«سياسة ممنهجة « تلك التي أعتمدت لضرب «السلطة الرابعة « في البلاد بداية بالتهديد بالقتل التي شملت عدد من الاعلاميين وصولا الى السجن اخرها ايداع زياد الهاني سجن المرناقية , كل الاعتداءات السافرة التي سجلت -خلال ثمانية اشهر الاولى من السنة- في حق الصحفيين و التي بلغت 215 اعتداء, لم تثني ابناء القطاع من مواصلة دفاعهم عن كلمة الحق و لا من تجميع صفوفهم لنصرة حرية التعبير و الدفاع عن بعضهم البعض . ولعل ابرز دليل على ذلك نجاح الإضراب العام الذي شنّه قطاع الإعلام يوم الثلاثاء 17 سبتمبر بنسبة تتجاوز 90%. حسب ما صرح به منجي الخضراوي كاتب العام نقابة الصحافيين التونسيين. في مواكبتها للإضراب رصدت جريدة « « اهم الاحداث التي عاشها الصحفيين و ابرز الانتهاكات التي شملتهم خلال الاشهر الاخيرة كما اتصلت بعدد من الاعلاميين لأخذ ارائهم حول واقع الاعلام اليوم وسط كل التضييقات التي تمارس عليه . زياد الهاني «فتيلة الاضراب العام « «استدعاء جديد لمحاكمة جديدة، وتحقيق جديد ليوم الجمعة 13 سبتمبر 2013. هذه حلقة أخرى من حلقات التهديد والتضييق على الصحفيين وعلى حرية الإعلام. يظنون أنفسهم قادرين بمثل هذه الوسائل على إسكاتي، لكنهم واهمون. وحدها الموت تسكتني لكنها مع ذلك لن تغيّبني، لأن دمي سيحاربهم حتى وإن دفن الفاني مني تحت التراب.تحيا تونس وتحيا الجمهورية».» لم يكن الصحفي زياد الهاني على علم وهو يكتب هذه الكلمات على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي انه سيقضي ليلة الثالث عشر من سبتمبر وراء قضبان السجن . و لا كان يعلم ان بطاقة الاداع بالسجن ضده ستكون الفتيل الذي اشعل شرارة الاضراب العام لقطاع الاعلام , ليسجل القطاع ثاني اضرب له في اقل من سنة , و يبرهن من جديد على وحدة الصحفيين الذين أطلقوا ولا زالوا يطلقون أصواتهم ضد كل من تسول له نفسه مس «الرابعة « بسوء . قضية «الهاني « بدأت باستدعائه للمثول امام مكتب التحقيق يوم الجمعة 13 سبتمبر كمتهم على خلفية انتقاده قراراً قضائياً, ليفاجئ الجميع باصدر بطاقة ايداع بالسجن ضده دون ان يستمع الى مرافعات المحامين أو يستجوب المتهم . امام هذا القرار التعسفي في حق الصحفي بصفة خاصة و حرية التعبير بصفة عامة تجمع عدد كبير من الصحافيين امام قاعة الجلسة رافضيين للقرا..في وقت لاحق قررت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس الإفراج مؤقتا عن الصحفي مقابل مبلغ مالي قدره ألفي دينار مع تأجيل إجراءات الإفراج . فما كان من المجتمع المدني- على رأسه النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين و النقابة العامة للثقافة و الإعلام- الا اصدار بيان يندد بحكومة الترويكا و مخططاتها الساعية إلى ضرب حرية التعبير والصحافة والإبداع عبر توظيف القضاء و يعلن فيه : *طلب الإفراج الفوري عن الزميل زياد الهاني وإيقاف كل التتبعات في حقه ووضع حد لمهزلة سجن الصحفيين والمبدعين *اعتماد المرسوم 115 المتعلق بقضايا الصحافة والطباعة والنشر في كل المحاكمات ذات العلاقة بالصحفيين والفنانين والمبدعين مقاطعة كل أشكال أنشطة الرئاسات الثلاث إلى حين الإفراج عن الزميل زياد الهاني إعلان يوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2013 يوم إضراب عام احتجاجي في كامل قطاع الإعلام يوم الاثنين 16 سبتمبر تنظيم مسيرة احتجاجية للصحفيين والإعلاميين والمحامين والنقابيين أمام قصر العدالة بالعاصمة إلى ساحة الحكومة بالقصبة دعوة الحكومة الحالية إلى الاستقالة بعد أن أثبتت فشلها في معالجة كل قضايا الإعلام. وردا على الاتهمات الموجهة لها بالتضييق على حريّة الصحافة والاعلاميين اكدت رئاسة الحكومة في بيان صادر يوم 14 سبتمبر : «أنّها تعمل على تكريس وتعميق حرية التعبير والصحافة باعتبارها عماد الديمقراطية، وهذا ما يؤكّده واقع السقف العالي للحريات عموما ولحريّة التعبير في بلادنا بوجه خاص .