في قرية كفر حجازي إحدى قرى المحلة الكبرى بمصر، سقطت إحدى التلميذات على الأرض في الطابور المدرسي مغشيا عليها، و حينما أفاقت سألها المدرسون إن كانت قد تناولت طعام الإفطار في هذا اليوم أم لا، فأجابتهم بكل براءة أن اليوم لم يكن دورها في تناول وجبة الإفطار!!!، هذا هو الحال الذي وصل إليه المواطن المصري في المحلة الكبرى، فقر مدقع بات يخيم على حواري المدينة، و ثراء فاحش يظهر في بعض الأحياء الممتلئة بالفيلل و القصور التي يسكنها كبار رجال الأعمال في المحلة، في مناخ يدعو بالفعل لحالة من الغضب، كان نتيجتها ما حدث يومي 6 و 7 افريل الماضي، وما تخللهما من أحداث عنف صورت خلالها وسائل الإعلام الرسمية مدينة المحلة الكبرى و شعبها ب»شيكاغو» المدينة المشهورة بإجرامها عالميا! .. و الآن و بعد أن تلاشت سحب الدخان التي ارتفعت في سماء المحلة، نحاول أن نعيد النظر مرة أخرى على الأحداث للإجابة على سؤال بسيط المحلة الكبرى .. مدينة غاضبة أم شيكاغو مصر؟ من المهم ان نؤكد في البداية رفضنا للتخريب ثم نتساءل لماذا المحلة؟! لماذا كانت مدينة المحلة الكبرى هي المدينة الوحيدة على مستوى مصر التي شهدت أحداث 6 و 7 افريل، «جمال إمامو» تاجر أدوات منزلية يرى أن «احتجاجات عمال غزل المحلة رسخت عند المواطنين في المحلة ثقافة الإضراب و خاصة عندما بدأت تأتي بنتائج»، و قد يكون ذلك أحد الأسباب التي يسترسل فيها «جمال» قائلا «الشاب المحلاوي لا يتمتع بنتاج الحكومة مثل أي شاب في أي مدينة أخرى، الحكومة لم تنجز أي شئ في المحلة أو للمحلة، لا يوجد في المحلة قلعة الصناعة المصرية بنية أساسية، لا توجد مجاري و لا مياه و كهرباء، شبكة المجاري في المدينة تم إنشاؤها في الثلاثينات و لم يتم تجديدها حتى الآن، المواطن في المحلة لو دخل المستشفى لا يجد حتى السرنجة، و عندما يذهب المواطن إلى مجلس المدينة لا يحلون له مشكلته، باختصار الشباب في المحلة أحس أن هذه البلد ليست ملكه، بل و ليست بلده هو». حالة انفلات «شعب المحلة تعود من خلال حالة الانفلات الأمني في المدينة و عدم تطبيق الأمن للقانون أن يأخذ كل فرد حقه بيده، و في هذه الأحداث أصر شعب المحلة أن يأخذ حقه بيده، و ذلك بالإضافة إلى الغلاء و الفساد الموجود في مصر كلها بشكل عام»، هكذا فسر لنا «محمد البنا»، عامل بالتربية والتعليم، ما حدث، و يبدو أن شعب المحلة الذي تعود «أن يأخذ حقه بيده» كما يقول «البنا» كان أول الرافضين لمحاولات النظام للكذب على الشعب، فيقول «أحمد يوسف»، مراقب تموين، يحاولون إقناعنا أن الغلاء موجود على مستوى العالم، و قد يكون ذلك صحيحا، إلا أن هناك مقابلا في الدول التي تواجه الغلاء و هو زيادة دخل أفراد المجتمع، ولكن يبدو أن الغلاء في مصر مختلف عن الغلاء في جميع أنحاء العالم، ففي الوقت الذي نعلن فيه عدم استطاعتنا رفع الأجور لأن الميزانية لاتسمح، نجد الميزانية تسمح بأن نعطي للاعبي الكرة سبعة ملايين جنيه مكافأة وباعطائهم نوط الشرف من الدرجة الاولى، بالإضافة إلى علاج الفنانين و المطربين على نفقة الدولة أو نفقتنا نحن»!!. «الفقر في الوطن غربة و لهذا لم يعد هناك انتماء و لا ولاء»، هكذا يفسر «محمد حجازي» ما حدث، مؤكدا أن «شباب المحلة فقد الأمل في كل شيء، و أصعب شيء أن تتعامل مع إنسان فاقد الأمل»، و قد يكون ذلك لأن الشاب في المحلة «ذاق الذل أكثر من غيره» كما يقول «حجازي» «توفر العمال في المحلة جعل القطاع الخاص يبتز الناس و يستغلهم، الشاب في المحلة يعمل 12 ساعة بأقل من 10 جنيهات، شباب المحلة ذاق الذل أكثر من غيره لأن أهله عمال و مع ذلك ربوه و علموه، و عندما يعلم العامل ابنه فإنه يقطع من قوت يومه و من قوت يوم أولاده كي يوفر لهم الأموال اللازمة للتعليم»، الفقر إذن في المحلة له طابع خاص، و هذا هو أهم أسباب الأحداث، يقول الحاج «علاء الشبيني» تاجر قماش «المحلة منطقة عمالية، و نسبة الفقر فيها واضحة، شعب المحلة يعاني من الفقر منذ 30 عاما، و أجور العمال فيها متدنية أكثر من أي منطقة أخرى». (عن الأهالي المصرية) مصر: عمال الفنادق السياحية.. في مهب الريح لا حقوق ولا تأمينات ولا رعاية صحية كتب أحمد جلال الدين أحوال عمال الفنادق السياحية في مصر لا تسر عدوا ولا حبيبا، ورغم غياب هؤلاء العمال من ساحة الإضرابات والاعتصامات إلا أن ما يلاقيه هؤلاء العمال من إهانة وإهدار للحقوق وعدم صرف مستحقاتهم وانعدام الرعاية الصحية كفيل بأن يشعل الثورة في نفوسهم فماذا يقول بعض هؤلاء عن أحوالهم تدني الأجور والمرتبات وطول ساعات العمل وعدم وجود رعاية خدمية ولا تأمينات حتى العلاوات التي تحددها الدولة لا تصرف لهم هذه المشاكل وأكثر منها تحدث عنها عمال الفنادق والقرى السياحية بصوت حزين أكد «أحمد حسين» عامل في أحد الفنادق السياحية بالغردقة، أنه يعمل في هذه المهنة منذ تسع سنوات بمرتب بسيط واعتماده الأساسي على البقشيش. وأكد أنه محروم من حقه في التأمينات والعلاج المجاني فضلا عن حرمانه هو وزملائه من نسبة ال12 من الأرباح التي تعطي للعاملين الأساسيين. أما «شاكر حمدي» - عامل نظافة - في إحدى القرى السياحية فأكد أن العامل في القطاع الخاص ليس له أدنى حقوق ولا يوجد جهة تدافع عن حقوقه، حتى المرتبات لا تزيد على 200 جنيه للعامل وساعات العمل غير محدودة. أما «محمد عيد» - طباخ في أحد الفنادق فيقول أعمل في هذه المهنة منذ 20 سنة، وحتى الآن لا يوجد في تلك المؤسسات والشركات السياحية بند لمصاريف الجنازة لأسرة المتوفي في حالة وفاة أحد العاملين، فمن حوالي سنة توفي لنا أحد الزملاء في العمل وبعدها بفترة طالبنا من الفندق الذي نعمل به أن يصرف مصاريف الجنازة لأسرة المتوفي إلا أن الإدارة رفضت وقالت يكفي أنها سوف تعطيه مكافأة نهاية الخدمة كاملة فقط على الرغم من أنه عمل بالفندق لمدة واحد وعشرين عاما. أما «أحمد عبدالخالق» - عامل في أحد الفنادق - انتقد عدم جواز عمل أخيك أو قريب لك في مجال السياحة إذا كنت أنت تعمل في المجال. وقال بعثنا الكثير من الشكاوي لوزير السياحة ووزيرة القوى العاملة. ولكن دون جدوى وفي الوقت ذاته نجد العاملين بالإدارة في هذه الفنادق يعينون أقاربهم دون رقابة عليهم. ويضيف «علاء عبدالرحيم» قائلا أعمل سائقا منذ خمسة عشر عاما في إحدى الشركات السياحية ولم يزد راتبي مليما واحدا حتى الآن وكلما تحدثنا عن الزيادات نسمع إجابتين الأولى أن موقف الشركة المالي لا يسمح والثاني بأنه سوف تضاف زيادات في وقت قريب ولكن دون جدوى. أما «هيثم خليل» «عامل» فيتساءل لماذا لا يوجد قانون موحد يحمي العاملين بالقطاع السياحي فنحن حائرون بين قانون العمال وبين نقابات العاملين بالسياحة ودائما هذه القطاعات مهملة في المراقبة عليها فالجميع يري أن هذه القطاعات العمالية قطاعات رفاهية.. وغير مهتمة بحقوق العمال.