عشت ليلة الاحد الثالث عشر من ديسمبر 2008 حالة من الانتشاء والنشوة وراحة الضمير مشوبة ببعد نظروعميق تعقل لراهن الأمّة وقابلها كونها تظلّ دوما «واقفة ولو صبّت جهنّم على رأسها» كان ذلك اثر حادثة الحذاء مثلما تناقلتها وكالات الانباء على اختلاف مرجعياتها وتوجهاتها (طبعا باستثناء قناة العربية لكونها غيورة على مشاعر الامة في ثوبها السعوديّ وعطوف بالسيد الرئيس المنصرف غير مأسوف عليه). وانّ هذه الحالة كانت معاكسة تماما لما تملكني من شعور باليأس والاحباط وفائض الإحساس بالانتكاسة عشيّة احتلال عاصمة الرّشيد وحصن بوابتنا الشرقية امام اطماع الجوار الاقليمي. فالحادثة بليغة وعميقة ودالّة إلى حدّ الارتواء بالتشفّي من حالة الإهانة والإذلال وكلّ أدلة التحقير والإدانة التي لحقت بالسيد الرّئيس وهو يقوم بزيارة الوداع الى العراق العريق وكانت الحادثة تدلّ على عراقته وتأصله في الحضارة امام ما يمثله السيد الرئيس من حالات اللقاطة والعجرفة التي أوصلته الى الحضيض ومرّغت أمريكا في المهانة والغرق في الوحل العراقي. إنّ ما أتاه الصحفي منتظر الزيّدي والعراقي السّني المتشبّع بقيم اليسار والثقافة الاشتراكية يعدّ فعلا نضاليا مقاوما على بساطته الشكلية ولكن عمقه الرّمزي. فالزيدي والحمد لله لا يحمل حزاما ناسفا اوسلاحا قاتلا ولا هو من دعاة التطرف والانغلاق او من هواة الموت ومحترفي القتل كما يريدون دائما تسويق صورة المقاومة الوطنية وربط الاسلام بالارهاب والعرب بالقتلة انه مواطن عراقي هادئ الطبع رصين راجح العقل متوازن الشخصية فقط هو ذكيّ تخير اللحظة المناسبة والمكان المناسب لينجز فعله الثوري ويلحق بالسيد الرئيس اهانة وادانة ابلغ بكثير من الخطب الرنانة وتداعياتها ومناويلها الواقعية، إنّ حادثة الحذاء تسفيه صريحٌ وتكذيبٌ دالٌّ لشعار الورد التي سوّق لها السيد الرئيس عشية احتلال العراق ألم يفتر علينا وعلى العالم بأن العراقيين سيستقبولنه بالورد وأن العراق سيكون مثالا للديمقراطية وان السلام سيعمّ المنطقة والعالم بعد التخلص من اسلحة الدمّار الشامل وديكتاتورية صدام حسين فاذا بالسّحر ينقلب على الساحر سيء الذكر فإذا بالعالم يفيق على أسلحة الكذب الشامل واذا العراق يتحول الى ساحة للقتل الممنهج وتغذية النعرات الطائفية المذهبية والعرقية. إنّ مقارنة بسيطة بين الحادثتين: حادثة إعدام الشهيد صدام حسين في يوم العيد وحادثة الحذاء في زيارة الوداع تقود الى استنتاج واحد انّ الذي اعدم فعلا وبطريقة شرعية ورمزية هو السيد الرئيس سيء الذكر (ج.د.ب) فهل أبلغ من ان تهين شخصا بضربة بالنّعال؟! اما الشهيد صدام حسين فقد مات واقفا واعيا مؤمنا بانتصار الامة في النهاية وان طال السفر. واما السيد الرئيس سيء الذكر فقد القى به حذاء الزبيدي في مزبلة التاريخ فلم يعد مقبولا من محيطه الطبيعي في ادارته حيث تمرد عليه اقرب مقربيه وزير خارجيته الاسبق كولن باول ولا في شعبه ايضا حيث اسقط مرشحه الجمهوري بالضربة القاضية في اشارة واضحة ودالة على رفض قسم كبير من الامريكيين للسياسات النيوليبرالية وتوجهات المسيحية الجديدة. ان حادثة الحذاء قتل رمزي بليغ الدّلالة للسيد الرئيس سيء الذّكر على الطريقة العربية وانتصار قويّ للشهيد صدام حسين وكل العراق والامة. فهل يجرؤ السيد الرئيس سيء الذكر مرة اخرى على القول بانه خير فعل في العراق واحسن الى الانسانية؟! اعتقد جازما ان السيد الرئيس سيء الذكر مازال واقعا تحت اثر الصدمة، صدمة الحذاء الشهير الذي ادعو بالمناسبة العراقيين الشرفاء ان يحتفظوا به لحين تحرير العراق واستعادته عافيته حتى يوضع زوجا الحذاء في المتحف الوطني العراقي يؤرخ للحادثة ويلقّن المتربصين بالعراق وبالامة عبرا ودروسا بليغة ودالة. ان لعنة الحذاء ستظلّ تلاحق اسرة آل بوش والجمهوريين وعقدةٌ تنضاف الى عقد الشخصية الامريكية المعقدّة اصلا بحكم شروط نشأتها ومقوّمات التأسيس لديها. انّ حادثة الحذاء دليل واضح وتعبير صادق عن حيوية هذه الامة وعنوان كبريائها ورفضها للظلم والضّيم.