ما على العمل التونسيين اليوم، اذا كانوا مخلصلين حقيقة، لوطنهم ولذاتيتهم التونسية ثم لانسانيتهم ايضا الا ان يلتفوا حول اتحادهم هذا الاتحاد الذي لا ينبغي ان يوجد غيره للدفاع عن حق العمال بهذا الوطن العزيز. وان تلك المنظمات الاجنبية عنا لم تؤسس للدفاع عن التونسيين وانما اسست للدفاع عن غيرنا وما اجر العامل التونسي اليوم ازاء اجر الاجنبي الا اكبر دليل على ذلك وما دعايتها الفارغة الا اسكات لدقات قلب العامل التونسي النابض بحب الحياة وتمويه وتضليل عليه حتى يبقى مغمورا لا ينتبه لما يجري حوله. ولما تكون اتحادنا هذا شعرت تلك المنظمات بالخطورة فحارت وقاومت وكتبت ما كتبت من الاضاليل ولكنا سرنا قدما الى هدفنا السامي رغم جميع العراقيل. تدعى تلك المنظمات انها تدافع عن حق العامل التونسي ولكن العامل اصبح يشعر انها تدافع عن غيره لا عليه فأصبح يفر الى احضان مؤسسته التونسية الحقيقية الشاعرة بشعوره والمتألمة لآلامه. وارادت تلك المنظمات ان تضلل الجاهلين فأصبحت تسمى نفسها ايضا بالاتحاد التونسي وكتبت بطاقاتها اخيرا باللغة العربية تلك اللغة التي لم تستمعلها منظمة «س.ج.ت» منذ عهد تأسيسها الا اليوم حين احست بالهزيمة. كما نسيت ان لغة التونسي عربية ولم تتذكر ذلك الا اليوم. فمنظمة الس.ج.ت ببلادنا هي عبارة عن فرع لجامعة باريس ووجودها اذن ببلادنا غير شرعي. يقولون ان حركتنا اسست لتمزيق وحدة العملة وتفريقهم ومؤازرة الحكومة ورؤساء الاموال في اعمالهم ولكن اعمالنا ومواقفنا المشهودة ترد هذا الزعم الباطل فلو كنا نؤازر الحكومة لقبلت مطالبنا من طرفها ولسمعت كلمتنا كما سمعت كلمة الس.ج.ت ومن غير شك ان الحكومة تميل مع الشق الذي يؤازرها بأعماله الظاهرة والباطنة. نعم نحن لا نحاول ابدا بذر الشقاق بين العرف والصانع لاننا نعلم ما في ذلك من التأثير السيئ على الاقتصاد المحلي التونسي واننا نحاول جهد المستطاع التوفيق بينهما بالحصول على رغائب العامل مع عدم الاضرار بالعرف ولم نوجه جهودنا في يوم من الايام ضد هؤلاء الاعراف وانما وجهت وسنوجه رأسا ضد تلك الشركات الاجنبية عنا التي تستثمر خيرات بلادنا وتسخر العامل التونسي لفائدتها بفرنسا فيجب ان يكون الاتحاد العام التونسي للشغل على رأس الهيئات النقابية بتونس ان لتونس كما لفرنسا ملكها وعلمها وشخصيتها وذايتها المقدسة من الجميع وعمالها يساوون عمالهم في الاعمال والحقوق واذا طلبنا حقوقنا واعتبارنا على قدم المساواة مع عمال العالم في الخارج فاننا لم ننس ايضا طلب حقوقنا في الداخل وهي وجوب اعتبار الاتحاد العام التونسي للشغل كمنظمة شرعية وحيدة للعمال التونسيين يجب ان تمثل في جميع اللجان ولا نرضى بشيء ولا نقبله من الان ما لم نكن حاضرين للمفاهمة فيه ان الحكومة لا تزال مقيدة لحريتنا ولا تسمح لنا منها الا بمقدار كأنها اخذت في ذلك بمبدأ التقسيط الجاري به العمل في المعاش ولكننا لم نقف مكتوفي الايدي ولم نكتف بتقديم المطالب لاننا نعلم ان المنظمات النقابية لم تخلق لتقديم المطالب وانما خلقت للعمل المباشر مع الشركة والعرف بل شرعنا في العمل الذي ستكون له قوته وتأثيره بعد اتحاد شملنا ونجاحنا العظيم وسنتمكن من حرياتنا الكاملة، لا نقتصر ايها الاخوان على طلب (راسيون خبز وبنطلون) ولكن اهدافنا اسمى واعظم من الخبز والبنطلون. يجب ان لا نتأخر عن التطور العالمي الحديث وان على التونسي ان لا يترك حرياته الممنوحة له بأمر 1932 لانه يصبح غير اهل بحريات اخرى اذا ترك امره لغيره وانكمش في بيته. جريدة النهضة عدد 6926 في 29 افريل 1946