لاتزال مدوّنة السرد التونسي، القصير منه والطويل، محلّ نظر ونقد وتأمّل من قبل المهتمين بتفاصيل وحركة هذه المدوّنة، ولئن تظلّ نفس الأسماء تتكرّر ونفس الكتابات الروائية والقصصيّة تستأثر بالاهتمام دون غيرها فإنّ المداخل تختلف من ناقد الى آخر وتتنوّع القراءات والمحاولات الجادة آخذة من مناهج التحليل والنقد ما من شأنه أن يضفي تميّزا وتفرّدا للإسهامات التي تُنجز ضمن هذا السياق... سياق النقد الأدبي الذي ينضاف إليه المؤلف الجديد للقصاص التونسي بلهوان الحمدي صاحب مجموعة «هذا الزمن ليس لنا»، وقد مهر مؤلفه النقدي الصادر منذ شهر أوت 2007 بمطبعة فن الطباعة بتأملات في السرد التونسي: الرواية والأقصوصة. وما يميّز ال 15 قراءة لروايات ومجاميع قصصيّة تونسيّة أنّها كانت «قراءات ودودة لنصوص منتقاة وتأملات عميقة في أعطافها» مثلما وصفها بلهوان الحمدي، بل إنّه اعتبرها «دورات خلاّقة بين نصوص سرديّة تونسيّة وقارئ مفتون بالحكي، يُسائلها فتتحدّث إليه، ويستثيرها فتستجيب له بمكرونزق» وبعض قراءات الكتاب كان صاحبها قد نشرها على أعمدة بعض الصحف مثل الصباح والشعب وبعض الدوريات كالإتحاف وكتابات معاصرة. وضمن كتاب «تأملات في السرد التونسي: الرواية والأقصوصة» يُطالع القارئ محاولات جادة ومختلفة في تفكيك وتشريح نماذج سردية لكاتبات وكتاب تونسيين مثل عبد القادر بن الشيخ وعروسية النالوتي وصلاح الدين بوجاه وابراهيم الدرغوثي وابراهيم بن سلطان والهادي خليل ومحمود الماجري ومحجوب العياري وجنّات بن اسماعيل وآسيا السخيري والأزهر الصحراوي والأسعد بن حسين ومحمد عيسى المؤدّب وصالح الدّمس وفاطمة الشريف وحفيظة القاسمي وفتحية نصري. ومثلما ورد أيضا ضمن كلمة بلهوان الحمدي التمهيدية لمؤلفه الجديد هذا فإنّ الإضاءات النقديّة التي أنجزها الكاتب هي مساهمة يسيرة تنير دروب القراءة وشائل المتن القصصي في العقود الثلاثة الأخيرة من تاريخ الابداع السردي في تونس.