النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    برنامج مباريات اليوم و النقل التلفزي    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    تركيا: 6 قتلى في حريق بمستودع للعطور والسلطات تحقق    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    الأحد: أمطار رعدية والحرارة في انخفاض    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    وزارة الصحة: 1638 فحص أسنان: 731 حالة تحتاج متابعة و123 تلميذ تعالجوا فورياً    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    زيادة في ميزانية رئاسة الحكومة    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    منتدى تونس لتطوير الطب الصيني الإفريقي يومي 21 و22 نوفمبر 2025    تونس تحتضن ندوة دولية حول التغيرات المناخية والانتقال الطاقي في أكتوبر 2026    الجولة 12 لبطولة النخب لكرة اليد :سبورتينغ المكنين وجمعية الحمامات ابرز مستفيدين    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    رئيس الجمهورية يكلّف المهندس علي بن حمودة بتشكيل فريق لإيجاد حلول عاجلة في قابس    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025: فضية لجميلة بولكباش في سباق 800 متر سباحة حرة    ربع التوانسة بعد الأربعين مهدّدين بتآكل غضروف الركبة!    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    تونس - الصين: 39 طالبا وطالبة يحصلون على "منحة السفير" في معهد كونفوشيوس بجامعة قرطاج    إعادة انتخاب محرز بوصيان نائبا لرئيس الإتحاد العربي للجان الوطنية الأولمبية    الرابطة الثانية – الجولة 8 (الدفعة الثانية): النتائج والترتيب    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    لمرضى السكري: عشبة إذا شربتها صباحًا ستخفض السكر في دمّك    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    دربي العاصمة: الإفريقي والترجي نهار الأحد.. 142 مواجهة وهذه الأرقام    أغرب عملية سرقة: سارق رقد في عوض يهرب!    حريق في مستودع للعطور بتركيا يخلف 6 قتلى و5 مصابين    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    العلم يكشف سر في المقرونة : قداش لازمك تحط ملح ؟    عاجل/ محاولة اغتيال سفيرة إسرائيل بالمكسيك: ايران ترد على اتهامها..    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    عاجل: اليوم تنطلق الدفعة الأولى من مباريات الجولة 14.. شوف القنوات الناقلة!    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    النيابة العامة في إسطنبول تصدر مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    ارتفاع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية بنسبة 8 بالمائة سنة 2026    مفزع/ نسبة الرضاعة الطبيعية في تونس أقل من 18 بالمائة..!    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    عاجل : فضيحة في مسابقة ملكة جمال الكون 2025: شنية الحكاية ؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    عاجل: حدث نادر فالسماء القمر يلتقي بزحل ونبتون قدام عينيك..هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل بدأنا نعيش عصر «الناقد بتفويض أجنبي»؟!
من الشارقة والقاهرة قائمة بأسماء نقاد تونسيين وهميين
نشر في الشعب يوم 21 - 04 - 2007

أن يتحل أحد ما صفة رسام أو ناقد فذلك أمر لا فائدة منه ما دام الانتحال في مثل هذه الميادين يتطلب الأثر L'oeuvre والذي لا احد يمكنه تصور وجوده في «حسابات سرية» أو «مقفلة» أو في انتظار «حكم قضائي» أو «تصفية الورثة» كما قد يدعي المتحايل عادة في الدراما التلفزية السخيفة.
رغم عدم علمنا بوجود سابقة من صنف انتحال صفة ناقد فني فإن ذلك حصل فعلا وفي احدى أهم العواصم العربية المعنية بالفنون التشكيلية والبصرية، ونقصد بذلك الشارقة وتحديدا فعاليات ندوة النقد والابداع التي انتظمت بالشارقة يومي 19 و20 ديسمبر الفارط، حيث طرحت فكرة بعث .. «حالة تجمعية تربط كتاب النقد التشكيلي البصري وتفعيل صلتهم ببعضهم البعض من أجل تحقيق ذلك تم بعث لجنة تأسيسه ضمت أسماء النقاد الممثلين لمختلف الأقطار العربية(1).
