ثلاثة أيام هي كل عمر مهرجان المبدعات العربيات في دورته الثالثة عشرة التي احتضنتها مدينة سوسة التي استعدت لاستقبال ضيوفها من الاشقاء العرب من 10 دول أحسن استعداد فاستقبلت بحب اخوات واخوة من مصر المغرب السودان ليبيا لبنان سوريا الامارات الكويت الجزائر .. اضافة الى باحثات وباحثين متميزين من تونس، التقوا جميعا لمناقشة محور المبدعة العربية والبحث في مجال العلوم الاجتماعية. وقد انقسمت أشغال الملتقى / المهرجان بعد الجلسة الافتتاحية الرسمية التي اشرف عليها السيد رضا بن مصباح كاتب الدولة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الى ستّ جلسات علمية ترأس الجلسة الاولى منها الاستاذ عزالدين العامري الذي ألقى ايضا محاضرة بعنوان «المبدع بين تقني المعرفة والتأسيس الحضاري» كما شاركت من الجزائر الاستاذة فتحية معتوق التي تحدثت عن دور المرأة في الدراسات الحضرية وشاركت في المداخلات بمساهمة تنشيطية نعيمة شاطر مبارك من الكويت، وفي الجلسة العلمية الثانية التي ترأسها الاستاذ المنجي الزيدي حاضرت بأسلوب متميز وفصاحة بالغة الدكتورة سعيدة الرحموني عن «البحوث والدراسات وفن مقاربة النوع الاجتماعي نحو المساواة وتكافؤ الفرص». ومن أحسن الجلسات العلمية في هذه الدورة كانت الجلسة العلمية الثالثة التي ترأسها الدكتور محمد نجيب بوطالب وحاضرت خلالها الاستاذة عزيزة بدر من مصر عن دور المرأة في الدراسات الحضرية ثم تلتها محاضرة جدّ مهمّة وفي صلب اهتمام هذه الدورة من مهرجان المبدعات العربيات وهي محاضرة الاستاذة عائشة تاج من المغرب عن مجالات البحث النسائي من خلال مقاربة ذات طابع تفصيلي تعرضت اثناءها لواقع البحوث النسائية وطبيعتها وعوائقها في المغرب الاقصى. المداخلة العلمية الثالثة قدّمتها الدكتورة فادية حطيط من لبنان تعرضت خلالها لتجربة نشأة تجمع الباحثات اللبنانيات وهي التجربة الرائدة التي نشأت اثناء الحرب الاهلية اللبنانية ومازالت تواصل العمل وتنجز البحوث وتنشر الكتب. اما المداخلة الاخيرة التي كانت من اشجع المداخلات واشملها فقد قدمتها الدكتورة «منى البحر» من الامارات العربية المتحدة سعت خلالها إلى رصد اهم معوقات البحوث في المجال الاجتماعي في دولة الامارات ومنها عدم الاعتراف بالفلسفة كأمّ للعلوم وكونها بابا ضروريا لطرح الاسئلة ومنها ايضا تركيبة المجتمع الاماراتي نفسه الذي يشهد اختلاطا نزل بالعنصر العربي في تركيبة السكان الى مستوى 12 وانحدر باللغة العربية الى اللغة الرابعة في الدولة.. وهي حقائق لابدّ من مواجهتها لتجاوزها.. في الجلسة العلمية الرابعة التي ترأسها الدكتور محمد زين العابدين حاضرت كل من نفيسة الدسوقي من مصر وفتحية الباروني من الجزائر ونسرين البغدادي من مصر وميساء النعامة من سوريا، الجلسة العلمية الخامسة حاضرت خلالها كل من حبيبة الحمروني وعائشة التايب من تونس وليلى داود من سوريا. وفي آخر الجلسات العلمية حاضرت كل من حسنة السلطاني من تونس وحنان الشاذلي من مصر ومريم بوزيد من الجزائر ثم اختتم المهرجان بإصدار جملة من التوصيات وقبل ان نختم هذه التغطية هناك بعض الملاحظات نودّ لو انتبه لها المشرفون على المهرجان . كلمات الافتتاح كانت طويلة جدا جدا يمكن ان تكون مداخلات علمية لا كلمات افتتاح وقد ألقى هذه المداخلات كل من السيد رضا بن صالح والسيدة نجوى المستيري... وقد عاق طولهما الجمهور عن متابعتهما بل حتى ان الجالسين في منصة الشخصيات انخرطوا في أحاديث ثنائية. كل رؤساء الجلسات كانوا من الرجال وكان هناك إقرار خفي غير معلن بأن لابدّ للمرأة من رئيس قائد ذكر ليرأسها ويدير جلسات علمية هي بطلتها ويؤطرها مهرجانا للمبدعات النساء. غياب واضح للجمهور عن مهرجان المبدعات العربيات فقد اصبح يدور في حلقة ضيقة ابطالها هيئة التنظيم والمشاركون والمشاركات وبعض الصحافيين. لا مجال للمجاملات في ميدان البحث العلمي اولا، وثانيا لا مجال لصرف مال المجموعة الوطنية في استقدام ضيوف لا علاقة لهم بالبحث العلمي كالتهريج الذي قامت به احدى المدعوات من احدى دول الخليج اثناء ما اسمته محاضرة. والمتلقي يستطيع ان يميّز بين مداخلة علمية وحصة دعاية كما انه يستطيع ان يميّز الغث من السمين. كان لغياب رائدات علم الاجتماع في تونس تأثير واضح في ابراز عمق المكانة التي تحتلها المرأة الباحثة في المجال (أين درّة محفوظ وتراكي زناد) بعض المداخلات تتأرجح في فضاء لا يمت لموضوع الملتقى بصلة. الكتيّب الذي ضمّ ملخص المداخلات والتعريف بالمشاركات كان مرتعا خصبا للاخطاء والفوضى. أخيرا نقول ان المعروف علميا ان الانسان لا يستطيع ان يقدم الاضافة المطلوبة في المركز الواحد أكثر من خمس سنوات ويبدو ان هناك من هم في هذا المهرجان لاطول من هذه المدّة ونحن نتساءل اليس من الضروري ضخ دماء جديدة حتى يستطيع هذا المهرجان الحفاظ على توهجه الذي بدأ يفقده. على العموم شكرا للجميع على المجهود المبذول ولكن الجهد البشري يظل دائما قابلا للنقد من أجل أن نتقدم بمنجزاتنا ومن اجل خير ثقافتنا الوطنية التي نرجو لها كل الازدهار ولذلك نسهم بهذه الملاحظات.