غيّب الموت مساء الأحد الماضي، صديقنا العزيز المناضل الوطني الكبير جورج عدّة عن سن92 سنة. إنّ المرء ليعجز حقا عن تحديد نقطة معينة يبدأ منها الحديث عن جورج عدة. لكن دعونا نقول فيما له علاقة بالاتحاد العام التونسي للشغل وبالشغالين وعالم العمل عموما انّ جورج عدة يعتبر أحد أبوي الضمان الاجتماعي في تونس مع المرحوم نوح العذاري، فقد شارك في وضع ترسانة القوانين والأوامر والتفصيلات الخاصة بالضمان الاجتماعي وبالتقاعد، وكتب مطوّلا عن الضمان الاجتماعي ومزاياه وصعوباته، كما حرص باستمرار من خلال جريدة «الشعب» بالخصوص على متابعة كل المستجدات التي تتعلّق بالضمان الاجتماعي والتأمين على المرض والتقاعد والتعويضات. وقد نسج الفقيد الكثير من الصداقات مع النقابيين من أجيال مختلفة واستجاب لطلب الجميع في القاء محاضرات وتحرير مقالات ودراسات والادلاء بآراء في مختلف المسائل، وقد تولّى الاتحاد تكريمه في عديد المناسبات حيث سلّمه الأخ عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد درع الاتحاد تقديرًا للخدمات الجليلة التي قدمها للشغالين ولتونس عامة. ولمن لا يعرفه، فإنّ جورج عدة ولد يوم 22 سبتمبر 1916 بتونس وانخرط منذ صغر سنه في الحزب الشيوعي التونسي سنة 1934 وشارك في الحركة الوطنية حيث واصل المقاومة السرية للاستعمار بعد سجن القيادات الدستورية والشيوعية في نفس السنة وذلك قبل أن يتعرّض هو نفسه للايقاف سنة 1935. وفي سنة 1940، فرضت عليه الاقامة الجبرية في زغوان ثم في باجة حيث بقي إلى سنة 1943 قبل أن يلتحق بالجزائر. كان عضوا في قيادة الحزب الشيوعي التونسي إلى سنة 1957 وأدار جريدته الناطقة باللغة الفرنسية «لافونير». وفي سنة 1952 تعرّض إلى الايقاف مع المناضلين الدستوريين والشيوعيين وأبعد إلى الجنوب التونسي حيث بقي هناك إلى سنة 1955. تميّز جورج عدّة بمساندته المطلقة وغير المشروطة للشعب الفلسطيني ودفاعه المستميت في كل المنابر والمناسبات عن حقّه المشروع في تقرير مصيره واعلان دولته الحرّة المستقلة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس. انّ بوفاته، تكون الحركة الديمقراطية والحقوقية والنقابية والصحافية والاجتماعية قد خسرت واحدًا من أكبر أعلامها. تعازينا الحارة إلى أفراد عائلته وخاصة ابنته ليلى وحفيديه مراد ومريم وإلى كلّ أصدقائه وأحبابه.