يعتبر الدخول الى مستشفى الملكة علياء ضربا من ضروب المعاناة حيث كدنا نيأس من مقابلة ضحايا العدوان الغاشم على اهلنا في غزة بل وحزمنا حقائبنا للرحيل الى بيروت حيث منعنا من طرف ضباط الجيش من الدخول الى المستشفى العسكري رغم «توسلاتنا» وتأكيدنا اننا لا نحمل «هاون» ولا صواريخ «غراد» وكل ما نملك كاميرا لتصوير فضاعات لبني صهيون ومسجّل لتسجيل اصوات مترنّصة على حشرجتها بلغت مسامع الدنيا. كل ذلك لم ينفع وامام اصرارنا تمّت احالتنا على القيادة العامة للقوات المسلحة ومديرية التوجيه المعنوي... ومن هناك رحّلونا الى القصر الملكي حيث لزم علينا ان نوفّي الاستاذ ايمن الصّندي مندار جلالة الملك لشؤون الاعلام والاستاذ غيث الطراونة والعميد الرّكن محمد الرّقاد حقهم على مساعدتنا الفورية وغير المشروطة لزيارة المصابين وتصويرهم وتبليغهم ما شئنا من رسائل... ورغم ذلك... تحت محاصرة لصيقة جدا من ضابط مخابرات «أرانا على طرف اللسان حلاوة» ومنعنا قطعيا من الحديث في السياسة ولجم افواه الجرحى عن كل حديث خارج اصابتهم وشكر السلطات الاردنية. اقوى من الجراح وفي هذا الاطار الملجوم بدأت لقاءاتنا مع المصابين وسننقل تصريحاتهم حرفيا: حشْمت يعقوب عجّور (45 سنة) من غزة: اصبت يوم الاربعاء الماضي صحبة دكتورومسعف اخر على متن سيارةاسعاف على الساعة الواحدة فجرا عندما انهال علينا صاروخ فأردى الدكتور والمسعف شهيدين واصبت انا باصابات وصفها الدكاترة بالخطيرة على مستوى الجانب الايمن وتمزق بالكولون وتخريب بالامعاء الدقيقة واسأل الله ان يحفظ اولادي الستة وأمهم الذين لا املك الاتصال بهم بحكم تدمير اليهود لابراج الاتصالات. إياد ابو غنيمة: انا من الشجاعية شرق غزّة نزل عليّ صاروخ قرب البيت فأصبت انا وصديقي والحمد لله ان ابني نجا من الموت يومها ولا اعلم ماذا حدث بعد ذلك فانا لم اعرف الاتصال بهم وقد شاء الحظّ ان يعرفوا اخباري واعرف اخبارهم عن طريق الاعلام الذي اتمنى ان يبّلغ ندائي الى الشعوب والى القادة «اللّي راح يجتمعون» في قطر ان دم عائلتي وجيراني وابني المستشهد وهو بحقيبة المدرسة في رقابهم... امحمد أحمد ابو ناجي (متزوج واب): كنا يومها نفطر ونحن عائلة من 13 نفرا عندما بلغتنا صرخات الجيران لإخلاء المكان حيث ستقصف بعد خمس دقائق... وماهي الا دقيقتان حتى انهالت علينا الصواريخ وقد علمنا فيما بعد ان الجيران خبروا من الصليب الاحمر الذي بدوره تلقى معلومة من جهة ما!!! وهذا خطير جدا وعن اصابتي فكلها كسور في الاطراف السفلى وجراح في باقي الجسد... وقد تمّ قطع اجزاء من العظام في مستشفى كمال عدوان بغزة وانشاء الله ينقذْ ما تبقى هنا في عمان... عبد الرحمان ابراهيم العطار 80 سنة ديرالبلح: كنت في سوق الجملة لما ضربت طائرة ف 16 مركزا للمقاومة ابادت من فيه وبحكم بعدي النسبي عن المكان اصبت بشظايا القنابل خلفت لي هذه الكسور التي ترون وتسببت في اشتشهاد خمسة من المارة كانوا على مقربة مني.... والسترة على اللّه. إمحمد كامل ابو النجا 20 سنة: يشتغل في الجوازات العسكرية «كنا في طابورنظامي عندما انهالت علينا الصواريخ... واللّه ما سوّينا حاجة كل اصحابي استشهدوا ووقعت انا على الارض ولم يكن لي نصيب في الشهادة ولكن الحمد للّه رب العالمين»... بلال امحمد الزغيني 20 سنة من بيت حانون اصيب في ثاني ايام الحملة اصاباته بليغة لم يتسن لنا استجوابه. هناء حسين عبد الرؤوف المبحوح من تلّ الزعتر ضواحي جباليا متزوجة وام لستة اطفال «كنا في مكاتبنا بمقروزارة الداخلية يوم 27 ديسمبر الماضي يومها وفي ثوان معدودات وجدت نفسي مرمية خارج المكتب وعلمت فيما بعد وعند الاسعاف الاول ان الغارة كانت عن طريق 60 طائرة ف 16 استهدفت 60 موقعا في اقل من عشر ثوان... وهو ما نتج عنه استشهاد 25 صديقا وصديقة وجرحي انا وصديقة اخرى حيث اصبت بكسور في الظهر وبقطع في الاربطة وكسر في الركبة وتمزق في الاخرى واسمحلي سيدي بهذه الرسالة الى قرائك وشعبك «ان اهلكم في غزة يتفحمون والناجون لا مأوى لهم ولا أكل ولا غطاء ولا دواء فساعدونا بأضعف الايمان واسهل الامكان... الدعاء».