تطورات كثيرة رافقت الكشف عن الوثيقة التحذيرية الصادرة عن جهاز الاستخبارات الامريكية سي أي أي في ما يخص اغتيال الشهيد محمد البراهمي من اتخاذ عائلة الشهيد لقرار رفع شكوى رسمية ضد رئيس الحكومة ووزير الداخلية و كل المتورطين الى اقرار وزارة الداخلية بتقصيرها و فشلها في حماية الفقيد . من جهته كان «القضاء» في هذه الجريمة الحاضر الغائب, و لعل هذا ما دفع المرصد التونسي لاستقلال القضاء إلى اصدار بيان توضيحي حول المآل القضائي للوثيقة التحذيرية المتعلقة بعملية الاغتيال. في حديثه مع «الشعب» اكد السيد احمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء ان الوثيقة كان لها عدة تداعيات سياسية و اعلامية لكن وقع التغاضي عن مآلها القضائي و كأن القضاء غير معني بها .و استغرب الرحموني من تجاهل وزارة الداخلية لمراسلات قاضي التحقيق المتعهد بقضية اغتيال الشهيد محمد البراهمي , حيث قام بمراسلة وزير الداخلية بصفة رسمية منذ ثلاثة اسابيع قصد الادلاء بالوثيقة الرسمية التي وردت باللغة الانجليزية لكنه قوبل بالتجاهل. ليعود و يبعث بمراسلة ثانية الا ان لطفي بن جدو لم يقدم أي توضيح وهو ما ينفي نية الداخلية وضع كل المعطيات التي تخص القضية على ذمة القضاء . الداخلية تحجب وثيقة الاغتيال عن قاضي التحقيق في نفس السياق اكد محدثنا ان حجب وثيقة الاغتيال و المعطيات المتعلقة بها من شانه ان يعطل سير التحقيق القضائي . و قد وصف بيان المرصد -الصادر يوم 07 اكتوبر -ذلك بعدم تعاون وزارة الداخلية اذ يلاحظ ان الوثيقة «التحذيرية» التي أعلن عن وجودها وسبق نشرها بوسائل الإعلام لم يتم تقديمها الى السلطات القضائية في نسختها الأصلية من قبل الاطراف المعنية بها. ليتبين ان وزارة الداخلية لم تقدم لقاضي التحقيق المتعهد الوثيقة الاصلية لرسالة التحذير -الصادرة عن وكالة الاستخبارات الامريكية - المحررة باللغة الانجليزية. و اشار البيان الى ان الوزارة مازالت ممتنعة الى الآن عن تقديم أية وثيقة تخص الموضوع المذكور بما في ذلك نتائج البحث الداخلي بواسطة التفقدية التي قامت بتسريبها بعض الجهات الأمنية إلى الصحافة. كما يتضح ان موقف وزارة الداخلية لا يستند الى تبريرات مشروعة خصوصا أنه ثبت ان قاضي التحقيق المتعهد بقضية اغتيال الشهيد محمد البراهمي قد كاتب بصفة رسمية وزير الداخلية الا ان الاخير لم يقم ببيان الموانع التي تحول دون اجابة الجهة القضائية كما سبق وذكرنا . و شدد البيان على ان موقف وزارة الداخلية يؤكد عدم تعاونها مع الجهة القضائية خلافا لما صرحت به في 13 سبتمبر 2013 بشأن استعدادها الكامل لوضع كل المعطيات على ذمة القضاء متى طلب منها ذلك. المبادرة الوطنية من اجل كشف الحقيقة تتجاهل القضاء من جهة اخر اعرب احمد الرحموني عن استيائه لتجاهل القضاء من قبل وزارة الداخلية و حتى من قبل المبادرة الوطنية من اجل كشف الحقيقة , و حسب ما جاء في التقرير الصادر عن المرصد فانه لم يتيسر سماع السيد الطيب العقيلي عضو المبادرة الوطنية من اجل كشف الحقيقة بصفته شاهدا الا بعد أسبوعين من عقده الندوة الصحافية وذلك لعدم حضوره لدى قاضي التحقيق المتعهد بصفة تلقائية وعدم معرفة عنوانه حتى يتم استدعاؤه إثر تصريحاته الإعلامية. فيما يخص مباشرة الأعمال القضائية المتصلة بالوثيقة «التحذيرية» نفى محدثنا تصريحات وزير الداخلية قائلا : «ان النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس لم تأذن بفتح تحقيق مستقل في الوثيقة «التحذيرية» خلافا لما صرح به وزير الداخلية وذلك بسبب ارتباط الوثيقة بالقضية المنشورة لدى مكتب التحقيق عدد 12 كما أن أعمال التحقيق لم تتوقف رغم امتناع وزارة الداخلية عن الجواب لمبادرة قاضي التحقيق بإجراء الأعمال الاستقصائية المتعلقة بالموضوع. واضاف الرحموني ان النيابة العمومية تلقت شكايتين ضد رئيس الحكومة ووزير الداخلية وبعض القيادات الامنية صادرة عن ورثة الشهيد محمد البراهمي والثانية عن عدد من نواب المجلس الوطني التأسيسي ولتعتبرهما -الشكايتين - مرتبطتين مباشرة بالقضية المتعلقة باغتيال الشهيد محمد البراهمي وتولت احالتهما مع المؤيدات المرفقة بهما على قاضي التحقيق المتعهد. وسيتم الاستناد إلى الوثيقة «التحذيرية» من جانبين أولا كدليل من جملة الأدلة المتعلقة بالقضية قصد تحديد الطرف الذي قام بعملية الاغتيال بالنظر الى ما تم من أبحاث سابقة وثانيا كعنصر إثبات للوقوف على حقيقة التقصير أو القصد أو سوء النية أو التواطؤ وتقدير مدى مساهمة ذلك في الاغتيال أو المشاركة فيه. واختتم الرحموني حديثه بدعوة جميع الاطراف الى التعاون مع القاضي المتعهد في إطار ما خوله القانون بمد الجهة القضائية بعناصر الإثبات المتصلة بقضية اغتيال الشهيد محمد البراهمي دون تأخير كما دعا رئاسة الحكومة ووزير الداخلية إلى إعطاء الإذن للمصالح الراجعة لهما بالنظر بالتعاون مع الجهات القضائية وخصوصا تمكين قاضي التحقيق من جميع المعطيات المتعلقة بالموضوع.