إنّ أعظم فرحة هي فرحة الناجح بنجاحه وهي فرحة لها طعمها الخاص لا تضاهيها فرحة في الدنيا. ففرحة الناجح فرحتان، فرحة بكسب الرهان والتحدّي وفرحة بالاعتزاز والرضا عن النفس فالنجاح في ظاهره فرحة وسعادة وفي باطنه عمل وجد وتعب وجهد وتفان وانضباط ويصبح هذا النجاح نجاحين عندما يخرج عن إطاره العادي ويلبس حلّة العالمية. لقد انتابنا هذا الشعور ونحن نعيش على وقع الانجاز الذي حققه المركز الوطني للتكوين المستمر والترقية المهنية والمتمثل في حصوله على شهادة المطابقة للمواصفات العالمية للجودة وهو لعمري انجاز عظيم ما كان ليتحقق لولا ما شهده هذا المركز خلال السنوات الأخيرة من حسن تنظيم وعلاقات مهنية متطورة مبنية على جدلية الاحترام المتبادل بين الرئيس والمرؤوس وعلى التطبيق الشفاف للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل وإعطاء كل ذي حق حقه وتكافؤ الفرص بين الجميع ممّا خلق جوّا من الثقة العالية أسست بالفعل لثقافة المؤسسة الحقيقية وهو مطمح يسعى إليه كل غيور وما أحوجنا هاته الأيّام إلى مثل هذه الثقافة وما أحوجنا إلى تطبيق الحكم الرشيد وما يتضمنه من عنصر الشفافية والمحاسبة والشراكة وهما مسألتين كلّما توفرا أصبح بالإمكان تغيير العقليات والسلوكيات ويصبح التصرف المسؤول من المسؤول بمثابة حافز للجميع للعمل بكد وجد وتفان ونقطع مع عقلية الكسل ورزق البليك والمحسوبية وتطلق العنان للعقول لكي تجنح للتفكير السليم والمعمق وتتفتق الطاقات نحو الابتكار والامتياز وخلق المعجزات. فهذا المركز الصغير في حجمه من حيث عدد الأعوان (ما يقارب 160 عونا) الكبير في ادائه قد قفز في وقت وجيز من اسداء الخدمات لما يقارب من 2500 مؤسسة سنة 2002 إلى ما يزيد عن 5000 مؤسسة في سنة 2007 بنفس عدد الأعوان هذا فيما يخص الخدمات المقدمة للمؤسسات وأمّا بخصوص الخدمات المقدمة للأفراد فإنّ الاكتظاظ المشهود له في المدارس العليا للشغل من طرف العاملين والعاملات بمختلف مستواياتهم وكذلك ما ستشهده المدرسة المفتوحة للشغالين (التكوين عن بعد) من إقبال مستقبلا لهو دليل واضح على ما حققه المركز الوطني للتكوين المستمر والترقية المهنية من إنجازات ونجاحات. وحتى لا نترك مجالا للغرور الأعمى والثقة المفرطة في النفس لكي تبعثر كل ما أنجزناه فبلوغ القمة إنجاز عظيم وتحد كبير الاّ أنّ المحافظة على البقاء في القمّة هو التحدّي الأكبر وهو ما يتطلّب مضاعفة المجهود والتحلّي بالصبر والاخلاص في العمل وطول النفس. وكم نتمنى أن ينسج كل من المركز الوطني لتكوين المكونين وهندسة التكوين والوكالة التونسية للتكوين المهني على منوال المركز الوطني للتكوين المستمر والترقية المهنية وبذلك تكون الفرحة عامة والانجاز أعظم. ولعلّ الحصول على شهادة المطابقة للمواصفات العالمية للجودة هي أجمل هدية يمكن أن نقدّمها كباقة من الورود للسيد وزير التربية والتكوين كأول انجاز بمناسبة تعيينه على رأس وزارة التربية والتكوين. بقلم: محمد مقطوف البكاي عضو النقابة العامة للتكوين المهني والتشغيل والهجرة