غريب، وعجيب ومخجل تصرف السيد كمال اليحمدي مدير الدائرة الصحية بقعفور وبوعرادة، ففي يوم الاربعاء 30 جويلية وفي الوقت الذي كان فيه سيادة رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي يدعو الاخ عبد السلام جراد الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل لالقاء كلمة الاتحاد في مؤتمر التجمع الدستوري الديمقراطي تأكيدا للمكانة التي يوليها سيادة الرئيس للاتحاد وللدور المهم الذي تلعبه المؤسسة النقابية في الحياة الوطنية، في ذات الوقت يتجرأ المدير المذكور اعلاه على الاتحاد وهيبته وكرامته في شخص أمينه العام وفي شخص الكاتب العام الجهوي للشغل بسليانة صارخا في وجه الموظفات: «اشكي لجراد بيدو، وصلو مني للسياري» كما جاء في رد الموظفة على استجواب المدير لها. والغريب كذلك ان المدير المذكور يصرح في نص الاستجواب بأنه دعا الموظفة الى الخروج من مكتبه فورا، في عملية طرد صريحة وقد جاء في قوله: «في يوم الاربعاء 30 جويلية 2008، طلبت مني اسنادك عطلة تعويضية لفائدتك قصد تصفية رصيدك من العطل، وحيث انه يتعذر الاستجابة لطلبك لضرورة العمل التي تقتضي وجودك بمركز عملك، فإنك احتججت علي بصوت عال ورفضت الخروج من مكتبي رغم دعوتك للخروج منه فورا. اعتراف صريح من المدير المذكور بطريقة معاملته للموظفة وكلمة فورا تغني عن كل تعليق. فلئن احتج المدير على صوت الموظفة العالي، فكيف تراه نطق كلمة فورا؟ هل يمكن نطق هذه الكلمة «فورا» باللين واللطف؟ بل اكثر من ذلك قام بتهديد الموظفة باستقدام الشرطة. اما لماذا؟ فلأن الموظفة لجأت اليه وهو المسؤول لتصفية رصيدها من العطل التعويضية. وهذا يدعونا الى السؤال: أليس من واجبه فتح صدره للموظفة والاستماع اليها والبحث معها عن الحلول الممكنة؟ ألا نرى في استقبال المسؤولين للمواطنين والاستماع اليهم وتفهم مشاكلهم ومشاغلهم مثالا يجب ان يحتذى وخير شاهد على ذلك الاستاذ مراد بن جلول والي سليانة. عل غاب عن المدير المذكور انه بذلك التصرف اساء الى العمل الاضافي من حيث يدري ولا يدري؟ ذلك ان اللجوء الى العمل الاضافي كثيرا ما يكون اضطرارايا، ويقدم عليه الموظف مغلبا المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، ومضحيا بأيام الآحاد والاعياد ممنيا النفس بعطلة تعويضية قد تعوضه واسرته عما فاتهم. ولكن المدير المذكور وبعبقريته الفريدة اطرد الموظفة لما ارادت التمتع بالعطلة التعويضية التي هي حقها وهددها باستقدام الشرطة أمام موظفين بالمستشفى ثم «تكرم» عليها باستجواب بعدما بلغه اتصالها بالنقابة ظانا بذلك انه يحمي نفسه بعد الخطأ في حق الموظفة التي كافأها على ذلك النحو على تفانيها في العمل طيلة 24 سنة، ويغطي بذلك على رغبته في حرمانها من عطلة التعويض في شكل خفي من اشكال الاستغلال باعتبارها منقولة الى مؤسسة استشفائية اخرى. ما أتاه هذا المدير يجب ان لا يمر دون محاسبة. وما من شك بأن سلط الاشراف ستفتح تحقيقا في الموضوع، وستضع حدا لمثل هذا السلوك حتى لا يتكرر وينتشر وتستفحل «عقدة المسؤولية» التي تعبث بمناخ الوفاق والوئام الذي ينعم به مجتمعنا. ان الادارة العصرية تقوم على علاقة الثقة بين الادارة ومنظوريها والمواطنين واهم مقومات هذه الثقة رحابة الصدر والاستماع الى الاخر، ولنا في السيد وزير الصحة العمومية خير مثال على ذلك. فالجميع بولاية سليانة يتحدثون بارتياح كبير عن استجابته الحينية لشكوى احدى المواطنات منذ شهرين تقريبا بعد تأجيل عمليتها الجراحية اكثر من مرة، ليفتح تحقيقا في الحين، وتجري المواطنة عمليتها الجراحية في الغد. هذا مبدأ ثابت في الادارة التونسية فلم يخرج هذا المدير عنه؟ ماذا استطيع ان اقول والدروس القيمة والثمينة تأتينا من اعلى مستوى ومدير الادارة الصحية يقعفور وبوعرادة يتحفنا بمثل هذا التصرف الغريب الذي يكفي فقط لتصوره ان نترجم الى العامية دعوته الموظفة للخروج من مكتبه فورا لانه من المؤكد انه لم يقل لها هذه العبارة بالفصحى ولنتخيل هيئته وشكله وهو يتوجه اليها بذلك الخطاب ويطردها من المكتب؟ الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بسليانة