كنّا صغارا نقف امام التلفاز في انتظار حصص الضّحك والمرح مع الحاج كلوف.. بعدها وصلنا مرحلة أم تراكي والحطاب ثم عبد السلام البش كبرنا قليلا وانتبهنا إلى قصص عبد العزيز العروي ونكت الهادي السّملالي... وكبرنا اكثر فوجدنا انفسنا امام ظاهرة محمد مزالي وفقره المدقع وحركاته البهلوانية على التلفاز الملوّن.. وأكملنا فترة اللهو مسرحيات الماريشال قبل ان تبدأ ايام الجمر والقمع والاستبداد الاسود. وجاءت الثورة.. ولم يتغير المشهد كثيرا وجدنا ابطالنا القدامى في ثوب جديد وكأن البلاد حبست انفاسها واضربت على الانجاب.. هذا المرزقي بشطحاته القطرية.. وهذا زيتون وعبّو وسهرات الضحك البكائي.. وهذا وزير بودورو والظريف سمير بن عمر صاحب جواب عن كل سؤال وهذه سهام وزيرة الغلبة وأخيرا طلع الدر علينا وأتحفتنا الثورة بمطرب شعبي من طراز قاع الخابية يرقص في شارع بورقيبة على أنغام المزود وهو الخبير الاستراتيجي في الذرّة والقوة النووية... أبهرني طارق برقصه.. ولكنه لم يرتق الى المستوى الفكري والسياسي للصديق الهادي حبوبة أو حتى لمستوى فاطمة بوساحة مع الاعتذار لمطربتنا على المقارنة..