لا يفصل المرء عن نفسه سوى بضع دقائق او سنوات او ربما مسافة مكان حين تمتد الكلمات وسط الصحراء فتجعلها محاطة بالحروف العارية وتعثرات الرمال التي يلاطفك دفؤها لما تبدو لك الشمس تعانق قلعة تدمر حتى تغيب عن ناظريك، هكذا كنت احلم بالرحيل خارج حدود المكان وبعيدا عن ضغط تموجات الساعة كرهت لملمة الكلمات داخل حقائبي خوفا من ان تهزمني امتعتي ويطيب لي المقام. هكذا تبعثرت افكاري وكرهت الرحيل عندما تجاوز الخريف (10 / 10 / 2008) عنفه وتقلباته واحتوى كل الفصول على ارض سوريا ورقص الندى على أوراقه بحثت عن متعة في بريق العيون، تساءلت كم في الخريف من نبض الحروف وكم في الدين من وهج المشتاق تعابثه الريح احتياجا لارتداء تجاويف الزمن الماضي. من ضفة الحلم يمتزج الضباب باليقين كامتزاج الواقع بالخيال، على بساط الحقيقة تقع مدينة الرصافة شمال بادية الشام الى الجنوب الغربي من الرقة هناك افضل ما تشاهده عن المحبة والعيش المشترك، هناك يبدو لك التسامح الديني حيث اقيم في كنيسة القديس سرجيوس في مدينة الرصافة احتفال ديني ضمن مهرجان طريق الحرير في دورته السابعة جمع بين كل من المثروبوليت يوحنا جنبرت راعي ابرشية الروم الكاثوليك بحلب والاب نعمان رويق راعي كنائس الرقة والفرات والشيخ عمر قنبر خطيب مسجد الفردوس وإمامه. منذ سنة 2002 أضحى طريق الحرير مهرجانا سنويا تقيمه وزارة السياحة السورية، وعبر فعالياته المختلفة يتم تجسيد المشاهد التاريخية. وطريق الحرير هو مجموعة من الطرق المترابطة كانت تسلكها القوافل والسفن وتمر عبر جنوب آسيا رابطة تشآن في الصين مع أنطاكية في سورية اضافة الى مواقع اخرى وكان تأثيرها يمتد حتى كوريا واليابان حيث كان لطريق الحرير تأثير كبير على ازدهار كثير من الحضارات القديمة كالحضارة المصرية والصينية والهندية والرومانية. يمتد طريق الحرير من المراكز التجارية في شمال الصين حيث ينقسم الى فرعين شمالي وجنوبي يمر الفرع الشمالي من منطقة بلغار كيبتشاك وعبر شرق اوروبا وشبه جزيرة القرم وحتى البحر الاسود وبحر مرمرة والبلقان وصولا بالبندقية. اما الفرع الجنوبي فيمر من تركستان وخراسان وعبر بلاد ما بين النهرين والاناضول ومن ثمة في انطاكيا الى البحر الابيض المتوسط او عبر بلاد الشام الى مصر وشمال افريقيا: فقد كان يربط روما وأوروبا قبل الميلاد بالصين لمسافةتزيد على 9700 كلم. واختارت سوريا من خلال احياء هذا المهرجان كونها ربطت الشرق بالغرب وكانت نقطة الالتقاء لتستعيد بذلك هويتها المفتوحة على الحضارات المتعددة فهي الطريق الآمن لحماية قوافل التجارة. وكان لتعدد الخانات في دمشق والتي مازال القليل منها باقيا دليل على ازدهار الحياة الاقتصادية والتبادل التجاري بين دمشق وغيرها من المدن السورية اوالعواصم الاسلامية وخاصة مكة والمدينة المنورة. خان الدكة: أقدم خان مازال قائما الى اليوم ويقع في سوق مدحت باشا وتعود تسميته الى منصة حجرية فيه كانت تعرض عليها الجواري والاقنان لبيعها. خان الحرير: يقع في منتصف سوق الحرير شيّده والي دمشق درويش باشا سنة 1573م وكان في الاصل يعرف باسم «قيسارية درويش باشا» والمقصود بهذه التسمية السوق المغطى والمغلق تم اطلق