نقاد سريون
قد تكون هذه المبادرة أثلجت صدور النقاد والتشكيليين والمثقفين في مختلف الأقطار العربية، أما في تونس، حيث لا نعتقد بأننا معزولون عن عالمنا العربي، فانه لم يحصل لنا شرف العلم بهذه المبادرة وقائمة أسمائها إلا بمحض الصدفة (2). وكأن الأمر يتعلق يشأن سري لا يهم حتى البقية، حتى ولو كانوا معنيين مباشرة به أي الفنانين التشكيليين والمختصين بل وحتى عن بعض من ضمتهم القائمة.
لقد وقع التعامل مع مبادرة بعث جمعية للنقاد العرب كشأن خاص أو سري يجب إخفاؤه عن الفنانين والنقاد التونسيين تماما كما تخفى كل جريمة . فالقائمة ضمت أسماء لا علاقة لها بالنقد .. أسماء لا وجود ولا ذكر لها في حركة الفن التشكيلي بتونس.
ضمت القائمة سبعة أسماء «نقدية من تونس، الى جانب وجود اسم السيد محمد بن حمودة ضمن اللجنة التأسيسية التي قامت بضبط قائمة النقاد العرب بما فيهم التونسيون.
السيد محمد بن حمودة، قد يكون اسما معروفا في تلك المنابر المتعاقبة سواء ضمن بينالي الشارقة أو القاهرة. قد يكون اسمه معروفا لدى زملائه المدرسين وطلبة المعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس، حيث يدرس مادة الفلسفة أما خارج مجال التدريس أي في الحياة الثقافية التونسية. فان ذكره مختصر في ثلاثة أيام في فصل الصيف، حيث يقوم بتأمين الندوات الفكرية التي ينظمها مهرجان المحرس الدولي للفنون التشيكيلية (على بعد 30 كلم من مدينة صفاقس حيث يقيم ) أما خارج هذه المناسبة أو بعض تلك الندوات التي ينظمها الجامعيون في عزلة تامة عن نبض الحياة الثقافية والإبداعية بتجاذباتها . فان السيد محمد بن حمودة لا وجود له واسمه مجهول تماما في الوسط الثقافي والابداعي . ونحن نذكر هذه الحقيقة من منطلق بديهي ألا وهو أن وجود الناقد يتطلب وجود متن نقدي .. وهذا ما طالبنا به السيد بن حمودة عبر ملحقنا الاسبوعي المختص في الفنون التشكيلية (3) وذلك بعد اطلاعنا على مبادرة بعث جمعية النقاد العرب وقائمة أعضائها. إلا أن السيد بن حمودة خير الصمت والاختباء.. ربما مرددا في سره : «دع الريح تمر».
انتحال الصفة تنسحب أيضا على السيد نزار شقرون وهو في الاصل أستاذ الآداب العربية. نجح في الحصول على شهادة في تاريخ الفن عندما قام المعاهد العالي للفنون الجميلة بتونس بفتح المجال للمتحصلين على الأستاذية في اختصاصات مثل الآداب العربية أو التاريخ والجغرافيا أو الفلسفة أو علم الاجتماع للحصول على شهادة ذات صلة بالجماليات أو بتاريخ الفن وذلك وفق اختيارات داخل المعهد المذكور كان مهندسها الرسام والناقد الناصر بالشيخ عندما كان مديرا للمعهد المذكور. وفي سياقها اشرف على تأطير كل من ابن حمودة ونزار شقرون مما خول لهما دخول مجال التدريس في المعهد العالي للفنون الجميلة والحرف الفنية حيث كانت الحاجة متأكدة للأساتذة حتى ولو بالإلحاق من معاهد الثانوية إذ شهدت تونس في اقل من عشرية بعث ستة معاهد للفنون الجميلة والحرف الفنية.الغريب أن قائمة النقاد التونسيين لم تضم اسم الناصر بالشيخ وذلك من باب نكران الجميل لكتاباته ولأسباب أخرى سنأتي على ذكرها لاحقا..
مثل محمد بن حمودة ينتمي نزار شقرون الى مدينة صفاقس ويقاسمه مجال التدريس بالمعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس.
