يوم المرأة العالمي، اليوم العالمي للنساء، الثامن من مارس تاريخ دالّ بنفسه... دالّ بأنين الغبن وببسمة اليقين... اجيال من النساء أعلنت التمرد على تردي أوضعهن بدءا بمعامل الغزل و بمطالبتهن بحقهن في أجر معقول يوازي جهدهن إلى المطالبة بحق التصويت... وبين سؤال هل للمرأة والحيوان روح أصلا؟ ذاك السؤال الذي ساد في أوروبا خلال عهودها المظلمة، و بين السعي لقوانين تجم التحرش وتقنن وجود المرأة الاجتماعي والمهني والأسري... بين الأمس واليوم حقول قرنفل وأنين سياط ووخز رصاص.. بين أمس المرأة ويومها كانت الرحلة وبين يومها غدها يكون الحلم... حلمها سيادة البنفسج على الجباه واشراقة الربيع من المظلات التائهة... عندما بدأت الحركات النسوية في تونس أواخر السبعينيات الاحتفال بيوم المرأة العالمي بدت المبادرة لدى العقول الخالية من الزقزقات مستوردة ولاتعنينا... ولكن الشمعة جمعت إليها قناديلا وكانت مناسبة الثامن من مارس وخاصة مع تكون لجنة المرأة صلب الإتحاد العام التونسي للشغل فرصة لتدارس الشروط الخاصة بوجود المرأة الإجتماعي والمهني... كان الثامن من مارس فرصة لوضع البرنامج، فرصة للحراك النسوي، جمعت المناسبة إلى وهجها المتعاطفين والمساندين والحالمين و المعرقلين... حتى أصبحت تقليدا سارت على نهجه عديد الهياكل الرسمية وشبه الرسمية، صار الثامن من مارس مناسبة احتفالية تٌطلق فيها بلونات الزينة وتُرفع الشعارات ولكنها لم تعد مناسبة تتدعى إليها النساء من كل صوب وناحية... لم تترك العولمة الشرسة للنساء بابا ينفذن منه إلى الأعياد... المرأة تسرّح من شغلها كل يوم وتقبل بالأعمال المهينة ،المرأة تقبل بالأجر الأقل، المرأة يٌتحرش بها،المرأة تعمل ضمن شركات المناولة ،المرأة لاتصل لمواقع القرار، المرأة تُعنف، المرأة عاطلة عن العمل ومعطّلة عنه، المرأة تقاوم المرأة تُقصف وتكون ضحية النزاعات المسلحة ... تحت هذه اليافطات تحتفل نساء العالم ونساء تونس هذه السنة بيوم المرأة العالمي ...ترى ماذا كانت كلارا زتكين ستقول لو أنها استعادت الحياة يوما واحدا ؟ ستعبربالتأكيد شوارع نيويورك بقبعتها القشية وفستانها الطويل وهي تسأل عن موقع نُصع النجوم الذي ما فتئت تتخيل فيه المرأة ...لم تكن لتتصور مطلقا أنها ستجدنا بعد رحلتها ورحلة نظيرة زين الدين وهدى شعراوي وكتابات الطاهر الحداد وقاسم أمين... نعاني كوابيس العصر... كوابيس الردة وشيوخ الظلام، كوابيس الحجب والعودة للفضاءات المغلقة كوابيس الإنسحاب من الفضاءات العامة، كوابيس الفصل الجنسي، كوابيس التأويلات والفتاوى، كوابيس كوابيس ....... يجب أن نفيق من ظلام ليلنا ونتشبت جيدا بالصباح يجب أن نتعلم نحن النساء كيف نستند إلى أرضنا الصلبة والحفاظ على صباحنا حتى لا يستبد بنا الكابوس الكوني... علينا أن نقاوم وأن نكرّر بإستمرار نشيد الحرية، علينا أن نحلم بالإنسان، ذاك الطائر بجناحين لا يجوز مطلقا أن يظلّ أحدهما مكسورا... علينا أن نتمترس خلف الضوء ونمنعه من الإنسحاب حتى لا يحل الظلام... هل أكون أهذي ؟ هل أفقت من كابوسي الفضائي أم هو واقع النساء قد صار اليوم قريبا من الكابوس ؟لا...لا أنا أحلم بالتأكيد ...إني أكرّرأن سبيل النبع مازال طويلا...