تنعى الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي والنقابة الأساسية الأساتذة كلية الآداب بمنوبة الأستاذ الجامعي والشاعر والمناضل الطاهر الهمامي الذي توفي يوم 2 ماي 2009 في إحدى المستشفيات الاسبانية حيث كان هناك في زيارة خاصة. ولد الفقيد بالعروسة من قرى الشمال الغربي في 25 مارس 1947 تحصل على الاستاذية في اللغة والآداب العربية في أوائل السبعينيات وعمل أستاذا بالتعليم الثانوي. بدأ حياته الاكاديمية بدراسة حول الشابي في نطاق شهادة الكفاءة في البحث بعنوان «كيف نعتبر الشابي مجددا» ثم اعد رسالة دكتوراه الحلقة الثالثة سنة 1993 حول حركة الطليعة الادبية عُين على اثرها استاذا مساعدا بكلية الاداب بمنوبة. ناقش يوم 8 جوان 1999 رسالة دكتوراه الدولة وكان موضوعها الشعر على الشعر وهي بحث في الشعرية العربية من منظور شعر الشعراء على شعرهم الى القرن الخامس الهجري ثم سُمي استاذا محاضرا بالجامعة التونسية ثم استاذا للتعليم العالي. وقد كان الطاهر الهمامي معروفا بتعاطفه مع النضال النقابي في الجامعة التونسية حيث شارك في كل التظاهرات والتحركات النقابية بما في ذلك الاضراب الاداري سنة 2005 وذلك ما كلفه حرمان وزير التعليم العالي له من التمديد في الاحالة على التقاعد رغم توفركل الشروط المعلنة فيه وتمسك الكلية به ولقد أبى الفقيد إلا ان يصون مصلحة طلبة الماجستير والدكتوراه الذي كان بصدد تأطيرهم إذ قضى كامل العطلة الصيفية متابعا لأبحاثهم كما تعامل الفقيد بكبرياء وتعال مع هذه المظلمة ونظم فيها قصيدة رائعة صدرت بالعدد 14 من نشرية الجامعي ومضمونها «الإقصاء على الهوية» والعبارة من عنده. يعتبر الطاهر الهمامي من الوجوه الجامعية والادبية البارزة في العشريات الاربع الاخيرة فهو من مؤسسي حركة الطليعة الادبية (1968 1972) وممثلي جناحها الشعري المعروف ب «غير العمودي والحرّ» نشر في خضم هذه الحركة الخصبة التي أوتها دار الثقافة ابن خلدون وقبو دار الثقافة ابن رشيق بيان الشعرالجديد تحت عنوان «كلمات بيانية في غير العمودي والحرّ» بين 1969 و1971. جنح الى اعتناق «الواقعية» في الثمانينيات ودافع في شعره عن ضحايا الاستغلال والعلاقات الاجتماعية الظالمة والتزم بالدفاع عن القضايا العادلة القومية منها والدولية وانتصر الى قيم الحداثة والعقلانية واشاد بقيم العقل في تراثنا من خلال دراستين حول ابن المقفع وابي العلاء. حظي أدبه بإهتمام الباحثين والنقاد العرب والاجانب وشكّل نصه على امتداد تجربته موضوع اختصام بين من تتنزل رؤيتهم ضمن الالتزام بقضايا محددة يحد من خصوبة الذات المبدعة. تناول الجامعيون شعره بالدرس أمثال توفيق بكار وحمادي صمود ومحمد صالح بن عمرومحمد لطفي اليوسفي ومصطفى الكيلاني وبوراوي عجينة وخالد الغريبي وشعبان بن بوبكر ويوسف ناوري باللسان العربي واندري رومان وجان فونتان وخوزيفينا دومولينيس وفرنندو بيرال كالفو وبيدرو مارتيناز مونتافز باللسانين الفرنسي والاسباني. شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات الدولية داخل الجامعات وخارجها حول قضايا النقد الادبي الحديث والقديم، والمسائل الثقافية والفكرية الراهنة، ودعي باستمرار الى المهرجانات الشعرية. كان الفقيد غزير الانتاج فبالإضافة الى بحوثه الاكاديمية والى دواوينه نشر عشرات المقالات في دوريات عربية كثيرة مثل حوليات الجامعة التونسية (تونس) والفكر (تونس) وأطروحات (تونس) والحياة الثقافية (تونس) ورحاب المعرفة (تونس) والموقف الادبي (سوريا) والقصيدة (الجزائر) وعمّان (الاردن) وعلامات (المغرب) واخبار الادب (مصر). حاورته ونشرت دراسات حول فنّه دوريات عربية مثل الفكر وإبلا الحياة الثقافية والاقلام والباحث والفصول الاربعة والتقدم والمجلة وكتابات معاصرة والموقف الادبي وعمّان. تُرجمت اشعاره الى الفرنسية والانجليزية والاسبانية والايطالية... وعنيت الدراسات النقدية والاكاديمية العربية وغيرالعربية بتجربته وتجربة جيله. هذا وقد وصل جثمان الفقيد يوم الجمعة على الساعة السادسة والنصف من مدريد وستُقام جنازته يوم السبت ببلدته العروسة. ملاحظة: نظرا لضيق المساحة سننشر في العدد اللاحق شهادات لأصدقاء الشاعر الطاهر الهمامي التي وصلتنا إبان وفاته.