أول نص قدم به نزار شقرون نفسه الى الساحة التشكيلية نشره بمجلة «الحياة الثقافية» التونسية وكان حول رسام مصري يقيم بباريس اسمه عبد الرزاق عكاشة ونحن الى حد الآن لا نعلم سبب تحمس نزار شقرون لهذا الرسام الذي ربما أعماله كانت مذهلة الى حد جعل نزار شقرون يكتشف في نفسه موهبة النقد التي بقيت مغمورة حتى أمام ما تزخر به التجربة التشكيلية التونسية من تجارب لافتة للنظر وهامة.. لكن إذا عرف السبب بطل العجب والسبب نحتفظ به لأسباب ربما الى حين.
لنزار شقرون نص تقديمي نشر في جذاذة معرض الرسام رؤوف الكراي (ينتمي مثله الى مدينة صفاقس ويدرّس معه بنفس المعهد).
ولنزار شقرون دراسة جامعية حول تجربة الرسام العزيز علينا عادل مقديش (أصيل مدينة صفاقس) وقد ساعدته شخصيا في إعدادها بما لا يملكه غيري. بما في ذلك المكتبات المختصة من مراجع ثمينة وأساسية لم أستعدها الى الآن.
أسماء لا تعلم
الى جانب منتحلي صفة الناقد أي محمد بن حمودة ونزار شقرون فان القائمة ضمت اسماء لم تعلم بموضوع بعث جمعية النقاد العرب إلا بعد نشر الموضوع على أعمدة ملحق الرواق الذي نشرف عليه وهي أسماء عبرت عن استغرابها سواء بسبب دمجها أو بسبب ما احتوت عليه القائمة من مغالطات.
ونذكر هنا السيد سمير التريكي الذي تعجب من وجود اسمه ضمن القائمة وهو المنقطع الى البحث الأكاديمي ولا يمارس النقد الفني. لكن ما العمل أمام حسابات وتهافت السيد محمد بن حمودة.
ضمت القائمة أيضا اسم الكاتب والناقد الجليل السيد علي اللواتي الذي عبر عن استغرابه التام من دمج اسمه ضمن قائمة صيغت وفق حسابات ضيقة وتضم أسماء لا تربطها أدنى علاقة بالنقد.
السؤال الاساسي
ترى ما هي خلفيات هذه القضية ؟ لفهم ذلك علينا أن نبرز تلك الصفات المشتركة لمن احتوت عليهم القائمة حتى نكتشف كم أن المسألة على غاية من السخف والانحطاط.
ما عدا علي اللواتي الذي هو من التجربة والقيمة بما يستحيل إخفاءه أو تناسيه، فان كل من احتوت عليهم القائمة هم من أصيلي مدينة صفاقس وينتمون بالتدريس لأحد المعاهد العليا للفنون الجميلة أو الفنون والحرف:
1 محمد بن حمودة : من أحواز مدينة صفاقس ، يدرس بالمعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس.
2 نزار شقرون : من مدينة صفاقس، يدرس بالمعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس.
3 خليل قويعة: من مدينة صفاقس، يدرس بالمعهد العالي للفنون الجميلة بنابل.
4 سامي بن عامر: من مدينة صفاقس ، يدرس بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس.
5 فاتح بن عامر: من مدينة صفاقس، يدرس بالمعهد العالي للفنون والحرف بسوسة.
6 الحبيب بيدة: من جزيرة قرقنة حذو مدينة صفاقس يدرس بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس.
7 سمير التريكي: من مدينة صفاقس، يدرس بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس.
ونحن إذ نضع هذه القائمة علينا أن نوضح أمرا أساسيا حتى لا يحصل أدنى سوء فهم. من ذلك أننا ننزه الرسام والناقد الحبيب بيدة عن كل تورط أو ما شابه ذلك في مثل هذه الخزعبلات، فالرجل كما نعرفه من الأسماء الصادقة والمناضلة والحبيب بيدة من الأكاديميين القلائل الذين يمثلون قيمة مرجعية في حياتنا الثقافية عامة والتشكيلية خاصة، لما تتميز كتاباته من جرأة وصراحة .. انه المثقف الذي وقف في احدى ندوات مهرجان المحرس الدولي ليقول لمحمد بن حمودة أمام الجميع بالحرف الواحد «ما يحس بالجمرة كان اللي يعفس عليها».
وهذا مثل شعبي يقال لمن يتكلم في مواضيع يجهلها (4).