عليه في ما بعد اسم خان الحرير ويمثل في الوقت الحاضر مستودعات وورشات ومتاجر. خان أفاميا: يقع في نهاية السفح الجنوبي الغربي لجبل الزاوية على ارتفاع 226م عن سطح البحر وكان خانا للحجاج والمسافرين انشئ في عصر سليمان القانوني سنة 926م خان الشونة: يتألف من قيساريه على شكل سوقين وهو اليوم سوق للصناعات الشعبية وهو يقع تجاه مدخل قلعة حلب وقد استكمل بناء هذا الخان سنة 954م. وعديد الخانات الاخرى كخان الخياطين وخان سليمان باشا وخان دنون وخان الزيت وخان المرادية وخان أسعد باشا وخان السفر جلانية وخان الصوّاف وخان الرز وخان التوتون وخان الجمرك وخان القيشاني وخان الصنوبر... حيث كانت تشكل فنادق ذلك الزمان وتتألف من طبقة ارضية فيها سوق تجارة واصطبلات لخيول المسافرين وطبقة علوية تضم غرفا للتجارة وإقامة المسافرين. شهادات ضمن مهرجان طريق الحرير لسنة 2008 حضر العديد من الاعلاميين فكان اللقاء معهم بعد اللقاء. سيد الدمرداش (صحفي بمجلة اخبار السياحة المصرية): مهرجان طريق الحرير لعام 2008 خير دليل على رفعة الشعب السوري وتحضره وهو رسالة واضحة لشعوب العالم من اجل السلام والتأكيد على ان سوريا بلد صانع للسلام واعتقد ان الامن والامان الذي وجدناه هناك خلال فترة اقامتنا والمعاملة الحسنة من الشعب السوري كان بمثابة رسالة تؤكد ان هذا البلد «مفتاح» السلام. باناكو كريستوس (قبرص اليونان): تعاقبت على سورية عديد الحضارات القديمة جدّا، وقد بدأ السوريون يهتمون بالسياحة وإظهار تاريخهم. لقد سعدنا بالترحاب هنا وبحسن الضيافة التي يتحلون بها كما سعدنا بالأمن والاستقرار الذي تعيشه سورية إذ رأينا المرأة تحضر فعاليات مهرجان طريق الحرير ثم تعود الى منزلها ليلا آمنة وهذا الامر قد نفتقده في بعض الدول الأوروبية. بشير الحزمي (صحيفة 14 أكتوبر اليمن): المهرجان استطاع أن يجمع هذا القدر الكبير من الاعلاميين والمشاركين من مختلف أنحاء العالم لا سيما البلدان العربية فسورية بلد حضاري امتلك من المقومات السياحية الشيء الكثير. الفريد وأموستاي (صحفي بجريدة المندو (العالم) وبالتلفزة الاسبانية: أعجبني كثيرا مهرجان طريق الحرير حيث انبهرت بتمازج الثقافات الثلاث مع بعضها (الآسيوية والافريقية والاوروبية). مثلت سورية أفضل ملتقى للحضارات الاسلامية والمسيحية، فالعلاقة بين الديانتين رائعة وهذا ما يبشر بمستقبل زاهر كما ان كثيرا من السوريين عاشوا في المدن الاسبانية واعتبرناهم مثل شعبنا كما اشير الى وجود الحضارة الرومانية في سورية مثلما كانت في اسبانيا واوروبا وخاصة في الاندلس. محي الدين محمد علي (جريدة الوفاق السودانية): من خلال مهرجان طريق الحرير يكتشف الزائر الامان والتاريخ الضارب في الجذور وهذا يؤكد زيف الادعاء كون سورية تحتضن الارهاب فمن خلال المهرجان لمسنا التعايش السلمي والاستقرار والترابط بين أفراد شعبها. فخري عودة بدر غانم (معد ومنسق برامج بالقناة الرابعة الكويتية): إذا كانت الموسيقى هي لغة المحبة فان الثقافة هي لغة التفاهم الشامل بين الشعوب الحضارية.. هكذا كانت سورية الحضارات هي البوتقة التي تنصهر فيها حضارات العالم عبر طريق الحرير على مر العصور والأزمان..