النقل السياحي هو أحد الأعمدة الفقرية للسياحة في القطر، اذ به ومن خلاله يدخل الحريف البلاد ويتنقل فيها ويتعرف على مكوناتها الاجتماعية والثقافية والحضارية. وكمت يعلم أهل الميدان فإن هذا القطاع يشغل يدا عاملة من السواقين يشكلون صنفا مهنيا وموردا بشريا يعتمد عليه أرباب الوكالات والنزل للترويج للمنتوج السياحي المقدم في الأزمنة العادية للنشاط وخاصة في موسم الذروة وإذا كان هؤلاء المعنيون بالأمر لا يجدون الظروف الملائمة للعمل بدنيا ونفسيا وبأريحية تامة تعطيهم الدفع اللازم للحيوية والنشاط . ودون الخشية على قوتهم اليومي من تسلط الرؤساء المباشرين لهم ، وكيف يستقيم العمل داخل هذه المنظومة الانتاجية الهامة. ولئن سبق أن تحدثنا عن هذا الموضوع في فترات سابقة ، فإننا وبعد حضور الاجتماع العام المنظم يوم الخميس 31 ماي الماضي بدار الاتحاد المحلي للشغل بجربة من طرف النقابة الاساسية لوكالات الأسفار بمنخرطيها، لاحظنا ديمومة المشاكل النقابية المهنية المطروحة يوميا، والتي يتعايش معها العاملون في النقل السياحي للحافلات والسيارات الخاصة، ويبدو ان تقاليد النشاط السياحي في القطر لم تفلح في أن تقنع أصحاب الوكالات ومالكيها والمشرفين عليها، بضرورة احترام العلاقة الشغلية وتطبيق محتريات الاتفاقية المشتركة القومية لوكالات الأسفار بحذافيرها، دون قيد أنملة تغيير واجتهاد اعتباطي. فالنصوص والاتفاقيات الممضاة ، جُعلت لتطبق ولتحفظ العلاقة المهنية من كل انتكاسة. لقد اتضح خلال الاجتماع المذكور أن تجاوزات خطيرة بصدد الممارسة داخل تلك المؤسسات، وتستهدف بشكل منهجي ومبرمج ومسطر له الهياكل النقابية الناشطة والفاعلة، وكمثال على ذلك ما تعرض له السائق صادق رجب من ايقاف تعسفي دون احترام ما جاء من فصول قانونية في الاتفاقية المشتركة، والمسلط عليه من طرف «شركة صحراء تور» ودون التدرج في أشكال العقوبات، ولا احترام محتوى 3 محاضر جلسات عقدت بالتفقدية المحلية للشغل والمصالحة. وعوضا عن هذا الإجراء الأحادي الجانب كان على الشركة إعطاء عمالها استحقاقاتهم من الاجور التي تأتي متأخرة عشرون يوما ؟! هنا دون الحديث ، مثلما أبرزته التدخلات، عن مصير منحة الإنتاج لسنة 2006 ، ومنحة الصيانة بمفعول رجعي 2005 2006 وخلاص الساعات الاضافية وخلاص أيام الأعياد ، وتمكين العمال من زي الشغل والنظر في وضعية بعض السواق كالإخوة علي التواتي ويوسف رجب وغيرهم . وللمؤسسة تراكمات عديدة تتمثل في حرمان العمال من مكتسبات مشروعة، وقد اعتبروها تحاملا منها عليهم بما أن النشاط النقابي داخلها متبلور، والعمال ملتفون حول هيكلهم، ومتمسكون به ، يتشاورون ويتآزرون، ولم تجد الشركة سبيلا للاستفراد ببعضهم واختراقهم وارتطمت محاولاتها في كسر شوكتهم على جدار وحدتهم اليد في اليد تجسيما للوحدة والتشابك والالتحام. هذا وقد تم في 14 ماي الماضي مراسلة السلطة المحلية (المعتمدية) والتفقدية لطلب عقد جلسة لإعادة النظر في الوضع الاجتماعي وفهم الإشكاليات المطروحة وحلها، ومازال العمال ينتظرون الرّد وهم يواصلون الكد والجد ، وما وضعهم إلا نقطة صغيرة وصورة مصغرة مما يجري في غيرها من وكالات الأسفار ، فكيف إذن يستقيم أمر الساحة وأعمدتها مهتزّة ؟