أما أسماء أخرى مثل خليل قويعة وفاتح بن عامر فانه لا احد يمكنه نكران صفتها النقدية فنصوصهما تدل على ذلك حتى وان اختلفنا على مستوى الرؤية والخطاب فإنهما يعكسان تعبيرة من تعبيرات الحياة الثقافية والإبداعية التونسية بخصائصها الحضارية والتاريخية والاجتماعية المتنوعة.
أما السيد سامي بن عامر فقد نشر بالصحف التونسية مقالات ومتابعات حول تجارب معارض احتضنها رواق شيم قبل أن يغلق أبوابه وقد توقف عن الكتابة النقدية منذ عقد تقريبا حيث أمضى ست سنوات متعاقبة على رأس اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين وما بفرضه ذلك من حياد وتعاط مع جميع الفنانين سواسية. في تلك الفترة كتب خلالها بضع نصوص تتعلق بمسائل مفاهيمية عامة وبعيدة عن مجال النقد بوصفه خطابا يوظف المعارف الجمالية والفلسفية وتاريخ النقد لما هو تطبيقي وثقافي وتثميني، ذلك أن العملية النقدية هي جزء من مكونات أخرى تهم الفنان والمتلقي والمقتني (الأروقة، المتاحف...) وتماما مثلما لا يوجد خطاب ثقافي واحد فانه لا توجد رؤية إبداعية واحدة ولا يوجد خطاب نقدي واحد فلا وجود لخطاب نقدي محايد (5).
حسابات ضيقة لكنها مكشوفة
ما أتاه محمد بن حمودة ينتمي لتلك الحسابات الضيقة التي تجاوزها المجتمع التونسي بمختلف تكويناته منذ عهود فهو لم يجد غير عنصر الانتماء الجهوي لاستعطاف النقاد وقبوله بينهم. لم يجد غير البعد الجهوي لتغطية فقره المدقع والخروج من عنق الزجاجة. أيضا أراد تقديم هدية حتى لمن لا يرغب فيها. من الأساتذة والباحثين الكبار بمعهد الفنون الجميلة بتونس . ذلك لأنه يعرف جيدا صورته كجسم غريب مختص في الفلسفة والجماليات ولا علاقة له بتلك المعارف المنهجية والتطبيقية التي تختص بها الفنون التشكيلية وتمثل معاول أساسية ضمن كل منهجية نقدية بقائمته الجهوية والمهنية أراد بن حمودة التوجه لأسماء مثل الحبيب بيدة وسامي بن عامر وسمير التريكي والتعبير لهم عمّا يكنه نحوهم من ولاء وحسن نية عساهم يقبلونه بينهم .. بسبب تلك المعطيات الجهوية والمهنية تم إقصاء اسم نقاد مثل الناصر بالشيخ الذي لا ينتمي الى مدينة صفاقس وهو الآن متقاعد . كما تم إقصاء نقاد آخرين خطيئتهم أنهم ليسوا من مدينة صفاقس ولا ينتمون الى شبكة المدارس العليا للفنون الجميلة.
تعتبر مدينة صفاقس العاصمة الصناعية الأولى في تونس حيث يتميز أهلها بتقديس العمل وبروح البذل والاجتهاد وكما يتميز أهلها بروح المدنية وهم ابعد ما يكون عن مثل تلك الجهويات الغريبة عن المجتمع التونسي وشخصيا احتفظ بتلك المدينة التي تبعد عن تونس العاصمة 300 كلم بصداقات حميمة ومليئة بالصفاء.
لمن نوجه لومنا
في سنة 1999 كان لي شرف التعريف بتجربة الفنان عمارة دبش الذي مات منتحرا ومجهولا بالعاصمة الفرنسية باريس. بعد أن عانى ويلات الرفض والتهميش وهو الفنان التونسي المعاصر الذي وقف ضد تلك الرؤى الاستشراقية والفولكلورية التي هيمنت على فكرة الفن بتونس لعقود وفي سنة 2002 (7) قدمت عبر ملحق «الرواق» بجريدة الصحافة التونسية فضيحة تزوير أعمال فنانين روادمثل يحي التريكي وعمار فرحات نسجت خيوطها عبر مؤسسة دروو الباريسية (8) معتبرا أن مثل هذه المواضيع من صميم دورنا كمثقفين ونقاد ومختصين وها إنني الآن اطرح السؤال الجوهري من يتحمل مسؤولية هذه الفضيحة التي حملت اسم محمد بن حمودة.
