هل يعقل ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين، أن نجد عمالا لا يتمتعون بأدنى الحقوق وكأنهم قبعوا بين اهل الكهف سنوات طوالا ثم أطلوا علينا فجأة فوجدوا واقعا جديدا وأجورا مغايرة، لكن بقوا في أسفل القاع. هؤلاء هم عمال الحضائر بالمندوبية الجهوية للفلاحة بمنوبة، وبرغم المبادرات الرئاسية الرائدة التي فتحت الباب لتسوية وضعيتهم كعمال حضائر بكافة انحاء الجمهورية، الا أنّ عمال مندوبية منوبة مازال حالهم يثير الشفقة، ممّا يجعلك تتساءل هل اختفت الرحمة في قلوب الساهرين على المندوبية الجهوية للفلاحة بمنوبة؟؟ ألم يلاحظوا الحالة المزرية للعمال ألم تأتهم تشكياتهم من وضعهم المهني الهشّ وغير الانساني بالمرة؟ هذا الوضع جعل العمال يهبّون يوم الاحد 22 أفريل الجاري نحو الاتحاد المحلي للشغل بطبربة، فقدموا من أنحاء بعيدة عن المكان، استقلوا الحافلات الصفراء والنقل الريفي ليبلغوا القيادات النقابية الجهوية والمحلية شكواهم من غدر هذا الزمان!! نعم جاؤوا من الدخيلة والانصارين والجنايدية وفاية من معتمدية طبربة لكشف الحقيقة.! غصت القاعة الكبرى للاتحاد المحلي بطبربة بالوافدين فما كان من الاخوة النقابيين الا استعمال مكبرات الصوت لايصال المعلومة والخبر اليقين للعمال المنتشرين حول مقر الاتحاد المحلي. أشرف على الاجتماع الأخوان مصطفى المديني الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بمنوبة والهادي الجويني الكاتب العام للاتحاد المحلي بطبربة بحضور ممثلين عن الجامعة العامة للفلاحة ونقابيين جهويين. وقد فسح المجال أمام العمال للتعبير عن آرائهم فبيّنوا المناخ الاجتماعي السيء بكامل مصالح المندوبية الجهوية للفلاحة بمنوبة المتسم بالتوتر خصوصا مع عمال مقاومة الانجراف والمحافظة على التربة ومن يسمون بعمال الحضائر والذين لديهم اقدمية تتراوح بين 10 و18 سنة من العمل. وملف هؤلاء العمال قديم قدم تلك الملفات المتروكة في مكاتب بعض المسؤولين.. فبقي هؤلاء يشتغلون اسبوعا الى اسبوعين في الشهر الواحد بمقابل زهيد مما جعل ابناءهم يحرمون من الدراسة لقلة الامكانيات المادية لمجابهة مصاريف التعليم. ولا يتمتع هؤلاء المغلوبون على امرهم باي حق فلا بطاقات العلاج او تغطية اجتماعية بل ان كافة عمال الحضائر بكافة الولايات سوّيت وضعياتهم الا هؤلاء فممنوع ان تتحدث عنهم وكأنه خط أحمر لا يمكن تجاوزه. وأدهى وأمر من كل هذه المأساة ان الاجرة اليومية لهذه الفئة الضعيفة تقدر بين 4.200 دنانير و5.650 دنانير رغم أن القانون ينص على 7.129 دنانير. والمندوبية الجهوية بمنوبة لا تعترف أيضا بالزيادات السنوية التي يقرها رئيس الدولة ولا تطبّق محاضر الجلسات الممضاة بين النقابة الاساسية والمندوب الجهوي للفلاحة، بل أن المندوب الجهوي لم يجب عن رسائل الاتحاد الجهوي للشغل بمنوبة وكأنه يرفض التعامل مع هياكل الاتحاد. أمام هذا الوضع الخطير لعمال الحضائر بالمندوبية، تقرر تنفيذ إضراب يوم 10 ماي القادم وقد ساند كل من الاتحاد الجهوي للشغل بمنوبة والاتحاد المحلي بطبربة والجامعة العامة للفلاحة والفرع الجامعي، نضالات هؤلاء العمال واعتبروا ان ما يعيشون فيه من أوضاع فقر وخصاصة تحتاج إلى تدخلا فوري وتسوية سريعة لحماية العمال من التهميش. وقد أبدى الطرف النقابي كل الحرص على الحوار والتشاور المتبادل بين النقابة والادارة معتبرا ان غلق باب الحوار منزلق خطير لا يدخل في تقاليد وقيم بلادنا التي كانت دوما على مرّ تاريخها المعاصر سباقة في مجال العمل النقابي الحرّ والمستقل ومثالا للحوار الاجتماعي الوطني.