كم من الدموع والدماء يجب أن تسيل حتى يتوقّف تجّار الدم وسماسرة الإرهاب والتطرّف ممّن طلّقوا العقل والضّمير عن التغرير بشبّان تونس وغسل أدمغتهم عبر ترويج الدجل والأكاذيب ثمّ إرسالهم إلى المحرقة السورية لخدمة أغراض تدميريّة تصبّ جميعها في صالح أعداء المنطقة من الإمبرياليين الأمريكان والصهاينة الاسرائيليين. آخر الضحايا وليس الأخير بحسب المعطيات المتوفّرة شاب يبلغ من العمر 26 ربيعًا يدعى محمد السياري وهو أصيل قرية «قريش الواد» المسالمة التي تقع على ضفاف نهر مجردة ولا تبعد عن مدينة مجاز الباب سوى 8 كيلومترات، وقد تلقى والده السيد عيفة السياري العامل اليومي الخبر الفاجع بواسطة مكالمة هاتفية تلقاها في أواخر شهر مارس 2013 من طرف شخص يتحدّث بلهجة شرقية أبلغه بأنّ ابنه «أبو محمد التونسي» (وهو الإسم الحركي الذي اعتمده الفقيد بعد دخوله الأراضي السورية) قد توفي خلال اشتباك بين مجموعته المسلحة والجيش النظامي السوري. وقد تحوّل كاتب هذه السطور إلى منزل عائلة الضحيّة وهي عائلة فقيرة ظهرت على ملامح أفرادها علامات اللّوعة والأسى. سَرَدَ علينا كلّ من والده ووالدته قصّته التي بدأت باشتغاله في طرابلس عاصمة القطر الليبي لمدّة 9 أشهر عاد إثرها إلى أرض الوطن وتحديدًا مسقط رأسه قرية «قريش الواد» أين احتفل مع أفراد عائلته بعيد الاضحى ثمّ عاود مغادرة البلاد يوم 9 نوفمبر 2012 تاركا وراءه كل الوثائق التي تخصّ عمله في ليبيا حيث حمل معه جواز سفره ومبلغا ماليا يكفيه للسفر إلى تركيا التي دخل عبر حدودها إلى التراب السوري وتوجّه إلى محافظة إدلب وانتمى إلى كتيبة «أحرار الشام» التابعة لما يدعى بالجيش السوري الحرّ الذي خاض معه عدّة معارك ضدّ القوات النظامية السورية ومنذ ذلك الحين كان يتصّل أسبوعيا بوالديه ليطمئنهما إلى سلامته، وقد تواصل هذا الأمر إلى حدّ يومين فقط قبل أن يعلما بوفاته على النحو المذكور آنفا. هذا وتجدر الإشارة إلى وصول أخبار يوم الاربعاء 3 أفريل الجاري تفيد بمقتل شقيقين من عائلة واحدة أصيلة مدينة «تستور» التي شابتها الصدمة والحزن العميق لفداحة هذا المصاب ولنسجّل تواصل نزيف الدماء التونسية بسبب أئمة العمالة والتكفير الذين يعتبرون طائرات حلف «الناتو» طيورا أبابيلَ والمرتزقة الملتحين وغير الملتحين فاتحين جُدُدًا، وأنّه لا حرج في التحالف مع الامبريالية والصهيونية في سبيل دحر «أعداء اللّه» من العلويين والشيعة.