قالوا: »العمّال لا وطن لهم«.. والعمال صناعة العصر الحديث فالأصحّ الفقراء لا وطن لهم. هكذا شاء الانسان متسلّطا طبقيّا. »وَرْرِوْ« يا حفّة يا ابن دادة »وَرْوِرْ« وانت بين ثنيات التراب »ورْورْ« وزدْ. الوَاوْ من الآه، والراء ومن »إر« يا بهيم. الحمار شغّيلة الحيوانات المدجّنة الحيوان الأبكم طبقا وللحصان او البغلة سدّة الحكم حسب المكان وعلى الأحمرة القوّة المنتجة ان تنْتج تحت كلّ ظَرْفٍ حالكٍ ولا تستفيد من قوّة عملها غير ما يفيد استمرار بقائها بما يعيه المتسلّط لصالحه من تصرف يعود عليه بحتمية البقاء. الواو نبرة الألم والراء وعي بالالم يحمله الحمار الشغّيل. الفقراء لاوطن لهم. والاحمرة لا وطن لها الا اذا قرّرت افتكاك الاوطان لصالحها. كذا الشعراء لا وطن لهم. ولكنّ الزمن البعيد آتٍ بأوطان لهم استجابة للحمار الناهق. »اذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الاجسام« تحت راية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين انتقلتَ من لبنان الى اليمن مرورا بسوريا وما استطاع الاعداء الفتك بجسدك. »اذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الاجسام« لا موت »داده« انهكك، ولا موت عمّار ابن اختك اتعبك ولا رحيل الحكيم جورج حبش ولا اغتيال ابي علي مصطفى ولا حتّى ذكرى اغتيال غسان كنفاني المستمرة وغيرها لم يمسسك بالفشل ومسح حدوث المرتَقَب. دمعتَ ودمعت ونحن على مقربة من أسر أحمد سعدات كما كنّا على مقربة من اغتيال عرفات وغنّينا في »دار الصّحافي« »إنّي اخترتك يا وطني فليتنكّر لي زمني« ثمّ صحنا سويّا: »وَارْوِرْ.. وَارْورْ... كل ذلك لم يفعل بسموّ نفسك شيئا فهل يفتك بك المرض والمرض؟ تتابع أهم الاحداث سياسيا وثقافيا رغم تساقط جسدك ثم كانت الاجابة منك صريحة: الدفن قرب قبر »دادَهْ« والكفن راية تشي غيفارا وراية الجبهة الشعبية وسرعان ما دثّرك ثرى منصف الطيب وعمار بن أختك ونبيل بركات المنبعث من قبورهم المحيطة بقبرك. يحيّيك المتنبي صباح مساء مشرقا وابن عبّاد مغربا ويحملك عاليا محمود درويش فوق أنامل يديه. رحلت يا ابن داده ورمضان التيمومي ونوّار المعلمي وغيرهما من المناضلين كثير يرحّبون بك ويهلّلون تهليلا. رحلتَ وواحد من رفاقك الكثر يسحبك والشوق اليك يغلبه انه مخرج مسرح الحياة والموت عبد الوهاب الجملي. رحلتما وكأنكما تآمرتما عليّ لم تتركا في نفسي غصّة بل غرستما في دخيلتي جسديْكما خالديْنِ. سلاما من عزيزُو وغسّانُو و.. سلاما من كلّ المناضلين ومن كلّ عشّاق الحياة يا سيّدها. سلاما من الشيماء ابنة محمود وصيّتك الأخيرة. سلاما من الدنيا تفتقدك على سطح أرضها ومن الحياة تبكيك فلا معوّض لك. ويُقْرِئُكَ الشعر الملتزم تحيّته ويؤكّد أَلاَّ خوف على حروفك ونبرات صوتك فأنت الخالد رغم أنف شعر التفاهات.