تحت شعار « انك تعاون مش مزيّة ... اليد في اليد نحلّو ثنيّة » و في اطار الاستعداد للمنتدى الاجتماعي العالمي الذي سينتظم بتونس بين 26 و 30 مارس 2013 ، نظم الشباب العامل بالاتحاد العام التونسي للشغل يوم 15 مارس 2013 زيارة ميدانية تضامنية لدوّار الشطايبية احدى القرى الغابية بمنطقة بني مطير المعزولة داخل غابات خمير التي يعاني متساكنوها من الخصاصة والتهميش في محيط طبيعي قاس، سعى الشباب النقابي ومجموعة من الاطباء المتطوعين لمؤازرة المتساكنين و دراسة طرق التدخل لإنقاذ هذه القرية وإيجاد حلول جذرية في شكل موارد رزق دائمة تقطع مع المساعدات الظرفية . تتنزل زيارة الشباب العامل ومرافقيه من أطباء وناشطين في جمعيات تنموية في اطار مشروع متكامل متناغم مع أهداف المنتدى الاجتماعي العالمي الذي ينتظم في تونس هذه السنة تحت شعار الكرامة و خاصة أيضا في اطار اهداف الاتحاد العام التونسي للشغل الشريك الاجتماعي الاساسي في مقاومة جميع أشكال الفقر والتهميش وفي اطار المجهود من اجل بناء اقتصاد اجتماعي متضامن يكون لمختلف فئات الشعب وجهات البلاد دور فيه ونصيب منه ويكون للمنظمات الشبابية والنقابية والجمعيات التنموية والبيئية وغيرها الدور الاساسي في النهوض بالمناطق التي تعاني العزلة والتهميش وبتشريك الفئات المستهدفة في اقتراح مشاريع تتماشى و طموحات السكان و قدراتهم التكوينية والخصوصية الطبيعية لمجالهم. لذلك لم يقتصر التدخل بدوار الشطايبية على مساعدات ظرفية بل ايجاد أفكار لحلول جذرية في شكل اقتراح مشاريع موارد رزق بناء على رغبة السكان و استعدادهم و تماشيا مع الطبيعة الغابية للمنطقة لذلك ركزت الزيارتان الاولى والثانية على دراسة مدى استعداد المتساكنين وتفاعلهم مع اقتراحات الوفد الشبابي المتمحورة حول فكرة لثلاثة مشاريع منها تربية الماعز الجبلي والتي تفاعلت معها عدة اسر ايجابيا ومنها تربية الارنب المخصص للترويج و بعث مشروع نموذجي لتجفيف وتعليب الأعشاب الجبلية الطبية، هذه المشاريع من شأنها فتح افاق لمتساكني الشطايبية و تكون منطلقا لتعميمها على قرى غابية مماثلة خاصة بعد الاعداد المحكم لدراسة الجدوى وتوفير التمويل المادي الضروري وبالاخص متابعة سير المشروع والتدخل للتكوين والارشاد والاسناد عند الاقتضاء عبر المساعدة على ايجاد قنوات تسويق المنتوجات و التعريف بالمشاريع لدى المنظمات البيئية الوطنية والعالمية باعتبارها مشاريع صديقة للبيئة ومنخرطة في مشروع أكبر هو الفلاحة البيولوجية والاقتصاد الاخضر أحد المحاور الاساسية لاهتمام المنتدى الاجتماعي العالمي منذ تأسيسه. زيارة دوار الشطايبية كانت لها ابعاد مختلفة، حيث تزامنت مع ظروف مناخية قاسية فكشفت الوضع الحقيقي لمعاناة متساكني المنطقة الغابية حيث العزلة شبه تامة و لا يتم النفاذ من القرية الى مدينة فرنانة التي تبعد أكثر من 15 كم الا عبر ممر ضيق مهدد بالقطع كلما علا منسوب مياه سد بني مطير ، كما تفتقر هذه القرية الى ابسط المرافق خاصة الماء الصالح للشراب رغم اشرافها على سد من اكبر السدود المزودة لمياه الشرب بالبلاد فضلا عن بعد مصدر التزويد بالمواد