و انه لا دخل للحكومة في سير أعمال السلطة القضائية، وأنّ الحكومة بقدر احترامها لقطاع الإعلام والعاملين فيه والتزامها بحفظ حقوقهم بقدر احترامها للسلطة القضائية ولاستقلاليتها وهي حريصة على تفادي كل ما يمكن أن يمس من استقلالية القضاء وهيبته وحرمة القضاة والمحاكم وعلوية القانون على الجميع دون تمييز او يحد من حرية الاعلام. « و مع بيان النقابة و البيان المضاد للحكومة قال انصار الاعلام كلمتهم ولبوا نداء نقابتي الصحفيين والثقافة و الاعلام, حيث نفذ العشرات من االاعلامين والمثقفين والسياسيين مسيرة احتجاجية انطلقت من امام مقر المحكمة الابتدائية بباب بنات يوم الاثنين 16 سبتمبر2013 نددوا خلالها باستغلال الحكومة للجهاز القضائي للإطاحة بالإعلام و تدجينه لغايات سياسية . تعددت الشعارات المنادية من «إعلام حر» الى «رفع اليد عن المؤسسات الاعلامية» كما دعى المحتجون الى الافراج عن الفنان نصر الدين السهيلي و الى ضرورة استفاقة النيابة العمومية و خروجها من بيت طاعة نور الدين البحيري. لم يكن المواطن التونسي في منأ عن الحدث فحضورعدد كبير من المواطنين لمساندة المحتجين اعتبره السيد نبيل جمور (النقابة العامة للثقافة والإعلام) انتصارا للاعلام و المثقفيين مؤكدا ان تطبيق القانون و معاقبة الجناة هو من حق السلطات و لا جدال فيه , لكن من غير المسموح تطويع القضاء لخدمة اطراف بعينها وضرب حرية التعبير. وتعليقا عن الاضراب العام للاعلام اكد الجمور ان اصرار الصحفيين والاعلاميين للجهاد من اجل حماية حريتهم دليل على رفض الحكومة للحور مع الاعلام ودليل جديد على فشلها في اجاد الحلول في القطاع, من جهته التحق زياد الهاني بالمسيرة اثر الافراج عنه مشددا على ان الاعلام سيتصدى الى محاولات التركيع التي تستهدفه. الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري الهايكا كانت حاضرة بدورها في الاضطرابات الاخيرة التي شهدها القطاع لتعلن يوم الاثنين في بيان لها انها ستلجا الى القضاء لحل الاشكاليات القائمة في القطاع الاعلامي سعيا للحد من تعسف السلطة و تصاعد التتبعات القضائية ضد الصحفيين اضافة الى محاكمنهم بموجب الاحكام الجزائية عوض المرسوم عدد 115و 116- لسنة20111 الصحافة التونسية تنتصر من جديد لم يكتفي الصحفيون التونسيون برفع الشعارات في مسيرة التي انطلقت امام المحكمة الابتدائية بباب بنات بل ساهموا في تحقيق انتصار جديد للإعلام التونسي ليكون 17 سبتمبر يوم اخر يسجل نضالات الصحافة ضد القمع و الاستبداد. الاضراب العام الثاني في اقل من سنة اعتبر مرحلة حاسمة في تحقيق استقلالية الاعلام و حماية الصحفي من الانتهاكات التي تحاول كتم صوته , النجاح الذي حققه الاضراب كان ضربة موجعة لكل اعداء حرية التعبير ,خاصة بعد تفاعل اغلب المؤسسات الاعلامية حيث سجل الاضراب مشاركة اكثر من 90 بالمائة من جملة المؤسسات و قد عبر عدد من الاعلاميين عن رفضهم لممارسات السلطة التي تهدف الى الاطاحة بمكتسبات ثورة جانفي 2011 من حرية الصحفي في تعبير الى حق المواطن في المعلومة حيث اعرب ثامر الزغلامي (صحفي ) عن استغرابه من تعاطي السلطات مع الاعلاميين معتبرا من غير المعقول ان يسجن صحفي لمجرد ادلائه بمعلوماتة في تونس