحركة لا يدركون هذا لكننا نراهم يتمسكون بمنهج بدا غير مقبول من كل الفاعلين السياسيين في البلاد. فهل تتخلى الحركة عن عقدة حزب الأغلبية والشرعية وتصطف إلى ما عبر عنه الشعب يوم 6 فيفري!