هل نلوم بينالي الشارقة والقاهرة والجهات المنظمة التي جعلت وبطريقة ما من أستاذ مغمور لا صفة له في حياتنا الثقافية والتشكيلية يركب الأوهام معتقدا انه يمكنه الذهاب بعيدا في لعب الدور والادعاء.
قد يكون السيد بن حمودة وكذلك نزار شقرون، قد قدما نصوصا للمشاركة في ندوةكهذه ببينالي الشارقة وبدعوة منه فهذا أمر يشبه فبركة سلعة تحت الطلب بالجلوس وفتح الكتب والتهويم المنزوع عن كل سياق. وهذا أمر في الاخير يخص الجهات المنظمة أما من ناحيتنا فإن الفن التشكيلي التونسي مقصى تماما.
هل يمكن للناقد وللرسام وللمسؤول السيد طلال معلا أن يقول إنه وفي كل الأحوال لا يمكنه أن يكون ملما بكل ما يعرفه بلد عربي من أسماء حقيقية أو مزيفة في مجالي الفن والنقد. وهو الذي كتب نصا عن الفن التشكيلي التونسي واستعان فيه بآراء وشهادات ثلة من النقاد التونسيين لم يكن من بينهم لا محمد حمودة ولا نزار شقرون بل يذكر في مراجعه كلا من علي اللواتي وناريمان بن رمضان وشخصي المتواضع(9).
هل يمكننا بعد كل ما حدث أن نصدق كتونسيين جدية مثل هذه البيناليهات العربية ونحن الذين كنا نعتقد في دورها الاساسي في تمتين روح التواصل بين تجاربنا الابداعية العربية ضمن ما تعيشه الأمة من رهانات وتحديات بين رؤى تحديثية معاصرة ورؤى ظلامية جاذبية.
هل نحن كتونسيين أصبحنا في نظركم على درجة من الضعف وعدم الجدوى، حتى يتم التعاطي معنا من خلال أسماء وهمية مسقطة لا تمثل حياتنا الثقافية الزاخرة والمتنوعة في شيء؟
هل أصبحت تلك المناسبات والمنابر الثقافية التي تنتظم تحت شعار الانتماء العربي تتعاطى مع المبدعين والمثقفين من البلدان العربية الأخرى بأسلوب ما تحفل به قواميس هذه الحروب الجديدة من مفردات ومصطلحات من نوع «رئيس منصب» أي في واقع الحال «ناقد منصب» أو «ناقد بتفويض خارجي».
هناك خطأ ما من الاساسي عدم التمادي فيه، حتى لا نخسر كمثقفين ما اعتقدناه ولا تزال حقائق أساسية.
ذلك لأننا ابعد ما يكون عن دائرة الشك في حسن نوايا إمارة الشارقة وما تبذله من مجهودات جبارة وخيرة من أجل أن يلعب المثقف العربي دوره الأساسي في بناء حاضر الأمة ومستقبلها.
أن الحياة الإبداعية والثقافية في تونس على درجة من التنوع المستمد من جملة الخصائص الحضارية والاجتماعية التي عرفها مجتمعنا بما افرز من تعبيرات ثقافية وإبداعية متنوعة ليست المؤسسة الجامعية ضمنها إلا تعبيرة لا تمثل في كل الأحوال مركز ثقل هذا إذا اعتبرنا تجاوزا المؤسسة الجامعية جزءا لا يتجزأ من كل حقل ثقافي وإبداعي.
------------------------------------------------------------------------
إحالات ومراجع:
1 ضمت اللجنة التأسيسية كلاّ من السادة طلال معلا ود. مصطفى الرزاز ود. فريد الزاهي والتونسي محمد بن حمودة.
2 حصل ذلك في اطار أشرفنا على ملحق «الرواق» الاسبوعي الذي تصدره جريدة «الصحافة» التونسية كملحق مختص في الفنون التشكيلية. حيث طلبنا من الناقد فاتح بن عامر مدنا بمقال لنشره . فكان تاريخ عدد الخميس 28 ديسمبر من ملحق الرواق هو تاريخ سماعنا لأول مرة بموضوع جمعية النقاد العرب بفضل استجابة الناقد فاتح بن عامر لطلبنا.