مابعد الثورة . من جهة اخرى انتقد الزغلامي رفض السلطات اعتماد القوانين الجديدة -في اشارة المرسوم 115 – و اصرارها على العمل بالقوانين السالبة للحريات في قضايا النشر و الصحافة ,اذ كان من المفروض على السلطة السياسية العمل على ارساء الديمقراطية و الحرية لا العكس . مشيرا الى ان الوقت قد حان للخروج من هذه الازمة بالعمل على تمكين الهياكل المهنية على بعث مجلس الصحافة. وطالب ثامر الزغلامي الحكومة بتحمل مسؤوليتها الانتقالية من خلال وضع اسس خاصة للاعلام لا محاولة توظيفه كما هو الحال اليوم . اكثر من 215 اعتداء على الصحفيين في 2013 صحيح ان احالة عدد من الصحفيين على التحقيق و اخرها بطاقة الاداع بالسجن التي سجلت ضد زياد الهاني كانت سببا في قرر الاضراب التي اتخذته نقابة الصحفيين التونسيين غير ان هذه الاعتداءات في حق الصحفي التونسي تنوعت اشكالها و تعددت بداية ب اقلات التي شملت عدد مديري الاذاعات الجهوية كإذاعة تطاوين مرورا بحالات الاعتداء اليومية التي طالت عدد كبير من الصحفيين خلال ممارستهم لعملهم كالضرب و الشتم حتى التهديد بالقتل, و صولا الى المحاكمات والسجن. و قد ادى هذا الواقع الى تراجع ترتيب تونس في مجال حرّيّة الصّحافة الى المرتبة 138 بعد أن كانت في المرتبة 134 في 2011 الملاحظ لواقع الاعتداءات التي تهدد الصحفي يستنتج ارتفاع نسق الاعتداءات الموجهة للاعلام و تعدد اشكال المضايقات التي يمكن ان يتعرض لها الصحفي خاصة من قبل السلطات . حيث شهد 2012 اعتداءات جماعية كان المسؤول عنها غالبا الجهاز الامني و نذكر على سبيل المثال اعتداء 9 افريل في حين ان 2013 شهد اعتداءات مختلفة فقد اصبحت الحكومة تلجا الى القضاء غالبا عن طريق تلفيق التهم . و تفيد الارقام المقدمة من قبل مركز تونس لحرية الصحافة ان عدد الاعتداءات قطاع الاعلام خلال ثمانية الاشهر الاولى من سنة 2013 بلغ 215 اعتداء وتضرر منه 388عامل في ميدان الصحفة اي بمعدل 27 اعتداء و 48 معتدى عليهم في الشهر الواحد . في نفس السياق تبين التقارير الصادرة عن المركز ان شهر جويلية سجل اكثر الاعتداءات خلال السنة ب 40 اعتداء و 64 متضر ر . التصفيات الجسدية المرحلة القادمة في استهداف الاعلاميين منهجية الحكومة القائمة و سابقتها مع الاعلام مرت عبر ثلاث مراحل اساسية على حد تعبير السيد يوسف الوسلاتي (جمعية الصحف الحزبية و المستقلة) . حيث عملة على استعداء الاعلام منذ توليها الحكم عبر نعته بأبشع النعوت ك «اعلام العار « -على حد تعبير حبيب اللوز – بهدف المس من صورة الصحفي لتسهيل ضربهم من خلال حملة الاعتصامات التي شنت ضدهم امام مؤسسة التلفزة و الاذاعة ايضا . المرحلة الثانية في خطة تركيع الاعلام حسب محدثنا كانت عن طريق بعث قنوات ووسائل اعلام اغلبها مشبوهة التمويل معتمدين في ذلك على عدم وجود الهايكا التي تماطلوا في بعثها لغاية في انفسهم . فشل حكومة في تطويع الاعلام و تشويه صورته جاء واضحا من خلال استطلاعات الرأي التي اظهرت ان نسبة ثقة التونسي في الاعلام المحلي بلغ 67 بالمائة . ليعجل في اتباع طرق ردع جديدة ضد الصحفيين لترهيبهم من خلال المحاكمات و اعتماد المجلة الجزائية في ذلك عوض الفصل 115. في نفس السياق يرى السيد يوسف الوسلاتي مستقبل الصراع بين السلطة القائمة و الاعلام اكثر سوادا قائلا :» ان استماتة الاعلاميين في الدفاع عن حرية التعبير و محاربة الاضطهاد قد يدفع الى استهداف الاعلاميين اكثر في مرحلة مقبلة و الى مواجهات اكثر عنف و خطورة . ليصل الحد الى التصفيات الجسدية و تلفيق تهم اخطر للإعلاميين.