«... نعم، فلا تأسفن على غدر الزمان،، فلطالما رقصت على جُثث الأسود كلابٌ،، ولا تحسبن بمرقصها تعلو على أسيادها، فالأسد أسدٌ... والغراب غرابُ ! تبقى الأسود مخيفة في أسرها،، ... حتى وإن نبحت عليها الكلاب...» (تأليف الرئيس صدام حسين المجيد في غرفة الاعتقال قبل يومين من إغتياله شنقا تنفيذا لقرار محكمة الإحتلال الأمريكي: 29 ديسمبر 2009). لقد إستحضرت ذاكرتي هذه السمفونية الشعرية البديعة للرئيس الشرعي للعراق الشقيق صدام حسين المجيد، حينما أبلغني أحد الاصدقاء عبر الهاتف مباشرة من مدينة دمشق، بإطلاق سراح الصحفي العراقي البطل والوطني حتى النخاع، منتظر الزيدي، قبل ساعات من بث الخبر عبر وسائل الاعلام المختلفة... فلقد رضخ أباطرة حزب الدعوة المتسلط على العراق الشقيق وحكومته الكمبرادورية العميلة للاحتلال الامبريالي وعصابات مخابراته الدموية للسيول الجارفة من التظاهرات الشعبية العارمة والاحتجاجات الساخطة التي نظمتها كل فئات الشعب العراقي الشقيق، وفي طليعتها رجال وأقلام صحافة المقاومة، للمطالبة الحازمة بفك القيود على الصحفي المقدام منتظر الزيدي... ... فبعد ان قضى تسعة شهور وثلاثة ايام في غياهب دهاليز المعتقلات المرعبة لحكومة نوري المالكي العميلة،، وبعد ان تعرض لأشد أساليب التعذيب الجسدي والمعنوي والتنكيل النفسي قرفا وبشاعة وحقدا وانتقاما على أيدي عصابات المخابرات الامريكية وقتلة وزارة داخلية حكومة الخيانة والعمالة،،، استرجع منتظر الشهم حريته مرفوع الرأس وأنفه عالية، حيث استقبلته بحرارة استثنائية جماهير الشعب العراقي وأفراد عائلته الموقرة العريقة عراقة العراق، وجموع غفيرة من رجال ونساء الصحافة الوطنية العراقية وممثلو ومصوّرو القنوات التلفزية العربية والعالمية،، بل ورفعوه على الأعناق بصفته بطلا وطنيا من أبطال العراق المقاوم، ورمزا نوعيا رفيعا من رموز صحافة المقاومة والصمود داخل العراق وفي كل أرجاء الوطن العربي عموما... فالإستقبال بالأحضان الحارة الذي خصت به جماهير الشعب العراقي إبنها البطل المقدام، والتغطية الاعلامية الواسعة لمشاهد ذلك الحدث البارز، قد برهنا من جديد للجميع على ان «سمفونية منتظر» التي أبدع الصحفي العراقي الشقيق في صياغتها وتأليفها وتلحينها وضبط أوتارها بمهارة نادرة، ليست إطلاقا «تهريجا» أو «تهوّرا» أو «عربدة» (مثلما حاولت تفسير ذلك أقلية من الحناجر المترهّلة والأقلام الصفراء)، بل كانت وستظل بجميع المقاييس عملا وطنيا مقاوما وبطوليا لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث، قد يكون برمزيته الجدلية المكثفة أشد وطنية وبلاغة وصدقا وإقداما من أية مقالة تنديدية شاحبة نكتبها نحن بقلم شاحب على ورق شاحب... فذلك الاستقبال الاستثنائي الحارّ والذي يستحقه منتظر الزيدي، يذكر الأذهان بذلك التصريح التلفزي البليغ للرئيس الفينيزويلي «هيو شافاز» الذي أثنى مطوّلا وهو يبتسم بفخر شديد على شخصية منتظر الزيدي وشهامته الوطنية العالية،، معتبرا بأن قذف جورج بوش بالحذاء يتطلب شجاعة إستثنائية نادرة، ما فوق المعايير السطحية المتداولة بين الناس...! ... إن لطم جورج بوش، أحد أبشع أباطرة حروب الدمار والنسف والتقتيل في العصر الحديث وأحد صقور الامبريالية الأشد دموية، بحذاء الصحفي العراقي الباسل، يمثل مصدر إعتزاز ونخوة وطنية لمنتظر الزيدي نفسه وللصحافيين العراقيين المناهضين للاحتلال، وللشباب العربي ولجميع الشعوب العربية،، بل وإنتصارا لكل الأقلام الوطنية العربية، ونصرا رمزيا لأبجديات الصمود والمقاومة الوطنية التحررية...