بإشراف قسم التشريعات والنّزاعات نظّمت النقابة العامة لأعوان العدلية أيّاما دراسية حول مشروع القانون الأساسي لكتابة المحاكم إطار شبه قضائي احتضنتها جهة سوسة على مدى يومين، وقد افتتح أشغالها الأخ عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل بحضور الأخوين الأمينين العامين المساعدين محمد سعد وحسين العباسي والأخ محمد الجدي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسوسة والأخ محمد علي العمدوني الكاتب العام للجامعة. وتولّى الأخ محمد علي العمدوني في مستهل الجلسة الافتتاحية الترحيب بالمشاركين في فعاليات هذه الندوة والذين فاق عددهم الستين مشاركا ومشاركة ليؤكّد على أهمّية سلك كتابة المحاكم ودوره في المنظومة القضائية مبرزا المفارقة الكامنة بين أهمّية دوره ميدانيا وبين هامشية موقعه وسياسة تأجيره ومكاسبه مقارنة ببقيّة الأطراف الفاعلة في العملية القضائية. وأكّد الأخ محمد علي العمدوني أنّ خصوصية هذا السلك دفعت بالتفكير إلى عقد هذه الندوة للنّظر في امكانية تشريع هذه الخصوصية وتقنين فصولها في قانون أساسي يضمن للعاملين بهذا السلك اعتبارهم كإطارات شبه قضائية فاعلين في المنظومة القضائية التي لا يمكن لها أن تتطوّر بمعزل عن تطوير وتحسين أوضاع العاملين بسلك كتابة المحكمة. أما الأخ محمد سعد فقد أكد على أهمية منهجة المطالب المتعلقة بسلك كتابة المحكمة ليوضح أهمّية شرح أسباب الرغبة في تغيير القانون وتطويره عبر مرتكزات قانونية وواقعية بمساعدة من الخبراء والمختصين حتى تكون التنقيحات معقولة من حيث القانونية والمشروعية. وأضاف الأخ محمد سعد أنّ النظام القضائي في تونس قد أصبح أعرج بالرغم من كثرة الإصلاحات فهو كذلك لأنه لم يتطور نوعيا. فكتابة المحاكم وهي جزء هام في المنظومة القضائية قد تخلفت ليصبح الكاتب مجرد عون أو أداة لدى القاضي وتعود هذه التبعية الى النقص القانوني والتداخل في المفهوم بين السلك الاداري والسلك القضائي. فكتابة المحكمة هي سلك لا تستقيم بدونه العملية القضائية وهذا ما هو معمول به في البلدان الأوروبية المتقدمة. أما الأخ حسين العباسي فقد ركز على الجوانب التشريعية التي ينكب قسم التشريع علي دراستها وتبويبها وهي الواردة أساسا ضمن لوائح مؤتمر الاتحاد العام الاخير بالمنستير وإضافة الى اللوائح هناك مطالب إضافية وتنقيحات يفرضها الواقع الاقتصادي المتغيّر مضيفا أنّ واقع كتابة المحاكم في المنظومة القضائية متواضع، كما أنه مقارنة بباقي القطاعات هو الاقل مكاسب، لذلك سيهتم القسم بصفة خاصة بهذا السلك حتى يتمكن من صياغة قانونه الاساسي حسب خصوصية المهنة وبحسب المتغيرات والتطورات التي تشهدها المنظومة القضائية. مناقشات تمهيدا لمناقشة النقاط والفصول بالقانون الاساسي قدم الأستاذ رشاد المبروك محاضرة تأطيرية حول كتابة المحاكم وأهمية دورهم تاريخيا، مبرزا أنّ كاتب المحكمة كان منذ القدم يتمتع بمكانة وهيبة خاصة في المجتمع وفي المنظومة القضائية، أما حاليا فإن وضعه تراجع كثيرا على جميع المستويات عبر التغيرات التي شهدتها القوانين والاصلاحات المتطورة للمنظومة القضائية وأبرز الاستاذ رشاد المبروك أنّ طريق مصالحة كتابة المحكمة مع محيطها القضائي هو التحكم في موازين القوى السائدة حاليا وذلك بالتسلح بالمعرفة والعلم والتمسك بالاستقلالية مبرزا أن كاتب المحكمة هو همزة الوصل بين المحكمة والقاضي والمتقاضي وهمزة الوصل هذه يجب أن تكون في أفضل الأحوال حتى لا تصبح العملية القضائية عرجاء أو منقوصة، كما أن كاتب المحكمة يجب أن لا يتعرض للضغوطات، إذ يجب توفير الحماية له وضمان خصوصيته بإبعاده عن كل الضغوطات والتضييقات المادية منها والمعنوية. وفي تعرضه لمشروع القانون الاساسي أكد الاستاذ رشاد المبروك على أهمية صياغة فصول تركز خصوصا على العلم والمعرفة والاستقلالية والحماية وهي بحسب رأيه العناصر الاساسية لتحسين الأوضاع المهنية والاجتماعية لسلك كتابة المحاكم مع التركيز على التجارب الأخرى المهمة كالتجربة الفرنسية وحتى المغربية. على اثر هذه المداخلة انقسم المشاركون الى ورشتين لصياغة مقترحات للقانون الاساسي وقد شهدت هذه الورشات نقاشات ثرية ركزت بالخصوص على ضرورة النضال من أجل قانون أساسي لكتابة المحاكم واعتبارهم إطارا شبه قضائي له أثره و دوره في المنظومة القضائية التي لا يمكنها أن تستقيم وتتحسن دون تحسين أوضاع كتابة المحاكم. في العدد القادم: تقارير الورشات وتوصياتها