لا أحد يمكن أن ينكرالدّور الطّلائعي والجوهري الذي يمكن أن تقوم به النقابة الأساسية في أي مجال عمل باعتبارها الأقرب للشّغيلة وباعتبارها الرّاصد لكلّ طموحات العمّال والموظفين بمشاغلهم كافة فهي التي تلفّ حولها الشغيلة كافة وذلك بجمع أكبر عدد من المنخرطين خاصّة وأنّها التشكيلة الأساسية في الاتحاد العام التونسي للشغل والممثلة له في جميع مواقع العمل من نفس المؤسسة والمعتمدية لدى اذا كان للنقابة الأساسية كلّ هذا الدور الطّلائعي فإنّ مهامها تبدو عسيرة وأشدّ صعوبة «في المسائل غير المناسباتية» فالمجازر الأخيرة الواقعة على غزّة أثبتت وجود حسّ وطني عارم لدى شعبنا ومدّ احتجاجي تضامني وقومي نحو أشقائنا في غزة، فأثناء هذه الحملات الشرسة من قبل الكيان الصهيوني التي استهدفت القضية العربية والفلسطينية خصوصا تتأجح همّة كل عربي وكل مواطن من عمّال وطلبة وشبيبة ومهما كانت درجة وعيهم للخروج في مسيرات وتشكيل مظاهرات للتنديد والتعبير عن غضبهم دون أن ننسى طبعا دور الأحزاب والنقابات والجمعيات في تأطير وهيكلة هذا المدّ الشعبي، ولكن كيف يمكن لهذا المدّ الشعبي ولهذا النضال أن يتواصل دون أن يكون مرتبطا بأحداث معيّنة أو متزامنا مع مناسبات لترتفع فيه شعارات كثيرة ثمّ ينفض المجلس وتنتهي الحكاية؟ إنّ الحريّة في القول والعمل والنضال النقابي للدّفاع عن حقوق العمّال في أي مجال لم تتأتّ الاّ بعد نضالات عدّة خاضها هؤلاء وتاريخ النضال النقابي في مجال التعليم الأساسي يشهد بأنّ هذه النقابة لم تجن مكاسبها ولا ماوصلت إليه من تحقيق مطالبها الاّ بالنضال والتفاف المعلّمين حول نقابتهم وإيمانهم بأنّ المطالب لا تأخذ جزافا بل تفتكّ.. مانشهده اليوم أنّ بعض النقابات الأساسية في التعليم الابتدائي لم تعد تقوم بدورها على أكمل وجه، إمّا لأسباب داخليّة أو ظرفيّة أو وخارجة عن نطاقها، المهم ان دور هذه النقابات أصبح يتضاءل شيئا فشيئا وأصبح الممثّلون لها مثلهم مثل سائر المعلمين متعطشين لمعرفة المعلومة من هنا وهناك وسط ضبابيات كثيرة وتعتيمات تهمّ سير شغلهم وعملهم اليومي خاصة وأنّهم أصحاب العلاقة المباشرة بالتلميذ وبالبيداغوجيا في حين أنّهم آخر من يعلم بما يجدّ على السّاحة التربوية ويتساءل المعلمّون بدهشة من الذي ينوبهم في الاستشارات التربويّة؟ هل هو سلك إداري ليست له أيّ علاقة بالقسم؟ لماذا لا يقع تشريكهم في قرارات تهمّهم كإنجاز مناظرة أو إلغائها؟ لماذا يعتبر المعلم محورا غائبا في العملية التربوية لا يصوغ ولا يقرّر ولا تقع استشارته ولا حتّى استفتاؤه؟ وإذا كان ممثلو النقابات الأساسية لا يجدون أجوبة شافية لزملائهم ويقفون غير قادرين على الدفاع عن منظمتهم أمام نهر من التساؤلات ينهال عليهم حول هذا الكمّ الهائل من التغييرات كلّما حلّ وزير جديد بالوزارة فكيف لهم أن يلّفوا حولهم سندا من القواعد للنضال عن حقوقهم اذا دعا الأمر؟ انّ هذه المحطّات هي التي يجب ان نتوقف عندها كثيرا حتّى لا تقع إعاقة المعلّمين من ممارسة مهامهم التربوية ممارسة كاملة وجعلهم أداة غير فاعلة وذلك بإسقاط تغييرات وبرامج لم يكونوا فاعلين فيها... هنا في رأيي تكمن أهمية العمل النقابي العمل المتواصل والدّؤوب لبحث كلّ الطّوارئ وكلّ ما يقع في الكواليس لكي لا نضطر يوما الى مجابهة لا نجد فيها سندا قاعديّا مستعدّا للنضال من أجل كرامته وحقّه في إبداء الرأي والقول... وهذا العمل لا يكون الاّ بتكثيف الاجتماعات وتنسيق النقابات مع هياكلها ونقاباتها الجهوية والعامّة من أجل خطّة عمل واضحة وحتّى لا يكون النّضال موسميّا مرتبطا بالأحداث ومتزامنا مع المناسبات وحتّى يكون للمعلّم دوره ونضمن له كرامته في التعبير عن كيانه ورأيه. سعاد نصر المدرسة الابتدائية عبد الرزاق الشرايبي