لا شك ان اغلب المتابعين لقضايا الشرق الاوسط قد لاحظوا بالكاشف التحول البارز في المشهد السياسي لدول المنطقة التي تعرضت للتدخل الامريكي او الاسرائيلي في شؤونها الداخلية ونقصد بذلك كلا من أفغانستان والعراق وفلسطين ولبنان. فالمشهد في كل هذه البلدان واحد رغم تباين الاوضاع حيث تميز بصدامات بين اطراف داخلية ينتمون الى الوطن الواحد ولئن تعددت الضحايا فان البصمات تقيم الدليل على ان الفاعل واحد، ففي أفغانستان لم تتوقف حكومة حميد قرضاي عن مطاردة حركة طالبان والصدام بين الطرفين يؤدي الى سقوط عشرات القتلى يوميا. والمشهد لا يختلف كثيرا في العراق حيث تسعى حكومة المالكي للقضاء على بقايا النظام السابق كما تعمل المقاومة من جهتها على تصفية الموالين للحكومة والقوات الامريكية هذا علاوة على المواجهة الدامية بين السنة والشيعة بحيث اصبحت اعمال العنف مشهدا يوميا مألوفا لا يغيب عن الساحة الاعلامية. والمشهد في فلسطينالمحتلة لا يختلف بدوره عن الوضع في كل من العراق وأفغانستان حيث بلغ شعور المعاداة بين حركة فتح وحماس أقصى المستويات وفي الاشهر الاخيرة، رسمت نفس الصورة السياسية داخل لبنان ببلوغ المواجهة بين حكومة السنيورة والمعارضة مرحلة خطيرة حيث اصبحت الساحة اللبنانية مرشحة اكثر من اي وقت مضى لنشوب حرب أهلية خاصة بعد سقوط عدد من القتلى بين انصار المعارضة والموالين للحكومة. وعلى ضوء ما سبق فان السؤال يطرح نفسه: هل انه من الصدفة ان يتحول النزاع في هذه الدول من المستوى الخارجي الى المستوى الداخلي خاصة ان السبب الذي أدى الى توتر الاوضاع في هذه الدول ناتج عن نفس الجهة وهو التحالف الامريكي الاسرائيلي؟ ألم تبلغ الادلة من الوضوح ما يجعلنا نقف على استراتيجية امريكية اسرائيلية لزرع الفتنة والفوضى داخل المنطقة؟ ان الاجابة عن هذه التساؤلات لا تستحق في الواقع خبيرا في الشؤون الدولية ولا محللا، اذ من الجلي عدم وجود اختلاف في كون المخطط الامريكي قد اتخذ منحى جديدا يهدف الى جعل هذه الدول في حالة اقتتال داخلي من خلال دعم احد اطراف المواجهة داخل كل دولة مقابل اضعاف الطرف الاخر بتعلة محاربة الارهاب او تحقيق الحرية والديمقراطية، ففي افغانستان نجدها تدعم حكومة حميد قرضاي عسكريا وماليا من اجل القضاء على عناصر القاعدة، وفي العراق تدعم حكومة المالكي بنفس الوسائل للقضاء على عناصر المقاومة وفي فلسطين كذلك فانها اصبحت متحمسة لتقديم المساعدات وحشد الدعم الدولي للرئيس الفلسطيني محمود عباس لا لشيء الا لجعله قادرا على التصدي لحركة حماس. كذلك الشأن في لبنان فبعد فشل المخطط على ارض الواقع اثر الاعتداء الاسرائيلي الغاشم على لبنان، سعت امريكا بكل الطرق الى اشعال فتيل الفتنة بدعمها لحكومة السنيورة في مواجهتها لقوات المعارضة والمناصرين لحزب الله، ولا شك ان هذه الاستراتيجية الجديدة، تهدف من ورائها امريكا الى التستر اكثر ما يمكن وراء جرائمها في المنطقة خاصة بعد فشل تدخلها المباشر وتنامي الضغوط الداخلية والخارجية على حكومة بوش والتدخل الاخير في الصومال يؤكد احتراف امريكا في إعمال هذه الاستراتيجية وذلك بدعمها للحكومة الصومالية في محاربتها لقوات المحاكم الشرعية بتعلة صلتها بتنظيم القاعدة. ومن المؤكد ان الايام القادمة ستكشف حرفية الولاياتالمتحدة في تنفيذ مخططها الجديد.