3 صدرت جملة من المقالات المعترضة على تركيبة قائمة النقاد التونسيين وهي تصب في مضامينها النص الحالي وقد صدرت المقالات بإمضاء كل من عمر الغدامسي (فنان تشكيلي وناقد) حسين التليلي (مؤرخ فني، ناقد ومدير مشروع المتحف الوطني للفن المعاصر سابقا) وابراهيم العزابي (رسام وناقد) وقد سمى الأخير في مقاله صراحة السيد بن حمودة متسائلا عن هويته . للاطلاع على هذه المقالات. انظر جريدة الصحافة. ملحق الفنون التشكيلية وذلك عبر شبكة الانترنات، كما يمكننا إرسالها كنسخ PDF لمن يطلبها على عنواننا الالكتروني aghdamsi@yahoo. Fr.
4 ونحن بهذه المناسبة ندعو الرسام والناقد الحبيب بيدة الى إبداء رأيه في الموضوع لما عهدناه فيه من صراحة وروح بناءة ونذكره هنا بمقاله المنشور على أعمدة ملحق الرواق بتاريخ 9 ديسمبر 2000 والذي جاء كتفاعل مع ما كتبناه آنذاك حول تهميش النقد. وقد جاء مقاله تحت عنوان تهميش الناقد.
5 بعث رواق شيم في عقد الثمانينات كمحاولة من طرف بعض أساتذة معهد الفنون الجميلة بتونس من الممارسين للرسم، لخلق حالة تجمعية خاصة بهم وتميزهم عن بقية التعبيرات الثقافية والإبداعية التي تزخر بها الساحة الفنية والثقافية التونيسة . هذا وقد أغلق رواق نهائيا منذ أواخر عقد التسعينات.
6 لقد كتبنا في هذا الموضوع مرارا سواء على أعمدة ملحق «الرواق» الذي يحتفل حاليا بعشرية تأسيسنا له أو من خلال بعض الندوات التي شاركنا فيها أو ضمن حوارات مثل:
جريدة لرونوفو Le Renouveau الصادرة بالفرنسية بتاريخ السبت 12 ماي 2001 تحت عنوان «النقد الفني من وجهتي نظر الهادي التريكي وعمر الغدامسي «. حيث ورد على لساننا الآتي : «النقد هو بالضرورة غير موضوعي والناقد الفني ملتزم بالدفاع عن خيارات جمالية وابداعية تعبر عن ثقافته داخل المجتمع والتاريخ.
انظر أيضا الحوار الذي اجراه لنا الصحفي العراقي حكمت الحاج ونشر بجريدة القدس العربي الصادرة بلندن عدد 3641 السبت الأحد 27 28 جانفي 2001.
7 تحت عنوان عمارة دبّش (1918 1977) رسام مجهول من عصرنا. نظمت لقاء تعريفيا حوله بتاريخ 14 جانفي 1999 بالنادي الثقافي الطاهر الحداد حيث عرضنا وثيقة سمعية بصرية نادرة ويتيمة عثرنا عليها في أرشيف التلفزة التونسية.
الى جانب عرض وثائق أخرى تضم صورا لبعض أعماله ومقالات صحفية نشرت حول تجربته . هذا وقد مكنتنا تلك الجلسة من التعريف به لأول مرة بفضل مساعدة كل من السيدة فوزية الساحلي المديرة السابقة للجنة اقتناءات الدولة للأعمال الفنية والسيد عبد الرزاق الفهري الخبير المختص في ترميم الأعمال الفنية تمكنا من تنظيم معرض لأعماله بإشراف وزارة الثقافة وإصدار كتالوغ. وقد جاء المعرض بتاريخ 11 نوفمبر 1999 برواق التصوير.
8 نشر الموضوع تحت عنوان «بيان الصحيح من المزيف في الفنون التشكيلية» تباعا كالآتي : ملحق الرواق بتاريخ 17 جوان 2004 و8 و15 و22 جويلية 2004.
9 انظر مجلة التشكيلي الالكتروني : التشكيل التونسي رحلة الذات الى الحياة .. بقلم طلال معلا.

عمر الغدامسي: فنان تشكيلي وناقد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.