غادرنا فجأة ليلة الجمعة 26 جويلية 2013 الموافق ليوم الجمعة السابع عشر من رمضان 1434 هجري الصديق والأخ والرفيق محمد المفتي على اثر تعرّضه لاعتداء غادر وجبان بقنبلة تحوّلت من مسيلة للدموع إلى قنبلة مستبيحة لدماء التونسيين الوطنيين. نعم أقول جيدا الوطنيين والوطنيون فقط. فليس صدفة أن حصدت يد الغدر أرواح الرفاق: شكري بلعيد في 6 فيفري 2013، ومحمد البراهمي في 25 جويلية 2013، يلي ذلك سقوط أول شهيد تونسي في الثورة الثانية، ثورة الاحتجاج على الارهاب الممنهج. محمد المفتي مثلما من الجبهة الشعبية ومحمد المفتي مثلهما آمن بقضية شعبه، ومحمد المفتي مثلهما تونسي متعلّم واطار كفء وعلى خلق عظيم. وهذا أكثر «من طبيعي».. فالقتلة ومدبرو هذه الجرائم لا أخلاق لهم ويعشقون الدماء الى حد الهوس، ويمقتون العقلانية ويقدسون الجهل. انّ هؤلاء الأوغاد يعتبرون دم المحمدين طبقا رمضانيا شهيا. ولكن يقيني ان أطباقًا شهية كثيرة فتكت بملتهميها وهذا حتما مصيركم ايّها السفلة. والمسألة ليست سوى وقت، لا غير. ولكن رغم ما ذكرت فالجرح عميق والوجع شدي، فمن أعزّي يا محمد؟ أعزّي عائلتك من آل المفتي الأفاضل وعائلة حرمك من آل الزاهي الكرام. أعزّي مناضلي ومناضلات الجبهة الشعبية وأحرار تونس نساءً ورجالاً. أعزّي نفسي وأعزّي بالخصوص ذلك الذي وقف أمام قبرك باكيا لحظات بعد دفنك ألا وهو الصديق والرفيق محمد الزاوي. أحيّي رفيقك على درب النضال في الجبهة الشعبية حبيب عمار الذي تسمّر أمام مثواك الأخير برهة من الزمن وكأنّه لم يتفطّن الى أنّ مراسم الدفن قد انتهت. كما أحيي شجاعة زوجتك ابنتي وتلميذتي اسلام الزاهي التي طلبت منّا أن تدحض المغالطات التي صاغها القتلة لتشويهك (وصل بهم الأمر الى حدّ اعتبارك من رابطات «حماية الثورة» السيئة الذكر!) وقد طلبت منّي شخصيا أن أربط الصلة بينها وبين وسائل الاعلام المسموعة والمرئية لكي توضح الحقيقة معتبرة أنّ محمّدا قد قتل مرّة ثانية عن طريق هذه التشويهات... انظروا معي يا رفاق: هل هذه اسلام التلميذة والبنيّة الخجولة؟ بلى انّها جبل من الصمود. انّها لا تختلف عن بسمة وعن مباركة.. نساء تونس المناضلات وقد صدق محمد الصغير أولاد أحمد حين قال: نساء بلادي نساء ونصف. رحمك اللّه يا محمد والخزي والعار لمغتاليك (من دبّر ومن مهّد ومن نفّذ). نعم، وأنا أصرّ على أنّه اغتيال وأتحمّل مسؤوليتي في ما أقول وشهود العيان كثيرون...