إلى أيّ حدّ يحكمنا الارث الجيني ويحدد مصيرنا؟ ماهي امكانيات التصوير بالموجات فوق الصوتية في الكشف المبكر عن تشوهات الجنين وماهي الاجراءات التشريعية والقانونية للنهوض بحاملي الاعاقة؟ كانت هذه اهم الاشكاليات التي طرحتها الحلقة الافتتاحية من الموسم السابع لمنتدى السكان والصحة الانجابية التي ينظمها الديوان الوطني للاسرة والعمران البشري بالتعاون مع ثلة من خيرة الاطباء. هذه الحلقة الاولى من هذا المنتدى افتتحتها الاستاذة «نبيهة قدّانة» المديرة العامة للديوان مشيرة الى اهتمام ديوان الاسرة والعمران البشري بحاملي الاعاقة باعتبارهم جزءا من مكونات مجتمعنا التي وجب علينا احاطتها بكل الاهتمام مؤكدة علي أهمية ان يشعر المعوق داخل محيطه الاسري بالامان والحبّ لان الطفل حامل الاعاقة لا ذنب له ومن واجب الجميع ان يساهم في جعل حياته أقل كربا. بعد الكلمة الافتتاحية للاستاذة قدّانة تولت الدكتورة فوزية هميلة منسقة منتدى السكان والصحة الانجابية ومديرة مركز التوثيق بالدوران تقديم برنامج سنة 2008 قبل ان تفسح المجال للباحثة المتألقة الاستاذة حبيبة الشعبوني الحائزة على جائزة «لوريال اليونسكو» لسنة 2006 في مجال البحث الجيني لتشرح للحضور المتنوع بلغة سلسلة بعيدة عن تعقيدات مصطلحات البحث الطبي وبكل تواضع العلماءالكبار المدى الذي يمكن ان يبلغه الارث الجيني في تحديد مصيرنا. نحن حصيلة الجينات : 1/3 الاعاقات سببها جيني استهلت الدكتورة الشعبوني مداخلتها بحوار افتراضي بين ثلاثة اطفال احدهم حاملا لاعاقة عضوية واخر سليم وثالث يتصوّر انّه معوق لانه فقير وقد حاول هذا الحوار ان يسلط الضوء على المعاناة النفسية للمعوق الذي يتألم كل لحظة متسائلا: «إلهي لم أفعل شيئا ولكنني مختلف وعاجز». ثمّ بينت الدكتورة الشعبوني من خلال صور مبسّطة لمسار الجينات مسؤولية هذه الاخيرة في تحديد ملامح وجودنا سواء كان سليما او مشوّها فجزئيات الكرومزفات مهما تباعدت مرتبتها مسؤولة بشكل مباشر عن أمراض وتشوّهات خطيرة يمكن ان تطال كل مكونات أجسادنا، فهناك اطفال لا يولدون معوقين ولكنهم يصبحون كذلك وهناك معوّقون لا تظهر اعاقتهم طيلة حياتهم... ثم بعد العرض الطبي الشائق الذي لم ندوّن منه الا القليل لاننا كنا تحت وطأة وتأثير المعلومات الدقيقة التي تقدمها الدكتورة الشعبوني، واصلت الدكتورة التحليق بنا ولكن هذه المرة من داخل دراسة احصائية انجزها مختبر البحث الجيني في كلية الطب عن مدى وضوح مفهوم الاعاقة الجينية عند التونسي انطلاقا من الاجابة عن سؤالين: هل يطلب التوانسة النصيحة الجينيّة؟ وهل طلبها يمكن ان يقلّص من الامراض؟ واستعرضت من خلال دراسة كمية عدد العائلات التي تطلب مثل هذه النصائح قبل الانجاب ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية وحدّدت الفرق بين النصيحة والتشخيص الجيني، مستخلصة ان التونسي يطلب هذه النصائح ولكن نسبة من يفعلون ذلك قليلة مقارنة بما يجب ان يكون لذلك يجب على الجميع التكثيف من حملات التحسيس بهذا الامر. أهمية التصوير بالاشعة في كشف التشوهات الدكتور بوجمعة الوسلاتي اخصائي طب النساء ومراقبة الجنين عن طريق التصوير بالموجات فوق الصوتية.. الذي تولى المصدح بعد الدكتورة الشعبوني بكل حماس وحرص على تبليغ أفكاره، أكد من خلال مداخلته دور التصوير بالاشعة فوق الصوتية في الكشف عن التشوهات الخلقية لدى الجنين مبرزا عدم استجابة ما يقوم به بعض الاطباء اليوم من خلال التصوير بالاشعة، للمقاييس الضرورية للكشف عما يمكن ان تكون عليه حالة الجنين مشيرا إلى انه اذا كانت مراحل التصوير بالاشعة للجنين ثلاثا (12 اسبوعا 22 و32 اسبوعا) فإن أهمها هي التي تتم خلال الاسبوع الثاني عشر لانها ضرورية في تحديد ملامح الوضع الصحي للجنين ثم دعا بكل جدية الى اعادة تأهيل بعض القائمين بمهمة التصوير بالصدى من اجل بلوغ مرحلة القدرة على تشخيص التشوهات التي تصيب الجنين. ثم بعد حماسة الدكتور الوسلاتي تم عرض شريط وثائقي حول بعض الاطفال ضحايا التشوهات الجينية بغاية تحسيس العائلات باجراء التشخيصات الضرورية في الابان وخاصة في حالة وجود تشوهات لدى العائلات مهما تباعد وجودها... بعد الشريط توالى على المصدح كل من الدكتورة بن دريدي رئيسة قسم الاطفال بمستشفى الرابطة التي استعرضت الجهود الدقيقة المبذولة في مجال مساعدة المصابين بنوع من التشوّه الجيني الذي يقتضي حرصا كبيرا في عدم تقديم أكل يحتوي على الاحماض الامينية للمصابين به... وهي جهود كبيرة انطلقت في تونس منذ 1985 ومازالت متواصلة من اجل تخفيف معاناة العائلات التي لديها أطفال مصابون لان تكاليف الاحاطة بهم تظل باهظة وقبل النقاش والاختتام قدّم الاستاذ لطفي بن للاّهم مدير معهد النهوض بالمعوقين الاجراءات القانونية في مجال النهوض بالمعوقين في تونس.