دعا المرصد التونسي للاستقلال القضاء، في تقريره الصادر اليوم الاثنين 7 أكتوبر 2013، السلطة التنفيذية ممثلة في رئاسة الحكومة ووزير الداخلية إلى إعطاء الإذن للمصالح الراجعة لهما بالنظر بالتعاون مع الجهات القضائية وخصوصا تمكين قاضي التحقيق من جميع المعطيات المتصلة بموضوع الوثيقة "التحذيرية" المتعلقة باغتيال محمد البراهمي. وتوجه المرصد إلى جميع الأطراف المعنية بقضية الاغتيال إلى مراعاة سرية التحقيق وإعطاء الأولوية للحقيقة القضائية والحرص على التعاون مع القاضي المتعهد في إطار ما خوله القانون والمبادرة دون تأخير بمد الجهة القضائية بعناصر الإثبات المتصلة بقضية اغتيال محمد البراهمي. وعرض المرصد التونسي لاستقلال القضاء في تقريره استنادا إلى معلومات مباشرة بالمحكمة الابتدائية بتونس المعطيات الخاصة بالإجراءات القضائية المرتبطة بمآل الوثيقة "التحذيرية" المتعلقة باغتيال محمد البراهمي وخصوصا ما لوحظ من تراخي الجهات المعنية إضافة إلى الأعمال القضائية التي تم انجازها بهذا الشأن. ولاحظ المرصد أن الوثيقة "التحذيرية" التي أعلن عن وجودها وسبق نشرها بوسائل الإعلام لم يتم تقديمها إلى السلطات القضائية في نسختها الأصلية من قبل الاطراف المعنية بها. من جهة الداخلية حيث تبين أن وزارة الداخلية لم تقدم لقاضي التحقيق المتعهد الوثيقة الأصلية لرسالة التحذير الصادرة عن وكالة الاستخبارات الأمريكية والمحررة باللغة الانجليزية، ولا تزال الوزارة ممتنعة إلى الآن عن تقديم أية وثيقة تخص الموضوع المذكور بما في ذلك نتائج البحث الداخلي بواسطة التفقدية التي قامت بتسريبها بعض الجهات الأمنية إلى الصحافة. واتضح لمرصد القضاء أن موقف وزارة الداخلية لا يستند إلى تبريرات مشروعة خصوصا وقد ثبت أن قاضي التحقيق المتعهد بقضية اغتيال محمد البراهمي قد كاتب بصفة رسمية وزير الداخلية منذ ما يزيد عن أسبوعين من الآن وقام بتذكيره بمراسلة ثانية وذلك قصد الإدلاء بالوثيقة المذكورة وغيرها من المعطيات المرتبطة بها إلا أن وزير الداخلية لم يجب الجهة القضائية ولم يقم ببيان الموانع التي تحول دون ذلك. من جهة المبادرة الوطنية من أجل كشف الحقيقة لاحظ المرصد أنه لم يتيسر سماع الطيب العقيلي عضو المبادرة الوطنية من أجل كشف الحقيقة بصفته شاهدا إلا بعد أسبوعين من عقده الندوة الصحفية وذلك لعدم حضوره لدى قاضي التحقيق المتعهد بصفة تلقائية وعدم معرفة عنوانه حتى يتم استدعائه على اثر تصريحاته الإعلامية، وقدم الطيب العقيلي لقاضي التحقيق المتعهد جملة من المعطيات الخاصة بالوثيقة وذلك بمناسبة سماعه بتاريخ 27 سبتمبر 2013 بعد تبليغه الاستدعاء بواسطة الغير. مباشرة الأعمال القضائية المتصلة بالوثيقة بيّن تقرير المرصد أن النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس لم تأذن بفتح تحقيق مستقل في الوثيقة "التحذيرية" خلافا لما صرح به وزير الداخلية وذلك بسبب ارتباط الوثيقة بالقضية المنشورة لدى مكتب التحقيق عدد 12 كما أن أعمال التحقيق لم تتوقف رغم امتناع وزارة الداخلية عن الجواب لمبادرة قاضي التحقيق بإجراء الأعمال الاستقصائية المتعلقة بالموضوع. وتلقت النيابة العمومية في موضوع الوثيقة "التحذيرية" شكايتين ضد رئيس الحكومة ووزير الداخلية وبعض القيادات الأمنية بتاريخ 18 سبتمبر 2013 الأولى صادرة عن ورثة الشهيد محمد البراهمي والثانية عن عدد من نواب المجلس الوطني التأسيسي، واعتبرت النيابة العمومية أن الشكايتين المذكورتين مرتبطتان مباشرة بالقضية التحقيقية المتعلقة باغتيال الشهيد محمد البراهمي وتولت احالتهما مع المؤيدات المرفقة بهما على قاضي التحقيق المتعهد. وأفاد مرصد القضاء أنّ التحقيق في إطار البحث المجرى في قضية الاغتيال يستهدف الاستناد إلى الوثيقة "التحذيرية" من جانبين: أولا كدليل من جملة الأدلة المتعلقة بالقضية بقصد تحديد الطرف الذي قام بعملية الاغتيال بالنظر إلى ما تم من أبحاث سابقة وثانياكعنصر إثبات للوقوف على حقيقة التقصير أو القصد أو سوء النية أو التواطؤ وتقدير مدى مساهمة ذلك في الاغتيال أو المشاركة فيه. وذكر تقرير مرصد القضاء أنه تمت مباشرة التحقيق في الوقائع المرتبطة بالوثيقة اعتمادا على ثبوت وجودها حسب النسخة المتداولة المستند اليها في الشكايتين الجزائيتين المشار إليهما إضافة الى التسليم بذلك طبق التصريحات المتظافرة للمسؤولين بوزارة الداخلية، غير أن ذلك لا يغني عن تقديم النسخة الأصلية للوثيقة المذكورة. وتولى قاضي التحقيق المتعهد إضافة إلى مكاتبة وزير الداخلية في مناسبتين وتلقي شهادة السيد الطيب العقيلي سماع عدد من المسؤولين الامنيين التابعين للإدارات المعنية بتداول الوثيقة من بينهم مدير التعاون الدولي لإدارة الأمن الخارجي الراجعة بالنظر للإدارة العامة للمصالح المختصة الذي تم سماعه بتاريخ 2 أكتوبر 2013.