بلغ عدد المتعاملين مع شركة يسر للتنمية 25 ألف منهم عدد من الوجوه السياسية ورجال القانون. غير أن اغلب المتعاملين مع هذه الشركة وفق المعطيات الأولية من الفئة المتوسطة والفقيرة من أولائك الذين بنوا أحلامهم على الاستفادة من الربح السريع. وقد نجحت الشركة في تجميع أكثر من 50 مليون دينار تونس خلال فترة النشاط القصيرة وزعت منها 25 مليون دينار على 8000 مشترك. وللتذكير فان قوات الأمن ألقت القبض على وكيل الشركة عادل الدريدي المتهم بغسل الأموال وباستعمال التسهيلات التي خولتها لها خصائص نشاطه المهني وممارسة عمليات مصرفية بدون إذن مسبق من وزير المالية حسب ما جاء في بلاغ وكيل الجمهورية بتونس. وذكر البلاغ أن البنك المركزي التونسي قد تقدم بشكاية في الغرض ضد وكيل شركة يسر للتنمية منذ 19 ماي 2013 وذلك على قاعدة قيام الشركة بنشاط مصرفي غير مرخص فيه. وقد قام وكيل الجمهورية باستنطاق المتهم والإفراج عنه بطلب من المحامين والمتضررين الذين تعهد لهم بإعادة أموالهم. وقد قررت وكيل الجمهورية في 25 ماي 2013 الافراج عن المتهم مع أمره بخلاص الأشخاص المتضررين ووقف النشاط وعدم قبول أي شخص جديد . واختيار محل إقامة ثابت وعدم مغادرة تونس الكبرى ونابل وتجميد 03 مليون دينار وتحجير السفر ضده. كما تم تجميد القارات والمنقولات التابعة للشركة. وبعد علم النيابة العمومية بخبر غلق مقر الشركة واختفاء الدريدي عن الأنظار أمرت بإلقاء القبض عليه وحجز جميع الأموال التي ضبطت لديه. الفساد والربح في الأزمات ويرى المراقبون أن نشاط مثل هذه الشركات يزدهر في ضل الأزمات ولذلك لسببين يتمثل الأول في ضعف الرقابة والثاني في فقدان الأمل وتوجه المواطنين إلى اقصر السبل لتحقيق أرباح. ويبدو أن واقع الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها بلادنا قد دفعت العديد إلى التفكير في الحلول السهلة والتعلق بوهم الثروة دون دراسة العواقب. وكانت مصر قد شهدت ازدهار هذه التجارة مثل قضية شركة الريان للائتمان المالي. وعموما فان هذه العمليات تعد بكل الأوجه تحيلا على المواطنين البسطاء. حيث لا يمكن لأي نشاط تجاري أو اقتصادي أو مالي أن يحقق الأرباح التي تعد بها مثل هذه الشركات إلا تجارة الممنوعات. وتجدر الإشارة إلى أن نشاط مثل هذه الشركات يستوجب في البداية عملا دعائيا لا يقدر عليه مواطن منفرد لذلك فان التحقيق في هذا النوع من الشركات يكشف عادة عن تورط رجال الدولة والمتنفذين أو سياسيين في دعم هذه الشركات. وهو ما يفسر ما راج من أخبار حول ارتباط صاحب الشركة بسياسي معروف بعلاقة نسب من ناحية، وعلاقته ببعض الجمعيات من ناحية أخرى. وكانت صفحات التواصل الاجتماعي قد بثت فيديو يثبت ارتباط الشركة المذكورة بروابط حماية الثروة بأحد الأحياء بتونس العاصمة والتي بين الفيديو دعمها لهذه الشركة عبر دعة المواطنين إلى الانخراط فيها. ويرى الملاحظون أن مثل هذه الشركات يجب أن تمنع فور ظهورها على اعتبار أن نشاطها يخالف القوانين ويستوجب الغلق الفوري وإنهاء النشاط. ولذلك فانه من الغريب أن يتفطن البنك المركزي ووزارة المالية والى هذه العملية منذ اشهر وان لا يتمكنوا من إيقاف نشاط الشركة المذكورة رغم وضوح شبهة العمل غير الشرعي. ضرر اقتصادي ورغم أن القضاء وحده الكفيل بالبت في هذه القضية وبقطع النظر عن إدانة المتهم أو تبرئته فان المطلوب وقف نشاط هذه الشركة والشركات المشابهة لها. حيث تمثل مثل هذه الشركات خطرا على الاقتصاد وان كان وضعها بشكل من الأشكال قانونيا. حيث تمثل هذه الشركات منافسا غير نزيه للبنوك. كما تسحب مبلغا مهما من المال من السوق وتحرم بذلك الاقتصاد التونسي من التمويل اللازم الذي هو في أمس الحاجة إليه. كما تقلص هذه البنوك حجم السيولة في السوق وهو ما يدفع البنك المركزي إلى تعديل السيولة بناء على واقع غير اقتصادي فيقع بذلك تغيير الواقع النقدي بناء على معطيات وهمية وهو ما يزيد في نسبة التضخم المالي ويقلص من حجم المعاملات المالية البنكية ومن هامش ربح المؤسسات البنكية. ولذلك و أيا كان مال قضية الشركة قضائيا فان الأصل هو إيقاف نشاطها.