يعرف قطاع طبّ الاستعجالي منذ سنوات اهتمامات رسمية وشعبية متنامية نظرا للدور الذي أصبح يلعبه داخل المنظومة الصحية العمومية والخاصة على حد سواء. وقد تجسم هذا الاهتمام في ايلاء هذا القطاع أهمية خاصة في برامج وزارة الصحة العمومية حيث تم بعث لجنة على مستوى الوزارة لتحديد الاولويات والمعايير الخاصة بالاستعجالي. أنهت هذه اللجنة أعمالها بتقرير يبعث على التفاؤل بمستقبل هذا القطاع اذ نصت على معايير تقنية وبشرية لابد من توفيرها داخل أقسام الاستعجالي من تجهيزات وبنايات وخاصة من إطارات طبية وشبه طبية وعملة. غير ان ذلك يجب أن لا يحجب عنا الواقع المرير لاحد اهم الاقسام الاستعجالية الجهوية الكبرى بالبلاد من حيث حجم النشاط: المرتبة الثالثة وطنيا بعد جندوبة وقفصة اكثر من 65 ألف حالة سنة 2007 أي بمعدل 180 حالة يوميا، مازال يعاني من الاهمال الاداري في التعامل مع مشاكله المزمنة من حيث النقص الفادح في عدد الاطباء العامين وانعدام بعض التجهيزات الضرورية كآلة قياس نسبة السكر في الدم وبعض التحاليل المخبرية الحيوية الاخرى مثل (IONO) وكذلك غياب النقل الصحي العصري هذا بالاضافة الى ان البناية لا تخضع لاي من مقاييس اقسام الاستعجالي. مع العلم أن قسم الاستعجالي بالكاف لا يقتصر نشاطه على مواطني جهة الكاف، إذ أن جزءا من مواطني جهة القصرين يؤمونه لوجود اشغال على الطريق المؤدية الى مدينة القصرين كما أن العديد من متساكني ولايتي سليانة وباجة يؤمونه تقليديا (الكريب الروحية مكثر وتبرسق) منذ وقت بعيد فلا يعقل ان قسما بهذا الحجم من النشاط يشغل فريقا من 7 أطباء عامين فقط إضافة الى طبيب جراح يؤمن الاستمرار الجراحي فحصة الاستمرار الطبي تدوم 18 ساعة وأحيانا 24 ساعة يؤمنها طبيب عام بمفرده بالنسبة للحالات الطبية وطبيب جراح للحالات الجراحية مع ما يترتب على ذلك من إجهاد فوق المعقول بالنسبة للطبيب العام ومشاكل تخص الحالات الجراحية الوافدة على القسم كلّما انشغل الطبيب الجراح بعملية جراحية قد تطول أو تقصر حسب الظروف. حاليا أحد الاطباء العامين بالقسم يعاني من مرض مزمن لا يخول له العمل بطريقة متواصلة وطبيبة اخرى في حالة وضع تحتاج الى عطلة أمومة وطبيب يتابع تربصا في تونس فيبقى فعليا 3 أطباء لتأمين حصص الاستمرار اضافة الى رئيس القسم؟؟. وقد كنا نبهنا الادارة في عديد المناسبات الى ان تسعى لدى الوزارة لانتداب أطباء جدد او تبحث عن حلول ظرفية في انتظار ذلك كأن تفتح خطة للاستمرار بالقسم وتشرك بعض الاطباء من القطاع الخاص او من الاطباء المتربصين. لقد استبشرنا خيرا عند زيارة وفد نقابي من جهة الكاف للسيد وزير الصحة العمومية لما ابداه من اهتمام ودعم لقطاع الاستعجالي في الجهة غير ان تراكم المشاكل وتناقص الاطباء لاسباب عدة يجعلنا نحرص على تنبيه الادارة الى ان تسرع في التحرك لإيجاد الحلول لهذا الوضع الذي ينذر بالخطر. يبقى أملنا ان يشهد قسم الاستعجالي بالكاف تطورا ايجابيا على غرار ما شهدته اقسام استعجالي اخرى بالمناطق الداخلية المجاورة مثل سليانةوالقصرين والقيروان والتي اصبحت اقسامها نموذجا يحتذى في توفير الموارد البشرية والتجهيزات الضرورية حسب الاحتياجات وذلك حتى لا يتحمل اطباء القسم وحدهم هذا النقص الذي يترتب عنه تدهور في قيمة الخدمات الصحية المسداة للمرضى. وللتذكير فإن لجان التأهيل الصحي العمومية قد نصت على ان قسم الاستعجالي بالكاف يحتاج الى فريق لا يقل عن 12 طبيبا.