الغذائية اليومية وافتقار المنطقة لاي خط نقل عمومي يربطها بمحيطها مما يهدد سكانها بالعزلة التامة في حالة تراكم الثلوج . قرية الشطايبية تفتقر إلى أدنى مرفق صحي أساسي خاصة في ظل وجود من يعاني من امراض مزمنة و بالاخص انتشار مرض الروماتيزم لدى المسنين بالنظر للظروف المناخية القاسية و خاصة لغياب السكن اللائق، حيث تسكن اسرتين بجميع أفرادها في أكواخ تغطيها الاخشاب او القصدير مع غياب الابواب و ادنى حماية من الانخفاض الشديد لدرجات الحرارة التي تتدنى الى ما تحت الصفر ، ومن ابرز ما لفت انتباه المجموعة الشبابية الزائرة الظروف التي تسكن فيها « الخالة حسينية» وهي عجوز مقعدة حيث تسكن كوخا تتقاسم جزءا منه مع حيواناتها يفتقر لأدنى الظروف الانسانية للسكن ، هذه الوضعيات الحرجة تتطلب تدخلا عاجلا من السلطة الرسمية الغائبة تماما عن هذه الربوع و خاصة مساهمة منظمات المجتمع المدني لانتشال هذه الأسر وغيرها من متساكني القرى الغابية من الظروف غير الانسآنية والفقر والخصاصة وغياب مورد رزق قار وأدنى مرافق العيش الكريم في بلد عرف ثورة من اجل الكرامة ورفع التهميش الاقتصادي والاجتماعي. تدخل الاتحاد العام التونسي للشغل ممثلا في شبابه العامل مع المجموعة الطبية المرافقة كان له عميق الاثر على السكان رغم أن الزيارة لم تأخذ المنحى التقليدي في توزيع المساعدات من الطريق والعودة فالحوار الذي دار مع ممثلي الجمعيات التنموية ( اندا) والاقتراحات التي قدمها الشباب النقابي و العناية التي ابداها الاطباء الشبان للمرضى من كشف وتقديم ادوية اساسية و وصف ادوية اخرى ونصائح ... جعل العلاقة تتوطد مع السكان و الثقة التي بنيت عبر عنها المتساكنون وكلهم أمل في أن تكون الزيارة القادمة بداية تنفيذ المشاريع التي دار حولها الحوار كما نقل بعض السكان تذمرهم من الاهمال الذي يلقونه من قبل السلط الجهوية والمحلية وغياب الثقة في الوعود الرسمية التي لم تعر قريتهم اي اهتمام . الزيارة الشبابية لدوار الشطايبية كان لها معاني عديدة حيث جمعت بين العزيمة والإصرار على النجاح في المهمة رغم قساوة الطقس و أكثر من ذلك تحدي الشباب وخاصة المرأة العاملة و المرأة الطبيبة والمرأة الناشطة في المجتمع المدني لصعوبات مختلفة و تطوعها لخدمة أبناء شعبها في أعماق تونس الجبلية ، المشروع الذي انطلق فيه الشباب العامل و الذي سيعرف به في اطار المنتدى الاجتماعي العالمي هو رسالة الى الشباب النقابي في العالم عن امكانية مساهمة المجتمع المدني والمنظمات النقابية في مقاومة التهميش والفقر في المجتمعات التي تعرف اختلالا تنمويا ومناطق خارج اهتمام المخططات التنموية وهي رسالة أيضا الى السلطة القائمة بأن التنمية المحلية و المجهود من أجل تنمية عادلة ممكن بتشريك الفئات المعنية من السكان و الأطراف المتدخلة من جمعيات ومنظمات ببعث مواطن رزق دائمة وتحسين البنية التحتية و ظروف السكن والنهوض بمستوى عيش جزء من شعبنا من أجل الكرامة شعار المنتدى الاجتماعي العالمي وهدف الاتحاد العام التونسي للشغل الذي انطلق الشباب العامل في تجسيده في الواقع انطلاقا من دوار الشطايبية.