هل تعتبر دائما النجومية في ضروب الفنون شهادة لا يرقى اليها الشك في ما بلغه الفاعل الثقافي من درجات عالية في التميز والابداع. أم أن صناعة النجوم اليوم لا تستند من حيث الاصل الى درجة التميز والابداع بقدر ما تخضع لحاجيات السوق الاستهلاكية المتشكلة ضمن بنى ذوقية ساهمت فيها الرداءة بجميع أساليبها، ثم ألا تعتبر مقاييس التميز والابداع في ضروب الفنون تحديدا غير قابلة من الاساس الى معايير العلم والدقة الموضوعية في زمن هيمنة عليه أبرز مقولات السوق»دعه يعمل دعه يمرّ» واخيرا ألا تؤثث هذه المقولة الى واقع قد تسوده الفوضى والانتصاب الفوضوي الملغيان ابدا للقوانين وللحقوق؟ في هذا السياق من الأسئلة الحارقة يصبح الفن بما هو اضافة على الطبيعة مهددا في جوهر رسالته المجتمعية والحضارية تماما كما تبدو حقوق المجتمع مهددة في حقها في الثقافة والمعرفة والابداع. ولعلني في هذا السياق سأتعرض الى تجربة الفنان أحمد الماجري خريج المعهد الوطني للموسيقى سنة 1990 ، هذا الموسيقي الذي شق طريقه مسنودا بمحصلة موسيقية علمية وبذائقة فنية معبأة بقدرة عالية على التميز في اطار رؤية انطباعية للواقع والفعل أراها جديرة بالتشجيع والمؤازرة. فبقدر ما يتحصن الموسيقي أحمد الماجري بدرجة علمية في الموسيقى في اختصاص القيتارة تحديدا بقدر ما يحرص على التطور على مستوى التلحين والغناء على حد السواء. ورغم أن تجربته لا تزال غضة من حيث الرصيد الموسيقي والغنائي، إلا أن هذه التجربة بما هي ملامح عامة عن هويته الفنية المخصوصة قد تتشكل بأكبر وضوحا مع استمرارية المحاولة والتعبير بضرورية الثقافية والموسيقية الى ان تحقق ذاتها في سياقات نتاجات الفن على الصعيد الوطني والعالمي.إن خصوصية صوت أحمد الماجري الذي يحيلنا الى نبرات الجنوب كلما غنى الثوب الافريقي والى نبرات الشمال كلما عنت باقات الغرب والى تأصل الكيان كلما حاول التفاعل مع الشعر الحديث. وعلى ندرة محاولاته كلها يبدو الفنان أحمد الماجري مقيد بضغوطات النجاح المستوجبة أبدا فضاءات أوسع وامكانيات أكبر، ومن هنا تطرح طبيعة العلاقة بين الفنان والمجتمع أو علاقة الفنان بالمؤسسات... ولئن استطاع أحمد الماجري ان يطل على المجتمع بخصوصياته الفنية من خلال وسائل الاعلام وفضاءات بعض المهرجانات، فإنه بدأ يتلمس طريقا ويمر في النفاذ الى خارج حدود الوطن من خلال عروضه بالسينغال أو بلبنان أو فرنسا أو بلجيكا وقريبا بألمانيا. إن الموسيقى بما هي لغة عالمية سبقت كل محاولات الغاء الحدود القادرة على الدوام على فك الارتباط وتجاوز المعوقات كلما تحصنت من الرداءة وعبأت رسالتها بمضامين الفن السامي الذي يفتك الانسان من ذاته ليضعه في مناخات يغيب فيها عنف الواقع ومخاتلات الماكرين حتى وان كان هذا الفن ذاته غير قادر على التخلص من عنف الواقع ومن مخاتلات الماكرين. فإنه يسكن وجدان البشر ويخاطب عقولهم ويحفز همهم على غرار ما غنى المرسيقى أحمد الماجري مؤخرا او هو ما يتدرج ضمن الخلود. عربي نعيش، عربي نموت صامد شعبي رغم الموت دايم عزك يا بيروت غالي ترابي لا ما يهون وطني العالم وطني الكون مهما يهدوا مهما يكون يطلع منا يغني الصوت دايم عزك يا بيروت .